علاقات » اميركي

فقط بوعود واقعية.. يمكن لبايدن تطبيع علاقات إسرائيل والسعودية

في 2023/07/11

فراس مقصد/ المركز العربي واشنطن دي سي- ترجمة الخليج الجديد- 

الثقة وليس النفط هي أثمن سلعة في الجزيرة العربية.. منطلقا من تلك العبارة، قال فراس مقصد، الأستاذ المساعد بجامعة جورج واشنطن، إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يخطط لإعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر "سراب صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية"، بينما عليه أن يعتمد على "وعود واقعية حتى لا يقوض عدم الوفاء بها الثقة بين الرياض وواشنطن".

مقصد تابع، في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" للدراسات (ACW) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "نطاق وحجم ما يتفاوض عليه كبار دبلوماسيي بايدن مع الرياض أمر غير عادي".

ولا ترتبط السعودية بعلاقات علنية مع إسرائيل وتشترط انسحابها من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

و"مقابل تطبيع السعودية للعلاقات مع الدولة اليهودية، يدرس المسؤولون الأمريكيون المطالب السعودية بإلزام واشنطن بالدفاع عن المملكة، ومساعدتها في أن تصبح قوة نووية تطمح لتخصيب اليورانيوم ظاهريا لأغراض مدنية"، بحسب مقصد.

وأردف أن "بايدن قلل قبل أيام من فرص حدوث انفراجة، لكن تعيينه مؤخرا السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو مسؤولا عن اتفاقيات إبراهيم بين إسرائيل والدول العربية، يدل على الأولوية المضافة التي يعطيها البيت الأبيض لهذه المسألة الآن".

و"اتفاقيات إبراهيم" هي اتفاقيات وقَّعتها إسرائيل، بوساطة واشنطن في 2020، لتطبيع العلاقات مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، لتنضم إلى مصر والأردن وهي 6 دول عربية (من أصل 22) تقيم علاقات علنية مع تل أبيب.

واعتبر مقصد أنه "إذا نجحت هذه الصفقة الكبرى فستُغير قواعد اللعبة بالنسبة لدور الشرق الأوسط وواشنطن فيه، فمن شأنها أن تشعل التحالف الاستراتيجي الناشئ بين العرب وإسرائيل ضد التحدي الذي تمثله إيران".

وزاد بأنها "ستعزز الموقف الإقليمي لواشنطن، وتمنع توغل الصين (منافسها الاستراتيجي) المتزايد في منطقة تظل صادراتها النفطية ونقاط الاختناق البحرية فيها حيوية للاقتصاد العالمي ولأي قوة عظمى طموحة لتهيمن عليها".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وكثيرا ما اتهمت عواصم إقليمية وغربية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب وواشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينما تقول إيران إنها تلتزم بميادئ حُسن الجوار.

مجلس الشيوخ

و"لا تحظى السعودية بشعبية كبيرة بين المشرعين الأمريكيين في مجلس الشيوخ بسبب مخاوف بشأن حقوق الإنسان والحرب في اليمن (منذ 2014)، بينما مطلوب دعم بهامش الثلثين للتصديق على أي معاهدة دفاع مع المملكة"، كما أضاف مقصد.

وزاد بأن "الحكومة اليمينية الإسرائيلية نفسها (برئاسة بنيامين نتنياهو) لا تحظى بشعبية  في واشنطن، لا سيما بين الديمقراطيين (حزب بايدن) الذين ستحتاج الإدارة إلى التأثير على أصواتهم".

و"نتنياهو يتورط في أزمة دستورية غير مسبوقة (بسب خطة تعديل القضاء المثيرة للجدل) ويدين بالفضل لائتلاف حاكم (يميني متطرف) هش، وغير قادر على تقديم تنازلات ذات مغزى تجاه الفلسطينيين، ، الذين هم أيضا في حالة من الفوضى، دون المخاطرة بانهيار الحكومة"، كما أوضح مقصد.

وشدد على أن "تطبيع العلاقات مع السعودية (لمكانتها الدينية بين المسلمين وقدراتها الاقتصادية الضخمة) مغرية للغاية بالنسبة لرئيس وزراء محاصر يتطلع إلى تعزيز إرثه، لكن حاجة المملكة إلى لفتة إسرائيلية تجاه الفلسطينيين هو ثمن لا يستطيع نتنياهو تحمله حاليا".

الدفاع والنووي

ووفقا لمقصد فإن "تحقيق التطبيع السعودي الكامل مع إسرائيل مقابل معاهدة دفاع أمريكية سعودية هو جسر بعيد للغاية بالنسبة لجميع الأطراف".

وأضاف أنه في المقابل "يمكن لبايدن أن يقدم تأكيدات بأن الولايات المتحدة ستقدم المساعدة للسعودية في حال تعرضها لهجوم كبير يهدد المصالح الأمريكية الرئيسية في الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحرية تدفق النفط، كما يمكنه تصنيف المملكة كشريك دفاعي رئيسي وحليف رئيسي من خارج (حلف شمال الأطلسي) الناتو".

"لكن القضية الوحيدة التي تستحق اهتمام بايدن هي التعاون النووي مع السعودية، إذ وقَّعت الرياض بالفعل اتفاقيات تعاون نووي مع دول بينها الصين وروسيا وكوريا الجنوبية وفرنسا"، بحسب تقدير مقصد.

واعتبر أنه "من مصلحة واشنطن، سواء من منظور منافسة القوى العظمى ضد الصين وروسيا أو حماية نظام عدم الانتشار (النووي) أو تعزيز السياسات الصناعية الوطنية، أن يتم توقيع البرنامج النووي المدني للمملكة باعتباره مشروعا أمريكيا سعوديا".

وتتهم دول إقليمية وغربية، بينها إسرائيل التي تمتلك ترسانة نووية غير خاضعة للرقابة الدولية، إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغرض السلمية وبينها توليد الطرباء.

وختم مقصد بأنه "يمكن لنسخة معتدلة مما يتم التفاوض عليه أن تضع العلاقة الثنائية المهمة وغير المستقرة بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أساس مستقر وتعيد تشكيل الشرق الأوسط. ولتحقيق النجاح، على بايدن تحديد أهداف قابلة للتحقيق ومواصلة إدارة التوقعات وإبلاغ السعوديين بوضوح بما هو ممكن واقعيا".