علاقات » اميركي

تحول جذري.. ما الذي سيناقشه بايدن خلال وجوده في الرياض؟

في 2022/06/17

أشرف كمال - الخليج أونلاين-

بعد أسابيع من التكهنات والتصريحات المتضاربة، أعلن الديوان الملكي السعودي أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيزور الرياض، منتصف يوليو المقبل، تلبية لدعوة الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي زيارة تمثل تحولاً في العلاقات بين البلدين.

وقال الديوان الملكي في بيان (الثلاثاء 14 يونيو 2022) إن الرئيس الأمريكي سيجري زيارة رسمية إلى المملكة، يومي 15 و16 يوليو المقبل؛ بهدف تعزيز العلاقات التاريخية والشراكة الاستراتيجية المتميزة بين البلدين، والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة.

وسيلتقي بايدن خلال الزيارة الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لبحث أوجه التعاون بين البلدين الصديقين، ومناقشة سُبل مواجهة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم. 

ويتضمن جدول الزيارة في يومها الثاني حضور بايدن قمة مشتركة دعا إليها الملك سلمان قادة دول مجلس التعاون، وملك الأردن، والرئيس المصري، ورئيس الحكومة العراقية.

يأتي ذلك في وقت أكدت فيه الولايات المتحدة أنها تعمل مع الشركاء وفي مقدمتهم السعودية لإنهاء حرب اليمن والتوصل لحل سياسي ينهي معاناة اليمنيين، وقالت إن الرياض أدت دوراً مسؤولاً في تمديد الهدنة الجارية حالياً.

ويحمل التأكيد الأمريكي حول إعادة ضبط العلاقات مع السعودية تغيراً كبيراً في سياسة بايدن تجاه الرياض، خاصة أنه وعد خلال حملته الانتخابية بـ"نبذ" المملكة نتيجة مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول.

فقد قررت الولايات المتحدة، وفق تصريح وزير خارجيتها أنتوني بلينكن (الجمعة 10 يونيو) "ضبط العلاقات" مع الرياض، معتبراً أن علاقاتهما "مهمة للغاية في حل الأزمة اليمنية".

وبيّن أن شراكة مهمة جداً تربط الولايات المتحدة بالمملكة، وأن هذه الشراكة تشمل العديد من الجوانب، ومن ضمن ذلك مكافحة التطرف والتعامل مع إيران، موضحاً أن "القرار الأمريكي يهدف لتأكيد أن العلاقة بين البلدين تحقق المصالح المشتركة لهما بشكل أفضل".

ويريد بايدن من إعادة ضبط العلاقات مع السعودية تخفيف أزمة نقص إنتاج النفط التي تسببت بها الحرب الروسية الأوكرانية، وإحياء الجهود السلمية في المنطقة.

ملف الطاقة على طاولة المباحثات

وفقاً لتصريحات أدلى بها المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي (الثلاثاء 14 يونيو 2022)، فإن بايدن سيناقش خلال الجولة التي تشمل أيضاً "إسرائيل" إنتاج الطاقة.

وقال كيربي لقناة "إم.إس.إن.بي.سي" الأمريكية: "سيكون إنتاج النفط جزءاً من تلك المناقشة"، مشيراً إلى قرار تحالف "أوبك+" الأخير بتعزيز الإنتاج.

وأضاف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أن الرحلة "تأتي في سياق أجندة مهمة مع السعودية وإسرائيل ودول الشرق الأوسط الأخرى"، وأنها "ستركز على إحراز نتائج للشعب الأمريكي، وإنهاء الحروب من خلال الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة".

ووفقاً لوكالة "رويترز"، سيشارك بايدن في قمة افتراضية مع قادة مجموعة "I2-U2" التي تضم الهند و"إسرائيل" والإمارات والولايات المتحدة خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، الشهر المقبل.

وقال مسؤول أمريكي رفيع للصحفيين (الثلاثاء 14 يونيو 2022): إن القمة ستشهد "محادثات تتناول أزمة الأمن الغذائي وغيرها من مجالات التعاون عبر نصف الكرة الأرضية".

شراكة استراتيجية

وفي 8 يونيو 2022، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، إن السعودية شريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية على مدى 8 عقود.

ولفتت في تصريحات إلى أن "جميع الرؤساء الأمريكيين منذ فرانكلين روزفلت التقوا بالقادة السعوديين، وأن بايدن يعتبر السعودية شريكاً مهماً بمجموعة من الاستراتيجيات الإقليمية والعالمية، بما في ذلك جهود إنهاء الحرب في اليمن، واحتواء إيران ومكافحة الإرهاب.

وأضافت: "كما أكدت سابقاً، فإن الرئيس سيلتقي بأي قائد إذا كان اللقاء يخدم مصالح الشعب الأمريكي، لأن هذا ما يعتبره أولوية. الرئيس يعتقد أن الانخراط مع القادة السعوديين يخدم وبوضوح هذه الغاية، كما اعتقد كل الرؤساء السابقين".

أزمة إيران

ورغم حالة الجدل الدائرة بشأن الأهداف الجوهرية من الزيارة، فإن ملف إيران سيكون حاضراً بلا شك خلال وجود بايدن في المنطقة، خصوصاً أن مفاوضات فيينا الرامية لإحياء اتفاق 2015 النووي تقف على حافة الفشل.

وكان بايدن أكد مراراً أنه يفضل الدبلوماسية في التعامل مع إيران، لكنه أكد أيضاً أنه لن يسمح لها بامتلاك سلاح نووي، وأن الولايات المتحدة ستواصل الدفاع عن حلفائها.

وفي نوفمبر 2021، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن واشنطن تبحث مع الحلفاء كيفية التعامل مع طهران في حال لم يُتوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي، وقال إن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع هذا الأمر.

كما قال دانييل بنايم، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى، في لقاء مع قناة "الحرة"، في نوفمبر 2021، إن هناك استراتيجية أمريكية للتعامل مع الملف الإيراني بما يعالج مخاوف الحلفاء في المنطقة.

وقال بنايم آنذاك، إن العمل يجري على تأسيس تحالف إقليمي بزعامة الولايات المتحدة لمواجهة أي تهديدات إيرانية محتملة لحلفاء واشنطن في المنطقة.

كما تأتي زيارة بايدن للمنطقة في وقت يعمل فيه المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ على تثبيت هدنة اليمن المستمرة منذ مطلع أبريل 2022، وتحويلها إلى أساس لوقف دائم للقتال.

زيارة مهمة بعد فتور

المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي قال لـ"الخليج أونلاين"، إن زيارة بايدن المرتقبة للمملكة تعتبر أكثر الزيارات إثارة ومتابعة منذ بدء العلاقات السعودية الأمريكية قبل 8 عقود؛ لكونها تأتي بعد مرحلة من الفتور كادت تصل بالعلاقات إلى مرحلة التدهور.

وأضاف آل عاتي أن الزيارة تحظى بأهمية خاصة لأنها تعكس أهمية المملكة والدور المحوري الذي تؤديه في المنطقة؛ لأنها البلد العربي الوحيد الذي سيزوره بايدن خلال وجوده بالمنطقة.

كما أن اللقاء الذي سيجمع بايدن بالعاهل السعودي وولي عهده يعكس إدراك قادة البلدين لحجم التحديات المشتركة وأهمية زيادة التنسيق إلى أعلى مستوياته، بحسب المحلل السعودي.

وأضاف آل عاتي: "من المؤكد أن العالم ينظر إلى العلاقات السعودية الأمريكية كمرتكز أساسي لتعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم، لما يُشكله البلدان من دور محوري في جهود تعزيز الأمن والسلم الدوليين انطلاقاً من مكانتهما السياسية والأمنية والاقتصادية وعضويتهما في مجموعة الـG20".

أما عن القمة التي ستعقد في السعودية ويشارك فيها قادة المنطقة فستتناول برأي آل عاتي: "أهمية جعل منطقة الشرق الأوسط خالية تماماً من أسلحة الدمار الشامل، وأن يضمن أي اتفاق نووي مع إيران عدم تمكنها من إنتاج قنبلة نووية". 

كما ستناقش القمة، يضيف المحلل السعودي، تحقيق أمن واستقرار اليمن، وجهود الحل السياسي، وإنهاء العمليات العسكرية من خلال ما تضمنته مخرجات اتفاق الرياض، وتسليم السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي لتخطي الأزمة الحالية وعودة الأمور إلى نصابها. 

ويرى آل عاتي أن القمة ستتناول أيضاً مكافحة التطرف والإرهاب ودحر التنظيمات الإرهابية وتحييد خطرها على أمن واستقرار المنطقة، ودعم جهود مكافحة التغير المناخي، إضافة إلى ملف الطاقة وضمان استمرار إمدادات السوق وفقاً لمصالح المنتج والمستهلك على حد سواء.

يشار إلى أن هذه هي الجولة الأولى التي يجريها بايدن للمنطقة منذ توليه السلطة، مطلع 2021، وستشمل أيضاً "إسرائيل" والضفة الغربية المحتلة.