علاقات » اميركي

بايدن سيتبع سياسة أكثر حدة مع السعودية بعد قرار أوبك+

في 2022/10/06

أكسيوس- 

"اللوبي العنيد".. هي استراتيجية إماراتية متعددة الأوجه تستخدم ضغطا كتوما وناجعا في نفس الوقت، لتعزيز نفوذها على الساحة الدولية عبر التأثير في السياسة الفرنسية،

هكذا ما كشفه تحقيق استقصائي، نشره موقع "أوريان21"،وأشار إلى أن الإمارات حركت من خلال جماعة ضغط وسائل الإعلام في فرنسا، وجندت بعض الشركات الإعلامية هناك لصالحها من خلال المال.

ولعل استهلال الرئيس الإماراتي الشيخ "محمد بن زايد" زياراته الخارجية عقب توليه منصبه منتصف العام الجاري، بالسفر إلى فرنسا، ولقاء رئيسها "إيمانويل ماكرون"، تأكيد على أهمية الاستراتيجية الإماراتية، التي تستهدف كذلك محاربة جماعة الإخوان المسلمين ومحاولة إلصاق تهم الإرهاب بها، والضغط على مؤيديها، بمن في ذلك الجارة الخليجية قطر، وفقا للموقع.

وشهدت العلاقات بين الإمارات وفرنسا تطورًا كبيرًا خلال الأعوام الماضية، لتفرز تحالفًا استراتيجيًا سياسيا وعسكريًا، حتى تم توقيع عقد قياسي بقيمة 14 مليار يورو لشراء 80 طائرة حربية من طراز "رافال".

كما نمت العلاقات الاقتصادية والثقافية بين البلدين بشكل كبير في السنوات الماضية، حتى باتت الإمارات موطنا للفرع الأجنبي الوحيد لمتحف اللوفر.

كما أن الإمارات هي موطن أكبر جالية من المغتربين الفرنسيين والفرنكوفونيين في منطقة الخليج.

لوبي إماراتي

بدأ التحقيق بالإشارة إلى اتخاذ قرار بطرد الإمام المغربي "حسن إكويسن" من فرنسا، وهو الحكم الذي أكّده مجلس الدولة في 30 أغسطس/آب 2022، كون هذا الخطيب قد أدلى بتصريحات وُصفت بأنها "معادية للسامية وللنساء".

وقد يكون أيضًا ارتباطه المزعوم بجماعة الإخوان المسلمين سبباً غير رسميّ، لكنه كان له دور في اتخاذ هذا القرار.

ومن المحتمل جدًّا أن هذا القرار أسعد أبوظبي، فمنذ فترة طويلة، جعلت الإمارات من محاربة جماعة الإخوان المسلمين أحد محرّكات سياستها. ولم تبخل -في فرنسا كما في أماكن أخرى- بتعبئة الوسائل اللازمة للترويج لعملها والظهور بصورة إيجابية، وفي نفس الوقت تبليغ رسائلها الجيوسياسية.

ولتحقيق ذلك، لم يجنّد البلد شركات الاتصال، مثل الفرع الفرنسي لشركة "بروجكت أسوسيتس" البريطانية، فحسب، بل أيضا وسائل إعلام مثل "يورونيوز"، ومراكز أبحاث خاصة، مثل معهد "بوصولا".

في حين تعبّر بعض الشخصيات الإعلامية أو السياسية، مثل النائب في مجلس الشيوخ "ناتالي جولي" علنا عن آراء قريبة جدًّا من خطهم أبوظبي السياسي.

يقول التحقيق، إن "بن زايد" كان فعليّا رجل الإمارات القوي خلال السنوات الأخيرة، لكن زيارته إلى فرنسا في رحلته الرسمية الأولى بعد تنصيبه رئيساً، وسط احتفاء فرنسا بأبهة كبيرة، دليل على العلاقات بين البلدين.

وخلال الزيارة، تنقل "بن زايد" على مدى 3 أيام بين قصر الإليزيه (مقر رئاسة الجمهورية) وقصر ماتينيون (مقرّ الوزارة الأولى) وقصر ليزانفاليد الأثري، ناهيك عن قصر فرساي وقوس النصر، بل زار حتى رموز الديمقراطية الفرنسية المتمثلة في الجمعية الوطنية (البرلمان) ومجلس الشيوخ.

وبقصد تلميع صورتها، راهنت الإمارات، على كرة القدم من خلال استحواذها في 2008 على نادي مانشستر سيتي، لكنها بحثت أيضا عن مجالات تأثير أخرى غير الرياضة، خاصة من خلال اللجوء إلى الإعلام.

وفي 2017، استحوذت شركة أبوظبي للاستثمار الإعلامي على 2% من القناة الإعلامية الأوروبية "يورونيوز" ومقرها ليون في فرنسا، التي كانت آنذاك تعاني صعوبات مالية، وأبرمت معها إلى غاية 2020 عقد رعاية بقيمة 8.5 مليون يورو سنويا.

ولاحظت جريدة "ليبراسيون" الفرنسية في مقال لها بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أنه في غضون ذلك تضاعفت "المحتويات التمجيدية" عن الإمارات، ودبي على وجه الخصوص.

كما نظمت الإمارات بين 2021 و2022 المعرض العالمي "إكسبو 2020" كرمز للانفتاح الدولي.

انتقاد قطر

مع ذلك، لا يقتصر اتصال هذا البلد على إبراز نقاط قوته، بل أيضا على انتقاد منافسيه، ولاسيما قطر، حيث يتنافس البلدان على الريادة الإقليمية في الخليج.

وقصد ضرب سمعة بعضهما بعضا، تتفنن كل واحدة منهما في اختراق الخصم قبل تسريب الوثائق المسروقة عن طريق وسيط، ما يعرف بتقنية "الاختراق والتسريب".

فمثلا، لا يخفي موقع الإعلام الاستقصائي "بلاست" في فرنسا، بأن وثائق ما يعرف بـ"قطر كونكشن"، وهو ملفّ تطرّق فيه الموقع إلى دور قطر في سقوط نظام "معمر القذافي" في ليبيا، وكذلك في دعم المعارضين لنظام الأسد في سوريا، جاءت في البداية عن طريق عملية قرصنة إماراتية.

وقبلها ببضع سنوات، في 2017، لم تنزعج الدوحة من القرصنة التي قامت بها مجموعة تسمى "جلوبال ليكس" لصندوق بريد السفير الإماراتي في الولايات المتحدة، وتسريب الوثائق نحو موقع "ذي إنترسيبت".

وكون هذه الوثائق جاءت عن طريق التسريب، فهو لا يدحض أهميتها للنقاش العام، ولا يطعن في عمل التدقيق الذي قام به الصحفيون، لكن شرح سياق هذه التسريبات ومحاولات استغلالها من قبل أطراف أخرى قد تكون هي مصدرها لا يقلّ أهميّة.

وتلجأ كل دول الخليج إلى عدد لا يحصى من الشركات المتخصصة في الاتصالات والعلاقات العامة والإعلانات الإشهارية والتسريبات التي يتم تنظيمها بدهاء والقذف في الجار، بهدف تلميع صورتها المتضررة من ظروف المعيشة والعمل البائسة التي توفرها لسكانها المهاجرين، وصلاتها بالجماعات الإرهابية، وافتقارها للديمقراطية والشفافية أو مراقبتها المشددة على مواطنيها.

فمثلا، تعاقدت السعودية مع مجموعتي "بوبليسيس" و"هافاس" الفرنسيتين، بينما أقامت قطر أعمالا مع شركة اتصالات "بورتلاند" البريطانية.

أما الإمارات فتعاقدت مع الشركة البريطانية "بروجيكت أسوسييتس" للاستشارة وفرعها في فرنسا، وباتت مسؤوليتها التواصل مع سفارة الإمارات، لتنظيم أحداث ورحلات ونشر محتويات على شبكات السفارة، ويضمنون علاقاتها مع الصحافة.

الترويج الإماراتي

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، فقد أحدثت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية ضجة في 2021، عندما كشفت بناء على وثائق مسربة، بأن "بروجيكت أسوسييتس" قدّمت عرضاً للترويج لترشيح مدير وزارة الداخلية الإماراتية السابق "أحمد الريسي"، لرئاسة الإنتربول.

وبما أن المقر الرئيسي لمنظمة الشرطة الدولية يوجد في مدينة ليون، فقد كان العمل على الترويج لـ"الريسي" يخدم جميع الأطراف.

يقول الجنرال المتقاعد "دومينيك ترينكاند" الذي تتقارب وجهات نظره مع الرؤية الإماراتية، وهو أحد المستشارين الظرفيين التابعين لشركة الاستشارة: "ترشيح الريسي مفيد في إطار محاربة الإسلام الراديكالي، الذي تلتقي حوله فرنسا والإمارات"، مضيفا بأنها مواقف "شخصية بالكامل".

وفي الولايات المتحدة، نجد "بروجيكت أسوسيتس" وراء حملة مقاطعة قطر التي انطلقت في 2017.

وتشير قاعدة بيانات تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة إلى أن المجلس الوطني للإعلام الإماراتي قد وقّع عقدًا مع الشركة بمبلغ 250 ألف دولار.

وبالتفصيل، تُظهر المعلومات التي نشرتها وحدة تسجيل الوكلاء الأجانب في الولايات المتحدة أن "بروجيكت أسوسييتس" أبرمت عقد مناولة مع SCL Social4 المتخصصة في المعلومات المضللة، لتنفيذ حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان "مقاطعة قطر".

وتقدّم وثائق قاعدة البيانات أيضًا -كمثال على المحتوى المنشور على الإنترنت- عمودًا ومقالاً ذا شكل صحفي.

وفي فرنسا، لا يُطلب من البلدان الأجنبية ملء سجل لممثلي المصالح.

يعلّق "كيفين جيرنييه"، من المنظمة غير الحكومية Transparency France: "هذا أمر مؤسف.. يجب أن يتضمن هذا السجل أسماء المكاتب مع قائمة الدول التي يمثلونها. لكي تكون على الأقل الشخصيات التي يتم التقرب منها على دراية بالمصالح الممثَّلة".

وبغض النظر عن انتقاد قطر، تستهدف الإمارات بشكل خاص جماعة الإخوان المسلمين، التي أرعبتها نجاحاتهم الانتخابية ما بعد الربيع العربي.

ووفق المنظمة غير الحكومية "مرصد أوروبا للشركات"، بدأت أبوظبي منذ ذلك الوقت بإبراز مفهوم "الاستقرار السلطوي"، والذي يفترض تقسيما ثنائيا مبسَّطًا للغاية: إما الاستقرار مع حكام مستبدين، وإما الإرهاب الإسلاموي والفوضى، وهما النتيجتان الحتميتان للتعددية الديمقراطية والمجتمع المدني والتسامح مع الأصوات الناقدة.

وتصاعد التوتر بمستوى أكبر في 2017، ومن أجل إعاقة الدوحة التي تدعم جماعة الإخوان، وقناة "الجزيرة" التي كان لها دور مهيمن خلال الربيع العربي، قرّرت السعودية والإمارات والبحرين ومصر فرض حصار على قطر، وهو العام الذي أطلقت فيه أيضًا الإمارات استراتيجية "القوة الناعمة" الخاصة بها.

وتمثل منظمة "مسلمو فرنسا" الجماعة في الدولة الأوروبية، وقد جاءت خلفًا لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، التي يعد خطابها مصقولا أكثر، حيث إنها تدافع عن "قراءة أصيلة ومنفتحة للإسلام تسمى الوسطية"، داعية إلى مراعاة السياق الاجتماعي والثقافي في الممارسة والخطاب الديني.

وللتذكير، فقد جعل الرئيس السابق "نيكولا ساركوزي"، عندما كان وزيرا للداخلية في عهد "جاك شيراك"، من اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا محاوراً متميزاً للدولة الفرنسية.

وبعيدًا عن هذه التفاصيل، عملت أبوظبي بشكل ممنهج على خلق ارتباط فكري أكثر تبسيطا: (قطر = الإخوان = الإرهاب).

((5))

الحرب المعرفية

يشرح "بيير جاستينو" رئيس تحرير موقع "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسي: "بمعزل عن الحقائق، لا يتعلق الأمر فقط بالترويج لسردية، بل بهجوم واسع هدفه خلق بيئة إعلامية تجعل الجمهور في وضع ملائم لتقبّل نوع معيَّن من الخطاب.. فالتكرار الممنهج بأن قطر تموّل جماعة الإخوان المسلمين والقيام بربط تلقائي بين الإخوان المسلمين والإرهاب، هو جزء من هذه الحرب المعرفية".

فضلا عن الوسائل التي سبق ذكرها، الدعاية الإشهارية، والوسطاء في وسائل الإعلام، والتسريبات المنظمة بمهارة والدعم من شركات الاتصالات والعلاقات العامة، تدور هذه "الحرب المعرفية" ضد الإسلام السياسي في مراكز الأبحاث، وهي مؤسسات بحثية خاصة نادرا ما يكون تمويلها معلنًا، ويمكن أن تطلق رسائل غامضة.

"إنه مزيج متطور من البحث الأكاديمي وعمليات الاتصالات الإستراتيجية"، وفق مرصد أوروبا للشركات، مشيرا مثلا إلى العلاقة بين أبوظبي ومعهد "بوصولا".

لكن هذه الحرب تدور أيضا في المكتبات، كما وصف ذلك بدقة مقال على موقع "إنتيليجنس أونلاين"، في 29 يونيو/حزيران 2020.

وفي هذا السياق، يمكن تحليل آخر كتاب لنائب مجلس الشيوخ "ناتالي جولي" على سبيل المثال، فقد تم اتهام قطر قبل 6 سنوات من طرف الصحفيين "كريستيان شينو" و"جورج مالبرونو" في كتابهما "أمراؤنا الأعزاء جدا" الذي يصف كيف أن المال أفسد العلاقة مع ممالك الخليج وكيف كان السياسيون يتوددون لسفارة الدوحة في باريس.

((6))

ونشرت نائب مجلس الشيوخ في مارس/آذار 2022 كتابا عنوانه "أبجدية تمويل الإرهاب"، يذكر الأدوات المالية المختلفة التي يمكن لهذه الجماعات استعمالها لتمويل أنشطتها. وقد تم ذكر قطر والإخوان المسلمين فيها عدة مرات، بما في ذلك بخصوص مواضيع بعيدة عن المسألة المالية.

في نفس الوقت، لا يتطرّق الكتاب إلى الإمارات إلا بشكل هامشي، وبشكل مفاجئ نوعا ما، إذ تشيد السياسية بعملها في مكافحة غسيل الأموال، مع أنه تم تصنيف الإمارات في المرتبة العاشرة في العالم على قائمة أسوأ الملاذات الضريبية والسرية المالية من طرف شبكة العدالة الضريبية. كما تم إدراجها في مارس/آذار 2022 في القائمة الرمادية لفريق العمل المالي (GAFI).

أما بخصوص عدم ذكر التورط الإماراتي في تمويل الإرهاب، مثل الاستعمال التاريخي للنظام المصرفي من قبل إرهابيي 11 سبتمبر/أيلول، فقد أوضحت نائب مجلس الشيوخ في بادئ الأمر بأنها لم تكن على علم بهذه المعلومة، قبل أن تشير بأن كتابها لا يعود إلى ذلك التاريخ.

وتؤكد "جولي" قائلة: "لا توجد هناك أي إرادة بإخفاء المعلومات، أنا لا أقوم بالمحاباة، وليس لدي أي ارتباط مؤسسي أو مصلحي مع الإمارات".

وقدمت "جولي" هذا الكتاب في يونيو/حزيران 2022 في لندن بفضل رحلة مدفوعة من طرف "كورنرستون جلوبال"، وهي خليّة تفكير نشرت في 2017، بعد وقت قصير من بدء الحصار المفروض على قطر، تقريرًا يطعن في تنظيم كأس العالم لكرة القدم في هذه الدولة.

((7))

كورنرستون

وبعد سنتين من ذلك، نشرت "نيويورك تايمز" تحقيقا مطوَّلا عن علاقة هذه الخلية ورئيسها "غانم نسيبة"، بالإمارات.

تقول "جولي" في هذا الصدد: "قمت بعدة رحلات إلى لندن مع كورنرستون، فأنا أعمل منذ فترة طويلة مع [غانم نسيبة] في قضايا الإرهاب".

وهو ما يؤكده مدير هذه الشركة قائلا: "ناتالي وزوجها الراحل صديقاي منذ فترة طويلة، ونحن نعمل معًا بشكل وثيق في القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يخص مكافحة التطرف".

وماذا عن العلاقات التعاقدية والمؤسساتية مع دولة الإمارات العربية المتحدة؟ يردّ "غانم": "ليس لشركة (كورنرستون) عقد اتصالات مع الإمارات"، وهو يدافع عن حيادية عمله.

ويضيف: "يجب أن تعلموا أن مقال (نيويورك تايمز) الذي تشيرون إليه كان موضوع طعن قانوني".

وفضلا عن مراكز الفكر والمكتبات، فإن فكرة الربط بين قطر والإخوان والإرهاب تشق طريقها في صفوف البرلمانيين الفرنسيين، لا سيما من خلال مجموعات الصداقة البرلمانية.

وتشرح "جويل جاريود مايلام"، نائب في مجلس الشيوخ من حزب الجمهوريين، ونائب رئيس مكلّفة بالإمارات في مجموعة "فرنسا-دول الخليج": "يتمثل هدفهم في تطوير الروابط بين البرلمانات، أي القيام بدبلوماسية برلمانية".

ثم تضيف بأنه "حتى إذا لم يكن ذلك البلد يتمتع بنظام ديمقراطي، فإن مجموعة الصداقة تجعل من الممكن الترويج للديمقراطية".

((8))

لكن إذا كان البرلمانيون الفرنسيون يتحدثون إلى الإماراتيين عن الديمقراطية دون أن يفعلوا ذلك علنًا، فإن المسؤولين الإماراتيين يمرّرون رسائلهم أيضًا في فرنسا.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2021، استقبلت المجموعة وفداً إماراتياً حول موضوع مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولم ينس الوفد في تقريره التذكير بإدراج الإمارات لجماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، إلى جانب "القاعدة" وتنظيم "الدولة".

وبعد ذلك بقليل، وفي بداية 2022، سافر 3 من أعضاء مجلس الشيوخ إلى السعودية والإمارات.

ونقرأ في التقرير الذي أُنجز عن هذا اللقاء بأنه "سمح بالتأكيد على أهمية التعاون الفرنسي-الإماراتي في مجال مكافحة الإرهاب والإسلام السياسي".

ولكن هل كانت هناك آثار في فرنسا لهذه "الحرب المعرفية" التي تشنها الإمارات؟

في مقابلة أجرتها معه جريدة "لوفيجارو" في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ردّد "برونو لومير"، وزير الاقتصاد، نفس اللازمة: "مشروع الإسلام السياسي بسيط: تدمير الأمة الفرنسية، تدمير قيمها، تشويه ذاكرتنا الوطنية وتلغيم تاريخنا. (...) أتذكر آخر لقاء أجريته مع أحد أقوى حلفائنا في الخليج بن زايد وأخبرني أن الوقت قد حان لكي نفتح أعيننا على ما يحدث في فرنسا".

ويضيف: "بالنسبة للإسلام السياسي، لم يعد الشيطان الأكبر هو الولايات المتحدة، بل أوروبا وفرنسا".

((9))

وبعد أقل من عام، تم تمرير القانون الذي يعزّز مبادئ الجمهورية الفرنسية لمحاربة "الانفصالية الإسلامية"، وهي معركة تشمل الوهابية والسلفية والإخوان المسلمين.

ومن ذلك، تم التذرع بحجة مكافحة "الانفصالية" لإغلاق أو محاولة إغلاق عدد من الهياكل والأماكن، المرتبطة في بعض الأحيان بجماعة الإخوان، وفي اتخاذ قرار طرد الداعية "حسن إكويسن".

ويقلق تعزيز الترسانة القمعية الفرنسية هذه، الموجهة بشكل خاص ضد جماعة الإخوان المسلمين، جمعية "الحق في الحق"، التي تذكر في تقريرها حول النفوذ الإماراتي في بروكسل: "يمكن أن يؤدي تبني هذه الرواية (ربط الإخوان المسلمين بالإرهاب) إلى آثار سلبية، لأنه ينطوي على المساهمة في مشكلة العداء المتنامي تجاه المسلمين في أوروبا، بما فيهم العلمانيون. كما يمكن أن يساهم في زعزعة استقرار المجتمعات الأوروبية على المدى الطويل".

ولكن، هل يمكن أن يكون التكرار المستفيض لرسالة تبسيطية قد أثّر في فرنسا، مع خطر إثارة الجدل أو حتى التوتر الاجتماعي؟

فمن وسائل الإعلام إلى مجموعات الصداقة البرلمانية، مرورًا بسجل ممثلي المصالح، لا أحد يشكّ في أن أساليب الضغط المستعملة من طرف البلدان الشريكة تحتاج إلى أن تكون أكثر شفافية.