علاقات » اميركي

ماذا يعني فتح الأجواء السعودية أمام جميع الناقلات؟

في 2022/07/15

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

استرعى ملف فتح الأجواء السعودية أمام جميع الطائرات وترحيب الرئيس الأمريكي بهذه الخطوة اهتماماً كبيراً من قبل الإعلام الدولي، وأفردت وكالات الأنباء حيزاً كبيراً لتناوله وتحليله.

ذهب العديد إلى اعتبار انطلاق طائرة بايدن من "إسرائيل" في رحلة مباشرة إلى السعودية خطوة رمزية ومقدمة للتطبيع بين المملكة و"إسرائيل"، في وقتٍ يرى فيه السعوديون أن خطوة فتح الأجواء تأتي ضمن اتفاقيات دولية، ولا تعني بالضرورة التطبيع مع "تل أبيب".

ولم تهاجم الرياض اتفاقيات التطبيع التي وقعت خلال العامين الماضيين بين كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب من جهة، و"إسرائيل" من جهة ثانية؛ بل سمحت المملكة للرحلات الجوية المباشرة بين الإمارات والبحرين و"إسرائيل" بعبور أجوائها.

خطوة سعودية

في خطوة وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتاريخية، أعلنت السعودية، 15 يوليو 2022، فتح أجوائها "لجميع الناقلات الجوية"، حيث ذكرت هيئة الطيران المدني السعوديّة، في بيان على "تويتر"، أنها قررت "فتح أجواء المملكة لجميع الناقلات الجوية" التي تستوفي متطلبات عبور أجواء البلاد.

ويرفع هذا الإعلان فعلياً قيود تحليق الطائرات من "إسرائيل" وإليها.

وأشارت هيئة الطيران المدني إلى أن هذا القرار جاء "استكمالاً للجهود الرامية لترسيخ مكانة المملكة كمنصة عالمية تربط القارات الثلاث، وتعزيزاً للربط الجوّي الدولي".

ورحب الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ"القرار التاريخي" المتمثل بفتح المجال الجوي السعودي أمام "جميع الناقلات الجوّية".

وقال جيك سوليفان، مستشار بايدن لشؤون الأمن القومي، في بيان: إن الرئيس الأمريكي "يرحب بالقرار التاريخي لقادة السعودية فتح مجالهم الجوي أمام جميع الناقلات الجوية المدنيّة بلا تمييز"، ومن ضمنها "الرحلات الجوية من إسرائيل وإليها".

وأشار سوليفان إلى أن "هذا القرار هو نتيجة دبلوماسية الرئيس (بايدن) الحثيثة والمبدئية مع السعودية على مدى أشهر عدة، والتي تُتوج بزيارته اليوم" إلى المملكة.

وأوضح أن الرئيس الأمريكي، الذي يصل إلى السعودية في وقتٍ لاحق الجمعة، في إطار أول جولة له في الشرق الأوسط، "سيكون لديه المزيد ليقوله" بشأن هذا القرار.

إسرائيل وأهمية القرار

الحكومة الإسرائيلية على لسان رئيسها يائير لابيد رحب بإعلان السعودية فتح مجالها الجوي لجميع الطائرات، وأكد أن هذا الإعلان يعني فتح الأجواء السعودية أمام الطائرات الإسرائيلية.

وقال لابيد إنه "بعد طريق طويلة وسرية، ودبلوماسية مكثفة بين السعودية والولايات المتحدة، نستيقظ على بشرى مفرحة"، مشدداً على أن هذا الإعلان هو خطوة أولى نحو تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية.

وأضاف لابيد، في ما بدا أنه دعاية في ظل انتخابات الكنيست القريبة، أنه "سبق هذا القرار (السعودي) التوقيع على إعلان القدس وتعميق الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل، ومكافحة النووي الإيراني، وتعميق التطبيع وخطوات اتفاقيات أبراهام وقمة النقب".

وجاء الإعلان السعودي مع ما كشفته الوكالة الفرنسية من عدم وجود أي اعتراض لدى "إسرائيل" لنقل جزيرتي "تيران وصنافير" المصريتين إلى السعودية.

كما نقل موقع "والا" الإسرائيلي أن الاتفاقية حول تيران وصنافير ستكون مرتبطة بإبرام اتفاقية منفصلة بين الولايات المتحدة والسعودية بشأن السماح لشركات الطيران الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية إلى الشرق، وخاصة إلى الهند والصين، وإطلاق رحلات طيران عارض مباشرة (شارتر) من "إسرائيل" إلى السعودية للمسلمين، خلال موسم الحج.

مصالح وأمن السعودية

يشير الباحث والمستشار في الشؤون الأمنية السعودي محمد الهذلي إلى عدم وجود "أي تحضير لأي شيء"، مؤكداً أن بلاده "موقفها ثابت، وقرارها واضح ومن فوق الطاولة لا يتأثر بهاشتاغ".

ويضيف في تغريدة له: "إذا ما قُدر للعلاقة بين السعودية و(إسرائيل) أن تكون فسيكون ذلك معلناً ووفق مصالحنا وأمننا القومي ومصالح المنطقة. نحن نملك الشجاعة في إعلان ذلك".

ويرى أن قرار إعلان فتح الأجواء "قرار موفق وحكيم"، مضيفاً: "نحن في الطريق الصحيح نبحث عن مصالحنا ومكتسباتنا السياسية والاقتصادية بعيداً عن الشعارات القومية".

وخلص في ختام تعليقه بالقول: "نحن دولة سلام، وأرضنا مترامية الأطراف، تمر عليها جميع دول العالم، ونحن نملك سيادتنا".

أما عضو مجلس الشورى السعودي فضل البوعينين فيشير إلى أن تحول المملكة إلى منصة ربط جوي بين القارات الثلاث مستفيدة من موقعها الاستراتيجي "يتطلب فتح الأجواء لجميع الناقلات الجوية دون تمييز ووفق الأنظمة الدولية".

ويؤكد أن قرار فتح الأجواء الذي أعلن "جاء متوافقاً مع استثمار المقومات الاقتصادية المتاحة، ومنها الموقع الاستراتيجي"، مضيفاً: "المصالح الوطنية مقدمة على ما سواها".

أما الصحفي سالم المالكي فقد لفت إلى أن المملكة "موقفها من "إسرائيل" والتطبيع واضح، مستدلاً بتصريحات وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان التي ربطت إقامة علاقة مع "إسرائيل" باستيفاء شروط المبادرة العربية للسلام.

بين التطبيع والرفض

وتحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي اقتناص كل فرصة ممكنة للحديث عن تقارب تفترضه مع المملكة العربية السعودية، كما لا تتوقف وسائل إعلام الاحتلال عن نشر أخبار عن مفاوضات تهدف للتطبيع بين "تل أبيب" والرياض.

وعلى مدار السنوات الماضية، تنفي المملكة بشكل متواصل جميع هذه الأنباء الإسرائيلية، وتتمسك بموقفها برفض إقامة أي علاقات دبلوماسية مع "تل أبيب" قبل تنفيذ مبادرة السلام العربية التي طرحتها بالقمة العربية في بيروت عام 2002، وإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي 24 مايو الماضي، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن موقف بلاده من التطبيع "لم يتغير"، مضيفاً: "التطبيع بالنسبة إلينا ختام لمسار طويل طرحناه في المبادرة العربية".

واعتبر "بن فرحان" أن التطبيع مع دولة الاحتلال يكون في نهاية عملية سلام وحل للقضية الفلسطينية بشكل كامل.

وحسب تقرير نشره موقع "المونتور" الأمريكي، في ديسمبر الماضي، فإن السعودية تعد بمنزلة "جوهرة" في تاج التطبيع مع العالم العربي بالنسبة لـ"إسرائيل".