متابعات-
خرج الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، مستشار ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد، والرجل المقرب منه عن صمته فيما يخص الأزمة مع أمريكا وتحديدا إدارة بايدن. كاشفا تفاصيل هذه الأزمة ومترحما على أيام الرئيس السابق دونالد ترامب.
وفي مقال له عبر منصة "مفكرو الإمارات" التابعة لـ"مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، أكد عبدالخالق عبدالله، أن علاقة الإمارات بأمريكا تواجه صعوبات لم تواجهها منذ 50 عاماً. وقد تتجه إلى المزيد من التباعد، حسب وصفه.
وقال في المقال، قال عبدالله إنه خلال سنة واحدة من إدارة جو بايدن الرئيس الأمريكي، حدَث تراجع غير مسبوق في العلاقات الإماراتية-الأمريكية.
وتابع أنه حاليا سوء الفهم في أعلى مستوياته، والثقة في أدنى مستوياتها، والاستياء المتبادل أصبح معلناً.
ولفت مستشار ابن زايد إلى أنه قبل سنة كانت الشراكة بين دولة الإمارات وأمريكا في عز قوتها ـ يقصد أيام حكم الرئيس السابق دونالد ترامب ـ وكانتا في طريقهما إلى مستوىً جديد من الشراكة الاستراتيجية العميقة. ثم فجأةً حدَث ما حدَث من انتكاسة وتباعُد غير متوقع.
في نبرة عتاب لبايدن
وتابع: "لقد استثمرت دولة الإمارات كثيراً في علاقاتها مع واشنطن في الثلاثين سنة الماضية. فكانت خلالها تعطي بقَدْر ما تأخذ، وتستفيد بقَدْر ما تُفيد، وحريصة كل الحرص على تقوية العلاقة، وتعميق الثقة، وترسيخ المنافع المتبادلة."
موضحا أن الإمارات أرادت أن تقوي التفاهم السياسي مع الشريك الأمريكي عن طريق الاتفاق الإبراهيمي. كما كانت تخطط لترسيخ التعاون العسكري والاستراتيجي عبر صفقة طائرات "إف-35" لأجيال مقبلة.
وقال مستشار ابن زايد معاتبا إدارة بايدن، إن الإمارات خصصت الجزء الأكبر من استثمارات صناديقها السيادية الضخمة في الأسواق الأمريكية، دون الآسيوية والأوروبية. وحرصت على زيادة حجم التبادل التجاري مع واشنطن. لتكون الشريك التجاري الأول، ولم تكتفِ بترتيبها شريكاً تجاريّاً ثالثاً بعد الصين والهند.
لكن إدارة بايدن ـ بحسبه ـ لم تُحسِن التصرف ولم تُقدّر ما تقوم به دولة الإمارات. واستسلمت لاعتبارات انتقامية وانتخابية آنيّة. حسب قوله.
وتابع عبدالخالق عبدالله سرد الأسباب التي أدت لتوتر العلاقات بين الإمارات وأمريكا. وقال إن إدارة بايدن لم تقدر "الاتفاق الإبراهيمي" برغم أهميته التاريخية، ولم تمنحه الاهتمام الذي يستحق، كما تلكَّأت في إتمام صفقة طائرات "إف-35" بقيمة 23 مليار دولار لأسباب واهية.
وفضلًا عن ذلك ـ بحسب الأكاديمي الإماراتي ـ لم تُظهِر واشنطن التقدير لتعاون دولة الإمارات السياسي والإنساني والعسكري في أثناء انسحابها المتخبّط من أفغانستان.
الحرب في اليمن
ثم اتخذت واشنطن موقف المتفرج عن بُعد خلال هجوم الحوثيين، ما أخلَّ ببنود الشراكة والصداقة. لتؤكد أنها شريك لا يمكن الاعتماد عليه في وقت الأزمات، يقول مستشار ابن زايد.
واعتبر الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، في مقاله أن كل ذلك جاء مخيباً للآمال. وخارج ما توقعته أبوظبي من واشنطن.
وتابع أنه مما زاد الطين بلة اعتراض إدارة بايدن على قرارات إماراتية سيادية، مثل استقبال الرئيس السوري بشار الأسد، وزيارة وزير خارجيتها لموسكو. وممارسة الضغط على أبوظبي لزيارة إنتاجها من النفط خارج سياق اتفاق "أوبك".
موضحا:"وهي تدرك سلفاً أن هذا طلب عسير لا يمكن تحقيقه. كما ذهبت إدارة بايدن أبعد من ذلك لتسرّب معلومات مسيئة عن علاقات الإمارات مع الصين."
وشدد مستشار ابن زايد على أنه في ظل هذه المعطيات. من حق دولة الإمارات "أن تشعر باستياء مضاعف من شريك أمريكي متقلّب، ولا يتم الاعتماد على التزاماته. في وقت تبحث فيه الدولة عن الاستقرار في العلاقات مع الإدارة الامريكية."
تهديد للإدارة الأمريكية
وفي تهديد غير مباشر لإدارة بايدين، قال عبدالله:"يأتي كل ذلك في وقت لم تعُدْ فيه أمريكا القوة الوحيدة العظمى في العالم. ما دفع دولة الإمارات وغيرها من الدول إلى تنويع الشركاء. وعدم الاعتماد كليًّا على شريك استراتيجي واحد، وعدم الاكتفاء بمصدر واحد للسلاح يضع قيوداً سياسية غير معقولة وغير مقبولة."
واختتم عبدالخالق عبدالله، مقاله بالتشديد على أن علاقة الإمارات بالشريك الأمريكي على المحك. وعلى مفترق طرق، وتواجه صعوبات لم تواجهها منذ 50 سنة. وقد تتجه إلى مزيد من التباعد، بدلًا من التقارب.
وتابع:"من المؤكَّد أن مهمة إصلاح سوء الفهم تقع على عاتق إدارة بايدن التي قد تكون على وشك خسارة شريك إقليمي يزداد ثقةً بنفسه. ويزداد حضوراً إقليميّاً وعالميّاً، ولا يزال حريصاً على تقوية علاقته بواشنطن."