DW- عربية-
الولايات المتحدة قلقة من الوضع الأمني في الخليج. وبحسب معلومات من الرياض، يمكن لإيران أن تهاجم أهدافا في السعودية. لكن الخبراء الأمنيين يختلفون بشأن تقييم الوضع. فهل بات خطر هجوم إيراني على المملكة أمرا جديا بالفعل؟
"لن أستبعد أن يهاجم النظام في إيران السعودية"، هكذا يقول الباحث في معهد "هدسون" المحافظ بواشنطن، مايكل دوران. وكانت قوات إيرانية قصفت بالفعل منظمات كردية إيرانية بالقرب من مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، في نهاية أيلول/سبتمبر الماضي. أعضاء تلك المنظمات الكردية كانوا قد فروا في السابق من النظام في طهران إلى العراق المجاور.
ويرى دوران في حديث لـDW أن "عرض القوة" هذا يمكن أن يتكرر إذا شعر النظام الإيراني بالضغط، مشيرًا إلى أن طهران تتعرض لضغوط متزايدة بسبب المظاهرات الحاشدة ضد "نظام الملالي".
ويلفت الخبير الانتباه إلى أن النظام الإيراني يسعى للاستفادة من النزاعات الخارجية على المستوى الداخلي أيضًا: من خلال وصم المتظاهرين بأنهم "عملاء أجانب". ويوضح دوران أن النظام في طهران يحاول وضع جميع أعدائه في ميزان واحد، وهم: المتظاهرون والسعودية وإسرائيل والولايات المتحدة.
وبالفعل، أصدر كل من الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن الوطني في إيران تقريرًا مشتركًا يصف المظاهرات في البلاد بأنها "جزء من مؤامرة" صادرة عن أعداء طهران: الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل والسعودية.
ويقول دوران، وهو أيضًا خبير سابق بشؤون الشرق الأوسط في إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، إن هذا السلوك اعتيادي في طهران، ويوضح: "كلما تعرض النظام لمزيد من الضغط، أصبح أكثر عدوانية".
ويوافقه في ذلك السفير الأمريكي الأسبق في كل من العراق وتركيا جيمس جيفري. فهو أيضًا لا يستبعد أن يشن النظام في طهران هجومًا على السعودية.
يقول جيفري لـDW: "الدافع الآن هو صرف الانتباه عن المظاهرات ضد نظام الملالي"، موضحًا أنه في حالة حدوث نزاع مع السعودية، يمكن للنظام أيضًا أن يحشد الناس وراءه، ومشيرًا إلى أنه يمكن لإيران الاستفادة من حقيقة اضطراب العلاقات بين واشنطن والرياض إلى حد ما بعد زيارة الرئيس الأمريكي بايدن الأخيرة إلى المملكة.
عند وقوع هجوم إيراني على السعودية، ستكون الولايات المتحدة في وضع صعب للغاية، كما يرى مايكل دوران من معهد هدسون، مشيرًا إلى تقييم للجيش الأمريكي.
وذكر دوران أن الرئيس السابق للقيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكنزي، قال مؤخرًا في لندن إن إيران متفوقة عسكريًا على جيرانها، مشيرًا إلى أن جيش إيران يمتلك قدرات هجومية ليس لدى جيرانها سوى القليل لمواجهتها.
وذكر ماكنزي أن التفوق الإيراني يأتي في المقام الأول من طائراتها المسيرة والصواريخ البالستية وصواريخ كروز، ما يجعلها خطيرة بشكل خاص، على حد تعبيره. وأوضح ماكنزي أنه لا يمكن لأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبتها أمريكا مع حلفائها في المنطقة سوى اعتراض بعض الصواريخ الإيرانية.
يعتقد دوران أن الولايات المتحدة ستحجم عن التدخل إذا ما هاجمت إيران السعودية. ورغم أن جيفري يرى ذلك بشكل مماثل، إلا أنه يختلف في أن الأمر يعتمد على "حجم الاستفزاز"، مشيرًا إلى أن الكثير يعتمد على ذلك. ويوضح جيفري أن الصراع الأهم في الوقت الحالي بالنسبة لإدارة بايدن هو في أوكرانيا، ولا ينبغي صرف الانتباه عنه، على حد قوله.
لكن الباحثة في معهد "تشاتام هاوس" البريطاني، سانام وكيل، ترى الوضع في الخليج بشكل مختلف تمامًا عن زملائها الأمريكيين. فهي لا تعتقد أن هجومًا إيرانيًا على السعودية بات وشيكًا.
تقول وكيل لـDW: "لا يمكننا إلا التكهن بشأن سبب قيام الرياض بنشر المعلومات ذات الصلة على الملأ"، وتضيف: "ربما سجلت أجهزة المخابرات في السعودية شيئاً وتنشره لتشويه سمعة إيران".
ورغم أن سانام وكيل تؤكد أن الحكومة في طهران تتعرض لضغوط بسبب المظاهرات الشعبية، لكنها ترى أن سلطتها ليست في خطر حقيقي. ومن وجهة نظرها، فإن شن هجوم على السعودية في هذه الحالة "لا معنى له"، وتختم: "السياسة الداخلية الإيرانية أكثر تعقيدًا مما يعتقده الكثيرون في الغرب".