علاقات » اميركي

هل دخلت التوتّرات الأمريكيّة السعودية إلى مرحلة "التّطبيع مقابل السلام"!

في 2022/06/09

(أحمد شوقي\ راصد الخليج)

لو صحّت تقارير صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، بخصوص تسارع وتيرة التّطبيع بين السعودية والعدو الإسرائيلي، فإنّ هناك كارثة مجتمعيّة سعودية وعربية بشكلٍ عام.

وهنا نقول أنّها كارثة مجتمعيّة بسبب فقرة وردت بالتّقرير تقول أنّ المملكة استطلعت آراء مواطنيها وخصوصًا الشّباب، ولاحظت "تغيّرًا كبيرًا" باتّجاه دعم إقامة علاقات مع "اسرائيل".

كان وزير الخارجية السعودية، فيصل بن فرحان، قال قبل نحو أسبوعين، إنّ "الرؤية السعودية تقول إنّ التطبيع سيحصل في نهاية المطاف"، لافتًا إلى أنّ "التّطبيع سيجلب فوائد جمّة للجميع".

ورغم تشديده على أنّه لا يمكن أن يحدث أي اتّفاق مع "إسرائيل" من دون حلّ القضيّة الفلسطينيّة، إلّا أنّ هذا الشرط المستهلك لم يثني الامارات أو المغرب أو أي دولة أعلنت التطبيع.

ويؤكّد ذلك ما أشارت إليه صحيفة "وول ستريت جورنال"، حيث رصدت سلسلة من الخطوات السياسية والعسكرية والاقتصادية السرية، يمكن أن تسرّع جهود البناء الطويلة بين الرياض وتل أبيب، بحسب "أشخاص مشاركين في تلك الجهود".

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، قال الأسبوع الماضي إنّه يعتقد أنّ "من الممكن أن تكون هناك عملية تطبيع مع المملكة العربية السعودية"، مؤكّدًا: "هذا يصبّ في مصلحتنا".

كما أنّ الصحيفة أوردت معلومات تؤكّد وجاهة التقارير وتعزّز صحّتها، حيث قالت إنّ مسؤولين أمريكيين حذّروا السعودية من أنّها تخاطر بخسارة الصّفقات الاقتصادية والأمنية لصالح الإمارات العربية المتّحدة والبحرين، وهما دولتان تتحرّكان بسرعة للاستفادة من علاقاتهما الجديدة مع "إسرائيل".

ويبدو أنّ الأمر ليس خلافيًا داخل المملكة ولا علاقة له بأجيال الحكم، أو بأنّ التطبيع هو خيار لولي العهد دون موافقة من الملك، حيث نقلت صحيفة "جيروزالم بوست" الإسرائيلية عن جوزيف ويستفال، سفير الولايات المتّحدة الأسبق لدى السعودية، قوله إنّه نقل رسالة من الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حين انتخابه، قال فيها إنّ السعودية "تؤمن بحقّ إسرائيل في الوجود، وتعتقد أنّه من المهمّ العمل من أجل دولة فلسطينية".

ولمن يقول أنّه لا ينبغي التّعويل على الصحافة الصهيونيّة، فعلى المملكة أن تنفي وقائع أصحابها موجودون ومصدرها معلوم وليس مصدرًا مجهولاً، بل هو سفير سابق!!

كلّ ما سبق له شواهد وتسريبات وتقارير متواترة تؤيده، إلّا أنّ الكارثة الحقيقية، هي أن يكون الشباب السعودي قد تغيّرت ثوابته، وجاءت استطلاعات الرأي كما أوردتها الصحيفة الأمريكية.

وعلى جانب آخر،  كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" وثائق قضائية تُفيد بأنّ الجنرال الأميركي المتقاعد "جون آلن" الذي كان شغل منصب قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي خلال حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما كان قد تلقّى مبالغ مالية من الحكومة القطرية مقابل العمل لصالح الأخيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أنَّه بحسب الوثائق القضائيّة فإنّ "آلن" الذي يرأس حالياً معهد "بروكينغز" كذب على المحقّقين حول دوره وحاول كذلك إخفاء الأدلّة.

اللّافت أنّ الصحيفة قالت إنَّ الوثائق القضائية هذه هي الأدلة الأحدث على تحقيق موسّع تجريه وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي الـ "أف.بي.آي"، حول النّفوذ الذي تتمتّع به دول عربية مثل: قطر والامارات والسعودية في واشنطن.

ولفتت الصحيفة إلى أنَّ المحقّقين الفدراليين يركّزون على الانتهاكات المحتملة التي لدى دول الخليج دورٌ فيها، وهو ما يشي بأنّ ملفات الخليج عامّة قد فتحت بقوة في أمريكا، وربما هي ورقة ابتزاز لتسريع وتيرة التطبيع في مقابل تنازلات أمريكية عن جرائم أو فضائح محتملة.

يبدو أنّ عقود العسل الأمريكية الخليجية أوشكت على الانتهاء، وأنّ عنوانًا جديدًا يتمّ صياغته لطبيعة العلاقات وهو مناقض تمامًا لفلسفة اتّفاقية كوينسي الحاكمة للعلاقات في العقود الماضية.