علاقات » اميركي

عاملان حاسمان لبايدن منحا بن سلمان كل ما يريده.. ما القصة؟

في 2022/06/01

متابعات-

"عاملان حاسمان بالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن لزيارة السعودية، ستجعل ولي عهدها الأمير الشاب محمد بن سلمان، يحصل على كل ما يريده".. هكذا يتحدث الكاتب السياسي الأمريكي "ديفيد إجناطيوس"، في مقال بصحيفة "واشنطن بوست"، حين أشار إلى أن زيارة "بايدن" للسعودية، المقررة في نهاية يونيو/حزيران، تمثل "السياسة الواقعية" وهي السياسة التي "تستند إلى القوة بدلاً من المُثُل أو المبادئ".

ويعتزم "بايدن" زيارة الرياض بعد توقف في إسرائيل للقاء رئيس الوزراء "نفتالي بينيت".

وأثناء وجوده في السعودية، التي تستضيف مجلس التعاون الخليجي هذا العام، من المرجح أن يلتقي الرئيس بقادة دول عربية صديقة أخرى، مثل الإمارات والبحرين وقطر.

"لكن المحور العاطفي سيكون مصافحة بايدن لبن سلمان"، رغم الانتقادات التي وجهت للأخير، بعد تقرير للمخابرات الأمريكية، كشف ما قيل إنه تفويض من الأمير بقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

ويرجع الكاتب ذلك إلى أسباب وصفها بأنها تمثل "تحولا" في الموقف الأمريكي، ويضيف: "من المحتمل أن يحكم الأمير الشاب السعودية لعقود، ولدى الولايات المتحدة مصالح أمنية ومالية في الحفاظ على شراكتها الطويلة مع المملكة الحليفة في جهد مشترك لاحتواء أعمال إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة".

كما أن هناك عاملين إضافيين حاسمين بالنسبة للبيت الأبيض في عهد "بايدن"، حسب "إجناطيوس"، الأول هو الحرب في أوكرانيا، وحاجة "بايدن" إلى المساعدة السعودية في حماية سوق النفط.

والعامل الثاني هو رغبة إسرائيل القوية في أن يقوم "بايدن" بتطبيع علاقاتها مع "بن سلمان" والمملكة كجزء من إعادة تنظيم واسعة النطاق تختصر "اتفاقات إبراهيم".

وينقل "إجناطيوس"، عن مسؤول إسرائيلي كبير (لم يذكر اسمه) قوله: "نعتقد أن السعودية لاعب مهم في المنطقة وخارجها".

ويضيف: "ندعم بشدة توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية في سياق تحقيق الاستقرار في المنطقة واحتواء إيران وتطبيع العلاقات مع إسرائيل وتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة".

ويرجح "إجناطيوس"، أن يكون الناتج الرئيسي للزيارة هو اتفاق سعودي إسرائيلي رسمي للسماح بتحليق الطيران المدني الإسرائيلي فوق المملكة.

ويقول إن الدفع الإسرائيلي القوي للتقارب بين الولايات المتحدة والسعودية أمر بالغ الأهمية من الناحية السياسية، ذلك لأن السعودية لديها اليوم عدد قليل من المؤيدين السياسيين في واشنطن.

ويزيد: "على الرغم من عقود من الضغط، أحرقت المملكة تدريجيا جسورها مع الجمهوريين والديمقراطيين، على حد سواء، وفيما بدا أن الرئيس دونالد ترامب يعيد إحياء الصداقة، لكن ذلك لم يكن قاعدة صلبة".

وزار رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون"، والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون"، ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، في المملكة، ويقول الكاتب إنهم "شجعوا بايدن على أن يفعل الشيء نفسه".

وتجاهل "بايدن" ولي العهد السعودي عدة أشهر، ورفض العام الماضي إجراء مكالمة هاتفية ودية أرادها "بن سلمان".

مع هذا يعتقد الكاتب أن "بايدن" كان مستعدا للمصافحة في قمة مجموعة العشرين في روما في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن "بن سلمان" لم يحضر، ما جنب "بايدن" لحظة "محرجة".

ويقول "إجناطيوس"، إن "من الناحية المثالية من وجهة نظر واشنطن، يمكن أن تنتج الزيارة انفصال المملكة عن روسيا في مجموعة منتجي "أوبك+، وتوافق على إنتاج المزيد من النفط ودعم زيادة مماثلة في الإنتاج من قبل الإمارات العربية المتحدة".

ومن شأن ذلك أن يخفف من أسعار النفط، ويعزز الاقتصاد العالمي، ويقوض نفوذ روسيا دفعة في وقت واحد، ما يمنح "بايدن" دفعة يحتاجها بشدة.

كما أن حرب اليمن، التي ربما تكون "الخطأ الأكثر دموية" الذي ارتكبه "بن سلمان"، آخذة في التراجع، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة، بحسب الكاتب.

ولكن فيما يتعلق بأي مساءلة ذات مغزى من "بن سلمان"، بشأن وفاة "خاشقجي" أو غيرها من قضايا حقوق الإنسان المهمة، من المرجح أن يخرج "بايدن" "خالي الوفاض"، وفق ما يعتقده الكاتب.

وساءت العلاقات منذ وصول "بايدن" في يناير/كانون الثاني 2021 إلى البيت الأبيض، بعدما تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل السعودية دولة "منبوذة"، على خلفية قضايا بينها سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، ومقتل "خاشقجي" وحرب اليمن.

وركز "بايدن" في بداية ولايته على قضايا حقوق الإنسان في السعودية وفي أجزاء أخرى من العالم، لكن المحلل السياسي في معهد هدسون، في العاصمة الأمريكية واشنطن، "ريتشارد وايتز"، يتوقع أن يتغير ذلك.

ويقول "وايتز" إن إدارة "بايدن" لن تشدد على قضايا حقوق الإنسان في الوقت الراهن، لأن واشنطن تركز حاليا، في السعي لتحسين علاقاتها مع السعودية، على الرفع من صادرات الطاقة وأن تقلص الرياض مشترياتها من الأسلحة الروسية.

ومن الواضح، بحسب "إجناطيوس"، أن "بن سلمان" خلص إلى أن أي تنازلات أكبر سينظر إليها في الداخل على أنها علامة على الضعف، وهي غير ضرورية.

ويختم  "إجناطيوس" بالقول: "للسياسة الواقعية مكانتها في السياسة الخارجية، ولكن عدم المساءلة تشكل مأساة دائمة"، مضيفا: "بعبارات بسيطة، أفلت بن سلمان".