علاقات » اميركي

شعبية السعودية كبيرة وحقيقة بالشرق الأوسط وعلى واشنطن التعامل بواقعية

في 2023/05/13

ستيفن كوك/ فورين بوليسي- ترجمة الخليج الجديد- 

اعتبرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن السعودية على عكس ما يعتقد في الغرب تحظي بشعبية كبيرة وحقيقة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أنه يجب على الولايات المتحدة التعامل مع هذا الأمر بواقعية وأخذه على محمل الجد.

ووفق تحليل نشرته المجلة للكاتب والمحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ستيفن كوك، فإن المسؤولين السعوديين والمتحدثون باسمهم ظلوا طيلة العام الماضي يخبرون أي شخص يستمع إليهم أن بلدهم مركز للاقتصاد العالمي، وقوة جيوسياسية، وديناميكية، وزعيم بلا منازع في الشرق الأوسط.

وذكر المحلل أنه بفضل عائدات النفط، أصبح السعوديون مصدر استثمار لمجتمع الأعمال العالمي، وطوال عام 2022، شق قادة العالم طريقًا إلى باب ولي العهد محمد بن سلمان بحثًا عن كل شيء بدءًا من عقود الأسلحة ومقايضات العملات إلى زيادة إنتاج النفط.

وأشار كوك إلى أن التفاخر السعودي بدا أنه في غير محله، فقد كانت البلاد في حالة تراجع في جميع أنحاء المنطقة.

على سبيل المثال، سعي السعوديون غير القادرين على تخليص أنفسهم من مغامرتهم الفاسدة في اليمن، للحصول على مساعدة من طهران - ثمنها لبنان وسوريا، حيث أصبح الإيرانيون الآن أحرارًا في تعزيز نفوذهم الكبير بالفعل.

استطلاع  

لكن الغريب أنه في ظل هذه الخلفية من الفشل، تبدو السعودية في صعود في عيون سكان المنطقة، إذ أظهر استطلاع حديث أجرته مؤسسة جالوب، في 13 دولة ذات أغلبية مسلمة أن السعودية كانت أكثر شعبية من إيران.

وبالرغم من أن أراء الأتراك والفلسطينيين تأرجحت حيال السعودية، إلا أن المملكة كانت أكثر شعبية من إيران في تركيا وفلسطين، وبالطبع، من الصعب عدم تصديق أن مؤسسة جالوب غير عادلة.

وفقًا للباروميتر العربي الذي يحظى باحترام كبير، تحتل السعودية في الأردن المرتبة الثانية بعد تركيا في موافقة الجمهور، فيما ينظر ما يقرب من نصف التونسيين إلى السعودية - إلى جانب فرنسا وتركيا - بشكل إيجابي.

يفضل العراقيون السعودية أكثر من أي دولة أخرى باستثناء الصين، ومحمد بن سلمان هو زعيمهم المفضل بعد رئيس الإمارات محمد بن زايد.

أسباب الشعبية السعودية

ورأي كوك أن هذا النوع من البيانات يتعارض مع الطريقة التي تنظر بها العديد من النخب الغربية إلى السعودية، مما يثير سؤالًا مهمًا: لماذا تحظى السعودية بشعبية كبيرة في الشرق الأوسط؟

وبينما لا تخبر استطلاعات الرأي المحللين بأي تفاصيل عن سبب إعجاب الناس في المنطقة بالسعوديين، ثمة قدر لا بأس به من الأدلة والشهادات على أن السياسات الداخلية والخارجية لولي العهد تروق للناس في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وأشار عدد من الأشخاص الذين التقي بهم كوك إلى التغيرات الاجتماعية الجارية في السعودية، والتي تعتبر حقيقية ومهمة والتي أثرت بشكل إيجابي على حياة العديد من السعوديين.

بالنظر إلى تدخل السعودية في اليمن، ودور الرياض في حصار قطر، وإجبار ولي العهد رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري على الاستقالة وقتل جمال خاشقجي، فليس من المستغرب أن ينظر الكثير من واشنطن إلى ولي العهد البالغ من العمر 37 عامًا على أنه متهور وخطير.

ومع ذلك، يبدو أن الشرق أوسطيين لديهم وجهة نظر مختلفة. وبدلاً من اعتبار المملكة مصدرا لعدم الاستقرار الإقليمي، يُنظر إلى الرياض على أنها قوة للاستقرار.

على سبيل المثال، يوفر استثمار المملكة الكبير ومساعدتها المالية للأردن الأمل في أن تتمكن الرياض من إخراج عمان من الديون والمساعدة في تأمين مستقبل الأردن.

لكن الأمر لا يتعلق فقط بالمساعدة والاستقرار اللذين قد يجلبهما.  وبحسب مصدر أردني، فإن السعودية تقدم كميات وفيرة من المساعدات أفضل من نظيرتها التي تقدمها الولايات المتحدة. ويبدو أن هذا المنظور منتشر على نطاق واسع، خاصة بين الشباب.

مساعدة سوريا

وذكر كاتب التحليل أن مواقف الأمير محمد بن سلمان التي تنم عن نهج مستقل عن مواقف القوى الكبرى، خصوصاً قراره إرسال جسر جوي من المساعدات الإنسانية لمنطقة حلب في سوريا، على رغم عدم ارتياح واشنطن للقرار السعودي، عزز صورة الرياض في عقول السوريين، الذين أعربوا عن تقدير كبير لمواقف ولي العهد السعودي.

وأظهر الاستطلاع شعبية كبيرة للسعودية في سوريا، إثر قرار المملكة الدفع بعودة سورية إلى الصف العربي.

وقال سوريون في المنفى إنهم على رغم معارضتهم نظام الرئيس بشار الأسد إلا أنهم يرون أن قرار الأمير محمد بن سلمان بهذا الشأن هو السبيل الأوحد لإنهاء معاناة الشعب السوري، وانطلاق عمليات إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سوريا.

وأشار الاستطلاع إلى أن شعوب المنطقة ترى أن السعودية محرك لازدهار المنطقة واستقرارها.

بشكل عام، يبدو أنه بينما تنتهج السعودية سياسة خارجية مستقلة عن واشنطن، يرى الناس في المنطقة أن البلاد محرك للازدهار واستقرار إقليمي.

رؤية واقعية

وأوضح كوك أن سيكون من الواجب على المحللين والخبراء المسؤولين وصناع القرار الغربيين أخذ استطلاعات الرأي والأسباب لشعبية المملكة على محمل الجد.

وتابع إذا كانت واشنطن ستتنافس مع بكين وموسكو، وإذا كانت ستحارب المتطرفين، وتريد تجنب الانتشار النووي، وتساعد الشرق الأوسط في مكافحة تغير المناخ، فإن الولايات المتحدة سيكون لدى صانعي السياسات فرصة أكبر للنجاح إذا رأوا العالم كما هو.

وفي هذا العالم، تعتبر المملكة العربية السعودية لاعبًا اقتصاديًا مهمًا وقوة جيوسياسية وديناميكية وشعبية. فمن كان يظن ذلك؟