علاقات » اميركي

ما دلالات إعلان واشنطن بيع الرياض وأبوظبي أسلحة جديدة؟

في 2022/08/03

يوسف حمود - الخليج أونلاين-

بعد علاقة شابها الفتور منذ تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، بدأت واشنطن تدريجياً بتقريب العلاقات مع الرياض وأبوظبي؛ في محاولة منها لسد الفجوة الكبيرة التي عاشها الجانبان، خصوصاً في الجانب العسكري.

ولعل زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية منتصف يوليو الماضي، كانت ربما بداية لاستعادة جزء من العلاقات القوية بين الجانبين، وما تلاها من خطوات أمريكية وسعودية إماراتية تهيئ لهذه العودة، كان آخرها إعلان واشنطن بيع أسلحة بنحو 5 مليارات دولار للبلدين الخليجيين.

وخلال العقدين الأخيرين، مرت العلاقات الأمريكية- الخليجية بعدد من المنعطفات في مسارها، فيما اتسمت قبل ذلك إلى حد كبير بالاستقرار والتفاهم بين الجانبين، باستثناء بعض الأحداث التاريخية الفارقة، ليطرح ذلك سؤالاً عن دلالات الخطوة الأمريكية في هذا التوقيت.

بيع أسلحة جديدة

في صفقة هي الأكبر منذ تولي بايدن الحكم، أعلنت الخارجية الأمريكية (2 أغسطس 2022)، موافقة واشنطن على صفقة محتملة لبيع صواريخ "باتريوت" ومعدات متعلقة بها إلى السعودية بتكلفة تقدر بـ3.05 مليارات دولار، وأنظمة دفاع جوي للإمارات بـ2 مليار دولار.

وأفاد بيان للخارجية الأمريكية، بأن صفقة صواريخ باتريوت للسعودية تشمل 300 صاروخ، وأنظمة الاختبار وقطع الغيار والنقل وبرامج التدريب، مشيراً إلى أن "الصفقة تشمل أيضاً الدعم الفني والهندسي والخدمات اللوجستية".

وأضاف البيان: إن "الصفقة المتوقعة مع السعودية تهدف إلى تحسين أمن شريك يعتبر قوة استقرار سياسية".

من جانب آخر أعلنت الخارجية الأمريكية الموافقة على صفقة مستقبلية لبيع أنظمة دفاع جوي بأكثر من ملياري دولار للإمارات، دون تفاصيل حولها.

زيارة بايدن.. وصفقة سابقة

الإعلان الأمريكي عن الصفقة جاء بعد نحو نصف شهر من زيارة الرئيس للسعودية، حيث زار مدينة جدة منتصف يوليو الماضي، وعقد لقاءات مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كما عقد قمة بمشاركة دول الخليج ومصر والأردن والعراق.

وحصل بايدن في القمة على جزء من أهدافه، بعد إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، زيادة مستوى طاقة بلاده الإنتاجية النفطية إلى 13 مليون برميل يومياً تدريجياً، بعد محاولات أمريكية سابقة لزيادة الإنتاج بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية.

وكان لافتاً عقب زيارة بايدن للسعودية بأيام، إرسال الرياض رسالة مبطنة، على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، الذي قال إنه إذا لم تتمكن السعودية من الحصول على معدات أمريكية "فستبحث عنها في مكان آخر".

ولعل محاولات واشنطن تهدئة التوتر مع الرياض بدأت مبكراً، ففي نوفمبر من العام الماضي، أعلنت الخارجية الأمريكية بيع السعودية 280 من صواريخ (إيه.آي.إم-120سي-7/سي-8) جو-جو المتوسطة المدى المتطورة، و596 قاذفة صواريخ (إل.إيه.يو-128)، إلى جانب حاويات وعتاد للدعم، وقطع غيار ودعم هندسي وفني تقدمه الحكومة الأمريكية ومتعاقدون، في صفقة بـ650 مليون دولار.

وكان أحد أسباب الأزمة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية مرتبطاً باليمن وتعهد بايدن بمنع تسليح المملكة، وانتقاده أكثر من مرة، مشاركتها في الحرب هناك.

ومع إعلان المبعوث الأممي، في 2 أغسطس 2022، تمديد الهدنة للمرة الثانية لمدة شهرين، خرج بايدن في تصريحات يرحب بالهدنة، مؤكداً في الوقت ذاته أن عاهل السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أكدا التزامهما بتمديد الهدنة، وقال: "أشكر القيادة السعودية على التزامها بالمباحثات التي أفضت إلى الهدنة".

قمة جدة واتفاقيات ترامب

يشير المحلل العسكري والاستراتيجي إسماعيل أيوب، إلى أن إعلان الصفقة الأخيرة له علاقة مباشرة مع قمة جدة التي حضرها بايدن، وإعلان السعودية رفع إنتاج النفط، لمحاصرة روسيا.

كما يشير إلى أن الاتفاق السعودي الأمريكي الذي جرى خلال زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وعقد صفقات بـ460 مليار دولار، يعتبران سبباً آخر لإعلان الصفقة الحالية وارتباطها باتفاقيات سابقة.

ويقول لـ"الخليج أونلاين"، إن معظم ما شملته الاتفاقيات يختص بالمنشآت العسكرية والقطع العسكرية وإعادة تسليح الجيش السعودي.

ويرى أن هذه الخطوة تأتي أيضاً في إطار "احتضان الوضع في منطقة الخليج العربي، مع حديث واشنطن عن البعبع الإيراني".

ويشير في الوقت ذاته إلى أن "إيران تلوح دائماً بأن لديها ترسانة صاروخية وأنها قادرة على إنتاج السلاح النووي، وأمريكا ودول أوروبا متعامية عنها، وتكتفي بالشجب والتنديد والتهديد واللجوء إلى خيارات ضعيفة".

ويرجع سبب تكبير "البعبع الفارسي إلى كونه هدفاً رئيساً للدول الغربية من أجل بيع السلاح لدول الخليج الغنية، ومن ثم يعني احتواء الوضع في منطقة الخليج العربي من قبل واشنطن وحلفائها".

ومن الأسباب الأخرى، يربط أيوب الإعلان الأمريكي بـ"التداعيات الاقتصادية والسياسية المختلفة، خاصة مع الازمة الحالية التي نشأت نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية".

ويضيف: "بايدن تحدث عن أنه لا يريد أن يكون بمنطقة الخليج فراغات تملؤها الصين أو روسيا ومن ثم كل هذا الأمر يدفعه إلى بيع الأسلحة للسعودية والتي ليست بالكثيرة".

وتابع: "السعودية يجب أن تمتلك هذه المنظومة منذ زمن بعيد، خصوصاً بعدما سحبت أمريكا هذه المنظومات سابقاً، ما يحدث لعبة الشد من أجل احتواء التوتر السياسي الحاصل في المنطقة، وتأكيد أن أمريكا حليف وطيد للسعودية ودول الخليج بشكل عام".

ضعف العلاقات.. وقطع الطريق

منذ وصول بايدن إلى الحكم تصاعد الخلاف والتوتر بين الجانبين، وهو ما كان لافتاً من خلال صدور قرارات من إدارته سابقاً بتجميد صفقات بيع الأسلحة، قبل أن توافق على بعض منها مؤخراً كما هو حال الصفقة الأخيرة.

وإلى جانب ذلك، يضغط مجلس الشيوخ بشدة وحتى اليوم، من خلال مشاريع قوانين لعرقلة صفقات الأسلحة للسعودية، والتي كان آخرها محاولته في نوفمبر الماضي، عرقلة صفقة أفرج عنها البيت الأبيض، بعدما كان قد أعلن تجميدها.