صحيفة "نيويورك تايمز"-
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن مسؤولين بإدارة الرئيس "جو بايدن" يعتقدون أنهم "تعرضوا لخداع سعودي" بشأن "صفقة نفط سرية" مع المملكة، تبين لهم لاحقا أن الرياض لا تلتزم بها.
واستندت الصحيفة الأمريكية في تقريرها إلى مقابلات مع مسؤولين أمريكيين ومسؤولين من دول الخليج العربية، بالإضافة إلى خبراء في الشرق الأوسط على دراية بالمناقشات بين البلدين.
وأورد التقرير أنه "بينما كان الرئيس بايدن يخطط للقيام برحلة محفوفة بالمخاطر السياسية إلى السعودية هذا الصيف، اعتقد كبار مساعديه أنهم أبرموا صفقة سرية لتعزيز إنتاج النفط حتى نهاية العام"، مضيفة: أن "الأمر لم ينجح بهذه الطريقة، فعلى الرغم من قيام بايدن بالرحلة (في يوليو/تموز الماضي)، لكن في وقت سابق من هذا الشهر (أكتوبر/تشرين الأول)، وجهت السعودية وروسيا مجموعة من الدول المنتجة للنفط نحو التصويت لخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا".
وأضافت أن ما جرى هو "عكس النتيجة التي اعتقدت الإدارة الأمريكية أنها ضمنتها، في الوقت الذي يكافح فيه الحزب الديمقراطي للتعامل مع التضخم، وأسعار الغاز المرتفعة، مع اقتراب الانتخابات النصفية في نوفمبر المقبل".
وأشارت إلى أن "هذه الخطوة دفعت مسؤولي إدارة بايدن الغاضبين إلى إعادة تقييم علاقة أمريكا بالسعودية، وأدت لموجة من التصريحات الاتهامية - بما في ذلك اتهام البيت الأبيض بأن السعودية كانت تساعد روسيا في حربها في أوكرانيا".
وتابعت الصحيفة: "المشرعون الذين تم إخبارهم بفوائد الرحلة في إحاطات سرية ومحادثات أخرى تضمنت تفاصيل صفقة النفط - التي لم يتم الكشف عنها مسبقا، وكان من المفترض أن تؤدي إلى زيادة في الإنتاج بين سبتمبر/أيلول وديسمبر/كانون الأول - أصبحوا غاضبين من أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، خدع الإدارة الأمريكية".
وفي السياق، قال مسؤولون أمريكيون إنهم "حتى قبل أيام من قرار خفض إنتاج النفط، تلقوا تأكيدات من بن سلمان بأنه لن يكون هناك تخفيضات في الإنتاج"، وعندما علموا بالانعكاس السعودي قاموا بمحاولة أخيرة غير مجدية لتغيير الآراء في الديوان الملكي.
وأضافوا أن الصفقة السرية تضمنت أن يسرع السعوديون زيادة إنتاج أوبك بلس بمقدار 400 ألف برميل يوميا، ويغيروا موعدة الزيادة المخطط لها بالفعل في سبتمبر/أيلول، إلى يوليو/تموز وأغسطس/آب، على أن يطلب السعوديون لاحقا من تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+) الإعلان عن زيادة إضافية في الإنتاج بمقدار 200 ألف برميل يوميا لكل شهر ابتداء من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول.
وفي 2 يونيو/حزيران، أعلنت "أوبك+" أنها ستغير موعد زيادة الإنتاج التي كانت مقررة في سبتمبر/أيلول، وهو ما مثل الوفاء بالجزء الأول من الصفقة السرية، وفقا للصحيفة، وفي نفس اليوم، أعلن البيت الأبيض أن "بايدن" سيقوم قريبا برحلة إلى السعودية.
وبعد الزيارة، اعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الاتفاق يسير على الطريق الصحيح وأن "بن سلمان" راض، لكن في الرياض، كان كبار المسؤولين السعوديين يتحدثون بشكل خاص أنه ليس لديهم خطط لزيادة إنتاج النفط، وفقا للصحيفة.
ثم أعلنت "أوبك+" في 5 سبتمبر/أيلول الماضي، أنها ستخفض الإنتاج بواقع 100 ألف برميل في اليوم، متراجعة عن الزيادة التي أعلنت عنها قبل شهر.
وفي أواخر الشهر ذاته، بدأ المسؤولون الأمريكيون يسمعون أن السعودية يمكن أن تجعل "أوبك+" تعلن عن خفض كبير في إنتاج النفط باجتماع 5 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي 24 سبتمبر/أيلول، التقى مسؤولون أمريكيون شخصيا في السعودية مع ولي العهد وشقيقه وزير الطاقة، الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، وطمأنهم ولي العهد بأنه "لن يكون هناك تخفيضات في الإنتاج"، حسبما نقلت الصحيفة.
لكن بعد 4 أيام، علم البيت الأبيض أن "بن سلمان" فعل العكس، حيث أبلغ المسؤولون السعوديون نظرائهم الأمريكيين بأن السعودية ستدعم تخفيضات الإنتاج في اجتماع "أوبك+"، الذي عقد في فيينا.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إنهم يعتقدون أن "ولي العهد قد تأثر بشكل خاص باجتماع رفيع المستوى في 27 سبتمبر/أيلول، حيث جادل الأمير عبد العزيز، وزير الطاقة، بأن تخفيضات إنتاج النفط ضرورية لمنع الأسعار من الانخفاض إلى ما يصل إلى 50 دولارا للبرميل".
وأضاف المسؤولون أنهم علموا أن "الأمير عبد العزيز أكد أنه في ظل مثل هذا السيناريو، ستفتقر الحكومة السعودية إلى الموارد اللازمة لتمويل مشاريع التنويع الاقتصادي الواردة في صميم الأجندة المحلية".
وعبر بعض المسؤولين الأمريكيين عن اعتقادهم بأن "الروس أثروا في التحول السعودي"، مشيرين إلى "علاقات العمل القوية للأمير عبد العزيز مع كبار المسؤولين الروس المقربين من الرئيس "فلاديمير بوتين"، خاصة "ألكسندر نوفاك"، نائب رئيس الوزراء، الذي يشرف على سياسة الطاقة.
يشار إلى أن الرئيس الأمريكي، "جو بايدن"، تعهد بأن يكون لقرار السعودية المتعلق بخفض إنتاج النفط "عواقب"، خاصة أنه تحمل التعرض لانتقادات في الولايات المتحدة بسبب زيارته للسعودية في يوليو/تموز الماضي، والتحية بقبضة اليد بينه وبين "بن سلمان"، رغم تعهده خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة "منبوذة" بسبب قضايا انتهاكات لحقوق الإنسان.
وأعلنت إدارة "بايدن" أنها مستعدة للبحث في إجراءات يطالب بها الديمقراطيون الغاضبون في الكونجرس، للرد على السعودية، وبالتالي، إعادة النظر في السياسة الأمريكية تجاه الرياض.