علاقات » اميركي

"عفو أميري جديد".. ما آثاره على الحياة السياسية في الكويت؟

في 2023/01/18

يوسف حمود - الخليج أونلاين- 

حراك سياسي مستمر في الكويت أفضى إلى عفو أميري طال كثيراً من الشخصيات الكويتية في محاولة لوقف حدة التوترات، في ظل أزمات سياسية يمر بها البلد الخليجي، والعمل في إطار مصالحة وطنية.

يأتي العفو الأميري بعد احتقان سياسي مستمر منذ أكثر من عامين، بسبب الخلافات التي وقعت بين الحكومة ومجلس الأمة، لتعود مجدداً خلال الشهر الأخير بعد تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات التي شهدتها البلاد.

في هذا التقرير الذي أعده "الخليج أونلاين"، نبحث عن انعكاسات العفو الأميري على الواقع السياسي في البلاد، والحديث عن أبرز الخطوات التي استبقت العفو الأخير، وإمكانية تهدئة الأوضاع السياسية في الكويت.

عفو أميري

خلال العامين الماضيين، شهدت الكويت عدة مراسيم عفوتضمنت شخصيات سياسية كبيرة ومعارضة، كان آخرها إعلان الحكومة الكويتية، (17 يناير 2023)، صدور مرسوم أميري بالعفو عن مدانين بأحكام بالسجن في "إطار مصالحة وطنية".

وقالت الحكومة في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية: "صدر مرسوم عفو من أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بالعفو عن العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها على بعض الأشخاص"، دون تحديد هويتهم أو عددهم.

وأكدت الوكالة "إيمان القيادة السياسية بأن عهود الازدهار والاستقرار لا تتم إلا بمصالحة وطنية وفتح صفحة جديدة والتأكيد على أن الكويت أولى بأبنائها".

وأوضح البيان أن العفو الأميري "يتضمن شريحة واسعة من أبناء الوطن ممن هم على أرضه داخل المؤسسات الإصلاحية (السجون) بعد أن قضوا مدة من العقوبة، وأيضاً شريحة من أبناء الوطن بالغربة (بالخارج) ممن ضاقت عليهم الأرض وظنوا أن العودة للديار أفلتت دون رجعة".

وأشار إلى أن الحكومة "على ثقة بأن هذه الخطوة ستهيئ الأجواء نحو تعاون مثمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وفق الأسس الدستورية"، في إشارة لمطلب نيابي متكرر بالعفو عن سجناء بالداخل ونشطاء بالخارج.

شخصيات بارزة

شمل العفو الأميري 37 شخصية سياسية وأمنية ومواطنين، بينهم 3 من الأسرة الحاكمة، بعضهم محكوم عليهم بالسجن وآخرون خارج البلاد.

ومن بين من شملهم العفو، عذبي فهد الأحمد الصباح، رئيس جهاز أمن الدولة الكويتي السابق، وأحد أفراد الأسرة الحاكمة في الكويت، وهو ابن شقيق أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح.

وكانت محكمة الجنايات الكويتية قد أصدرت حكماً، في مايو 2016، بحبس عذبي الفهد 5 سنوات مع الشغل والنفاذ في قضية "قروب الفنطاس" إلى جانب 13 آخرين.

كما يتضمن المرسوم الأميري العفو عن الشيخ خليفة العلي الخليفة الصباح، إضافة إلى أحمد داود سلمان الصباح وعبد المحسن العتيقي، وفلاح الحجرف، الذين حوكموا بذات قضية "قروب الفنطاس".

و"قروب الفنطاس" هي مجموعة كويتية على تطبيق واتساب اشتهرت في 2 أبريل 2015، عندما استقبل أغلب الكويتيين رسالة على هواتفهم النقالة عبر تطبيق الواتساب من رقم مجهول يبدأ بمفتاح دولة غير الكويت، تحدثت عن مؤامرة تحاك على الدولة لقلب نظام الحكم والقضاء.

كما يتضمن العفو الأميري عدداً من الكتاب والناشطين؛ مثل رانية السعد، وحمد عبد العزيز إبراهيم الناشي، المرشح السابق لمجلس الأمة، وآخرين يقيمون حالياً خارج البلاد.

لا شروط مسبقة

يؤكد المحلل السياسي الكويتي، عيد الفضلي، أن العفو الأميري "جاء بدون أي شروط مسبقة عن عدة قضايا تمس أمن الدولة، أو شكاوى من دول شقيقة على هؤلاء الأفراد بسبب تغريدات أو إبداء رأي".

وحول نتائج العفو، قال إن للعفو "نتائج إيجابية على البلاد، كما تحدث به بيان مجلس الوزراء من أن المصالحة الوطنية هي الأساس للتنمية في البلاد ولم شمل الأسر، وعدم تفريق أبناء الوطن، وكلنا في قارب واحد".

ويوضح لـ"الخليج أونلاين"، أن المصالحة الوطنية "هي الأساس في العفو حتى يضع الجميع يده في يد الآخر، من أجل تنمية الكويت والعمل على ازدهارها دون أي شروط مسبقة".

وأضاف: "هذا العفو وما سبقه هو عفو كريم من أمير كريم لرجال كرماء، حتى وإن أخطأ البعض فهو لا يقلل من وطنيتهم أبداً".

ويضيف: "العفو بالأساس ليعودوا إلى وطنهم بعد أن هجروا بسبب الأحكام واستقروا في دول خارجية، حتى يعود لم شمل الأسرة الكويتية"، مشيراً إلى أن هذا العفو "لم يكن الأول كبادرة من أمير الكويت وولي عهده، بل هم أصحاب أيادٍ بيضاء في لم شمل الكويتيين وعودتهم إلى وطنهم بما قاموا به من مراسيم عفو سابقة".

بدوره يقول الأكاديمي والباحث السياسي، د.عايد المناع، إن العفو الأميري "هو استكمال لعفو سابق أصدره الأمير في عام 2022، وعاد بموجبه عدد من النواب السابقين والناشطين السياسيين، وستتبعه مراحل أخرى".

وأشار، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن من صدر بحقهم عفو، سيعودون ليمارسوا حياتهم الطبيعية في وطنهم، "على أمل أن يتعظوا ويتجنبوا الوقوع في مطبات قانونية تتسبب في ملاحقتهم".

ويرى أيضاً أن العفو الأميري "خطوة نحو تحسين العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية، وتهدأ الأمور في هذا الجانب".

غير أن ذلك يراه غير كاف بالنسبة للمعارضة، موضحاً: "هناك مشاكل القروض والإسكان والتعليم، وقضايا تعزيز رفاهية المواطنين وبعض الأمور المتعلقة بالمساعدات الاجتماعية، وتكويت الوظائف، وجواز الجمع بين الوظيفة والأعمال الخاصة وغيرها من الأمور  والمتطلبات، أهمها وأكثرها إلحاحاً مشاكل القروض التي عليها طلب شديد من الكويتيين".

ويعتقد أنه في حال لم تنجح الحكومة مع البرلمان في هذه القضايا فقد "يؤدي ذلك إلى أزمة جديدة؛ فإما حل البرلمان وإما استقالة الحكومة، وقد يكون ما بينهما الإبطال وما شابه".

عفو سابق

ليست هذه المرة الأولى التي يصدر فيها مرسوم عفو أميري، فقد سبقه عفو في نوفمبر من العام الماضي، حينما أصدر أمير الكويت مرسوماً بشأن عفو خاص عن بعض الجرائم التي ارتكبها مواطنون كويتيون.

والجرائم التي شملها العفو الأميري الخاص بين 2011-2021 تشمل أي "عمل عدائي ضد دولة أجنبية، وإذاعة أخبار كاذبة، والطعن بحقوق الأمير، والإساءة للقضاء، وإساءة استعمال هاتف"، حيث وصل عدد من تم العفو عنهم إلى نحو 800 شخص.

وفي نوفمبر 2021، أصدر أمير الكويت مرسومي عفو يشملان 71 كويتياً، أكثرهم محكومون في قضية اقتحام مجلس الأمة (البرلمان) عام 2011.

وجميع المحكومين كانوا حينها خارج البلاد وصدرت أحكام غيابية ضدهم بالسجن أبرزهم النائب السابق المعارض مسلم البراك، والنواب السابقون جمعان الحربش، وفيصل المسلم، وخالد الطاحوس، وسالم النملان، الذين عادوا لاحقاً إلى البلاد.

وجاء المرسومان عقب حوار وطني بين رئيسي مجلسي الأمة والوزراء و3 نواب من المعارضة ومثلهم من النواب المحسوبين على الحكومة.