علاقات » اميركي

تصريحات السعودية حول شراء الأسلحة.. هل هي رسالة ضمنية لأمريكا؟

في 2022/07/20

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

تشهد العلاقات الدفاعية بين واشنطن والرياض تحولات ملحوظة، خلال العامين الأخيرين، حيث تعالت الأصوات المعارضة لمبيعات السلاح إلى السعودية متسقة مع الموقف المعارض الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في حملته الانتخابية بتقييد مبيعات الأسلحة إلى الحليفة الخليجية التي تخوض حرباً في اليمن دعماً للشرعية.

ومع إعلان إدارة بايدن، في يناير 2021، تجميداً مؤقتاً لمبيعات الأسلحة إلى السعودية في إطار إعادة تقييم العلاقات الدفاعية بين البلدين، بدأ التوتر بين الجانبين، وهو ما وجدته السعودية طريقاً لعقد صفقات تسلح مع دول أخرى وعدم الاعتماد كلياً على واشنطن.

وعلى الرغم من الزيارة الأخيرة التي تعد الأولى لبايدن إلى السعودية والشرق الأوسط، فإن المملكة خرجت بتصريحات مبطنة أعلنت فيها إمكانية شراء الأسلحة من أي بلدٍ آخر إذا رفضت واشنطن، وهو ما يطرح تساؤلات عن سر تلك التصريحات، وهل هي للضغط على واشنطن، أم بداية للاستغناء عن أسلحتها؟

تهديد سعودي

في تصريحات مثيرة قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (17 يوليو 2022)، إن المملكة في حال عدم تمكنها من الحصول على معدات عسكرية أمريكية فستبحث عن مكان آخر للحصول عليها.

جاء ذلك في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأمريكية بعد ساعات من مغادرة الرئيس الأمريكي للسعودية، إثر زيارة هي الأولى من نوعها يجريها للبلاد منذ توليها الرئاسة، مطلع العام 2021.

ورداً على سؤال حول إمكانية أن تشتري الرياض أسلحة من الصين، قال بن فرحان إن بلاده ترى الولايات المتحدة "شريكاً أساسياً في المشتريات الدفاعية".

وأضاف: "إذا لم تتمكن السعودية من الحصول على معدات أمريكية فستبحث عنها في مكان آخر".

وأشار إلى أن الرياض ستشتري أنظمة دفاع صاروخي أو أي أسلحة دفاعية وفقاً لأفضل الحلول لاحتياجات المملكة.

ضعف العلاقات

منذ وصول الرئيس بايدن إلى الحكم تصاعد الخلاف والتوتر بين الجانبين، وهو ما كان لافتاً من خلال صدور قرارات من إدارته بتجميد صفقات بيع الأسلحة، قبل أن توافق على بعض منها.

ويضغط مجلس الشيوخ بشدة، من خلال مشاريع قوانين لعرقلة صفقات الأسلحة للسعودية، التي كان آخرها في نوفمبر الماضي، وكانت تهدف لعرقلة صفقة أفرج عنها البيت الأبيض، بعدما كان قد أعلن تجميدها.

وكانت هذه الصفقة التي أعلنتها الخارجية الأمريكية تتعلق ببيع السعودية 280 من صواريخ (إيه.آي.إم-120سي-7/سي-8) جو-جو المتوسطة المدى المتطورة (أمرام)، و596 قاذفة صواريخ (إل.إيه.يو-128)، إلى جانب حاويات وعتاد للدعم، وقطع غيار ودعم هندسي وفني تقدمه الحكومة الأمريكية ومتعاقدون، في صفقة الـ650 مليون دولار.

وفي سبتمبر الماضي، وافقت واشنطن على عقد لصيانة أسطول السعودية من طائرات الهليكوبتر، في أول عقد منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى البيت الأبيض.

وكان بايدن أمر منذ بداية ولايته بمراجعة كل عقود السلاح التي أبرمها سلفه دونالد ترامب مع السعودية، وهو ما أزم العلاقات بين الجانبين، وانعكس ذلك على أسعار النفط مؤخراً بعد رفض الرياض طلبات واشنطن برفع إنتاجها.

مقايضة سعودية

يرى الخبير العسكري والاستراتيجي د. علي الذهب أن تصريحات بن فرحان "رسالة للولايات المتحدة بشأن الأسلحة التي تطلبها السعودية للأسلحة"، والتي قال إنها تهدف لـ"جسر الفجوة الناشئة لديها في الأسلحة الاستراتيجية والاعتيادية".

ويلفت إلى أن هذه التصريحات جاءت نتيجة القيود التي اتخذها بايدن بعد صعوده إلى السلطة على مبيعات الأسلحة إلى السعودية، والتي أوقفت كثيراً من الاتفاقيات.

لكنه في الوقت ذاته يشير في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن تلك القيود "لم تمس الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين بشأن الصيانات وقطع الغيار والتدريب وما شابه ذلك"، موضحاً: "لكن فيما تطلبه السعودية من شحنات أخرى من أسلحة سبق شراؤها فإن ذلك يتطلب عقوداً جديدة، وهي ما تعيقها قرارات بايدن".

ويضيف: "كثيراً ما تحدث ذوو الصلة عن أن السعودية واجهت تحديات كبيرة في مجال التسليح ومواجهة الحوثيين، وهذا ما استفادت منه جماعة الحوثي، فضلاً عن تخفيض الولايات المتحدة التعاون الاستخباري واللوجستي في اليمن إلى أدنى مستوياته رغم بقائه في بعض الجوانب".

ويؤكد أن التلويح الذي أبداه الوزير السعودي "هو من باب المقايضة؛ لأن العلاقات الدولية تقوم على عدة مبادئ من بينها المعاملة بالمثل"، مضيفاً: "إذا كان للأمريكيين مطالب من السعوديين فإن عليهم تلبية المطالب التي يتقدم بها السعوديون في الجانب العسكري والأمني".

وفيما يتعلق بلجوء السعودية لدول أخرة يقول الذهب: "الشراء والتسليح من الصين أو روسيا موجود مسبقاً، ولكن في الجوانب التي لا يمكن أن تغطيها الدول الأخرى، خصوصاً أن معظم أسلحتها من الغرب كأمريكا وأوروبا".

وتابع: "من حق أي دولة أن ترتبط وأن تشتري أسلحتها من أي دولة، لكن ذلك يرتبط بعقيدتها العسكرية من عدة جوانب مختلفة؛ فحدوث تغيير في الأسلحة يؤثر بشكل أو آخر، ويغير في العقيدة العسكرية نسبياً".

ويلفت إلى أن السعودية "تحرص على أن يكون تسليحها غربياً؛ لأنه أكثر كفاءة ودقة من الأسلحة الشرقية؛ لكونها (أسلحة تمتلكها معظم الدول)، في حين أن السلاح الغربي غالباً ما تحصل عليه الدول الغنية التي تملك المال كالسعودية".

اللجوء إلى دول أخرى

في المقابل شهدت السعودية وروسيا تقارباً كبيراً، حيث لم تعد العلاقات التي تربط المملكة بموسكو تقتصر على تحالف مجموعة "أوبك+" النفطية، وتوسعت في السنوات الأخيرة لتشمل القطاعات العسكرية، في تقارب بات يغضب الولايات المتحدة الأمريكية.

ووقعت السعودية وروسيا، في أغسطس الماضي، اتفاقية "تهدف إلى تطوير مجالات التعاون العسكري المشترك بين البلدين".

وعقب الاتفاقية قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: إنه "يحث جميع شركاء وحلفاء الولايات المتحدة على تجنب المعاملات الجديدة الرئيسة مع قطاع الدفاع الروسي، كما هو موضح في قانون مكافحة أعداء أمريكا (كاستا)"، في إشارة إلى العقوبات التي يفرضها هذا القانون على أي تعاون عسكري مع روسيا.

كما أعلن مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون التقني العسكري فلاديمير كوجين، في فبراير 2018، أنه تم التوقيع على الوثائق الخاصة بتوريد دفعة المنظومات الصاروخية الروسية من طراز "إس-400" للدفاع الجوي إلى المملكة العربية السعودية، كما جرى تنسيق كل معايير الاتفاق المناسب.

وفي يناير الماضي، كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن عزم الإدارة الأمريكية على معاقبة جهات مرتبطة بنقل تكنولوجيا الصواريخ الباليستية الصينية إلى السعودية.

وبحسب تقرير نشرته "ديلي تليغراف" البريطانية في 2020، فإن السعودية اشترت من الصين تكنولوجيا تعزز ترسانتها من السلاح، في إطار سعيها لموازنة القوة مع إيران.