ميدل إيست مونيتور- ترجمة الخليج الجديد-
طالب موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني الرئيس الأمريكي "جو بايدن" بالتوقف عن سياسته الفاشلة المتمثلة في استرضاء ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، موضحا أنها باتت تمثل خطرا على الأمن القومي الأمريكي.
ووفق تحليل الكاتب بالموقع "زيد العيسي" فإن تصرفات "بايدن" حتى الآن فيما يخص بالسعودية و"محمد بن سلمان" لم ترق إلى مستوى وعوده قبل دخوله البيت الأبيض، إذ وعد حينها بجعل المملكة منبوذة.
وعقب أن تصرفات "بايدن" هذه قادته إلى إهدار فرصة ذهبية لممارسة ما دعا إليه "بايدن" في وقت كانت العائلة الحاكمة السعودية وعلى رأسها ولي العهد تحت ضغط فيما يشبه الكابوس؛ بسبب جريمة "جمال خاشقجي" وحرب اليمن، وفشل مراهنة "بن سلمان" على فوز "دونالد ترامب" في الانتخابات الأمريكية.
وأوضح أن نقطة التحول في موقف ولي العهد السعودي من الضعف إلى القوة تحققت عندما اندلعت حرب روسيا على أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط.
ولفت الموقع إلى أن أحدث خطوة في تنازلات "بايدن" تجاه ولي العهد السعودي والتي تمثلت في منح الأمير الشاب الحصانة السيادية ومعاملته كرئيس دولة أو حكومة، ومن ثم إفلاته من العقاب والمحاكمة في قضية "خاشجقي"، لم يكن مفاجئا بالنسبة لكثير من المتابعين.
وأشار الموقع أن قرار منح الحصانة السيادية لـ"بن سلمان" أظهر في الواقع المدى المذهل الذي كان "بايدن" على استعداد للتواطؤ فيه مع طاغية وحشي، والتلاعب بالنظام القانوني الأمريكي.
وقبل أيام قليلة من تعيين "بن سلمان" رئيسا للوزراء، وتحديدا في 23 سبتمبر/أيلول، أرسل "بايدن" كلا من "بريت ماكجورك"، منسق الشرق الأوسط، و"عاموس هوشستين"، كبير مستشاري الطاقة في جدة، في محاولة يائسة للاستفادة من قضية الحصانة لدفع "محمد بن سلمان" إلى زيادة إنتاج النفط.
لكن في المقابل، كان ولي العهد السعودي واثقًا أولا من قدرته على التلاعب بواشنطن عبر أوراقه الرابحة والتي من بينها أن بلاده أكبر منتج للنفط في "أوبك" و"أوبك+" وثانيا تقوية تحالفاته المتزايدة مع كل من روسيا والصين، وثالثًا الاستفادة من دوره المحوري في حث القادة العرب على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
في مواجهة أسعار الطاقة المرتفعة والتضخم المتزايد عقب الحرب الروسية على أوكرانيا، سافر "بايدن" إلى السعودية في يوليو /تموز، على أمل أن يؤدي الاعتراف بولي العهد كحاكم فعلي للمملكة في إقناعه بزيادة إنتاج "أوبك+" من النفط.
لكن في مقابل ذلك، قررت "أوبك+" في 5 أكتوبر/تشرين أول خفض انتاج النفط بمقدار مليوني برميل يوميا اعتبار من بداية نوفمبر/ تشرين ثان.
وأثار القرار ضجة في الولايات المتحدة، مما دفع "بايدن" إلى تحذير الرياض من "العواقب" واتهام الديمقراطيين في الكونجرس "محمد بن سلمان" بالتآمر مع روسيا ضد المصالح الأمريكية.
لم يكن هناك شك في أن الهدف الأسمى لقرار "بن سلمان" خفض انتاج "أوبك+" هو زيادة الضرر الذي لحق باحتمال بقاء الديمقراطيين على أغلبيتهم في الكونجرس، وبالتالي إفشال خطط "بايدن" للترشح مرة أخرى لإعادة انتخابه مع تمهيد الطريق أيضًا للجمهوريين وترامب للعودة في انتخابات 2024.
في نظر "بن سلمان"، كان السبب الرئيس الذي مكّنه من الإفلات من المحاكمة بتهمة قتل "خاشقجي" والتدخل بوقاحة في الانتخابات الأمريكية هو تركيز "بايدن" المستمر على الحرب في أوكرانيا، وتصويرها على أنها مواجهة حاسمة بين الديمقراطية والاستبداد.
في ظل هذه الخلفية، تتضافر جهود "بن سلمان" لإرغام "بايدن" على تقديم تنازلات مهينة تصل إلى حد الاعتداء على القيم الأمريكية، متمثلة في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بينما تكافح الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط من أجل دعم اقتصادها المتعثر، وتشارك أيضًا في معركة حاسمة ضد خصمها اللدود روسيا، ستنظر إليه الولايات المتحدة بلا شك على أنه طعنة لا تُغتفر في الظهر من جانب شريك استراتيجي يفترض أنه طويل الأمد.
وبالتالي، يجب أن يثير هذا شكوكًا كبيرة حول جدوى المبررات التي روج لها البعض والتي تدعم التحالف الضعيف بين الديمقراطية في واشنطن والديكتاتورية المستبدة في الرياض
على الرغم من محاولات "بايدن" المضنية لإحياء التحالف المنهار من خلال استرضاء "بن سلمان"، إلا أنه كلما استسلم "بايدن"، كان ولي العهد يتشجع، ويسدد الضربة تلو الأخرى للرئيس الأمريكي بينما كثف في الوقت نفسه حملته الشرسة لانتهاكات حقوق الإنسان المخدرة للعقل داخليًا.
كل هذا يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن التحالف الاستراتيجي مع "بن سلمان" لم يثبّت أسعار النفط ولم يحبط محاولات الصين أو روسيا لتشكيل تحالف استراتيجي مع الرياض، مما جعل هذا التحالف غير مقبول.
من أجل ذلك فقد حان الوقت لكي يدرك "بايدن" أن مضاعفة استراتيجيته الفاشلة والمتهورة لاسترضاء بن سلمان، لا تنذر فقط بإضعاف الولايات المتحدة من خلال التشكيك في التزامها بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بل تمثل أيضًا تهديدًا خطيرًا لأمنها القومي.
وذكر أن تدخل "بن سلمان" في الانتخابات النصفية كان بمثابة طلقة تحذير؛ تشير إلى أنه مستعد لنقل المعركة إلى الولايات المتحدة إذا تعرض طموحه طويل المدى في أن يصبح ملكًا للخطر.