علاقات » اميركي

صفقة التطبيع السعودي الإسرائيلي.. مسار محفوف بالمخاطر لبن سلمان

في 2023/08/17

 أمواج ميديا/ترجمة الخليج الجديد- 

سلط موقع "أمواج ميديا" الضوء على الإشارات المتضاربة بشأن التقدم في تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، مشيرة إلى أن وسائل إعلام خليجية تبرز الحاجة إلى وضع فلسطين في قلب أي صفقة للتطبيع.

وذكر الموقع، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن بعض المعلقين السعوديين أعربوا عن معارضتهم لإقامة علاقات رسمية مع تل أبيب، في حين يضخم القوميون في الرياض الآثار الإيجابية له، وإزاء ذلك، يجد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، نفسه أمام ضرورة انتقاء خطواته بحذر حتى لا يقوض شرعيته في داخل السعودية، وكذلك في العالمين العربي والإسلامي.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، في 9 أغسطس/آب، أن الولايات المتحدة أحرزت تقدمًا في "الخطوط العريضة" لصفقة مع السعودية من شأنها أن تستلزم تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ونقلت عن مسؤولين أمريكيين مجهولين تعبيرهم عن "تفاؤل حذر" بالوصول إلى "أهم اتفاق سلام في الشرق الأوسط خلال فترة تتراوح بين 9 و12 شهرا.

وسبق أن تداولت تقارير غربية أن بن سلمان أكد للمسؤولين الأمريكيين أنه "جاد في محاولته التوسط في صفقة"، وفي الوقت نفسه، أبلغ مساعديه بأنه غير مستعد لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل.

أما إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، فتسعى للحصول على ضمانات من المملكة بأنها "ستنأى بنفسها - اقتصاديًا وعسكريًا - عن الصين"، بحسب المصادر.

 ومع ذلك، رد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، على الفور بأن صحيفة وول ستريت جورنال "بالغت" في تصويرها للمفاوضات السعودية الأمريكية.

وركزت العديد من ردود الفعل في المنطقة على وضع حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني في قلب أي صفقة إسرائيلية - سعودية - أمريكية محتملة.

وفي مقال نُشر في 14 أغسطس/آب الماضي، على موقع قناة العربية الممولة سعوديًا، كتب الدبلوماسي الكويتي المخضرم، عبد الله بشارة: "لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام [بين الرياض وتل أبيب] دون [إقامة] دولة فلسطينية"

وفي الوقت نفسه، قال بشارة إن إسرائيل ترى أن "السلام مع العرب لن يكون موجودًا طالما أن السعودية ليست جزءا منه"، مضيفا أن "السلام المحتمل بين المملكة وإسرائيل في إطار اتفاقيات إبراهيم" سيمكن بايدن من "مواصلة" رئاسته و "يضمن له مفاتيح" البيت الأبيض.

وإلى جانب التطبيع بين إسرائيل والسعودية، أوردت صحيفة "العربي الجديد"، في 15 أغسطس/آب، أن بايدن يسعى أيضاً إلى "صفقة غير رسمية وغير معلنة" مع إيران، مشيرة إلى أن التطبيع السعودي مع إسرائيل سيمنح "الرياض حزمة أمنية واسعة النطاق" وينطوي على "إعادة ترتيب" لعلاقات المملكة مع بكين.

ضمانات أمنية

وفي مقال نشر الأسبوع الماضي، سلطت الصحيفة ذاتها الضوء على نفوذ الرياض وموقفها الجريء في المحادثات مع واشنطن، مشيرة إلى أن الهدف الرئيسي للسعودية هو الحصول على "ضمانات أمنية أمريكية" لضمان أن الولايات المتحدة ستدافع عن المملكة في حالة تعرضها للهجوم.

كما أدرجت الصحيفة مطالب الرياض الثلاثة الأكثر أهمية من الولايات المتحدة، وهي "التوصل إلى اتفاقية دفاع متبادل، والمساعدة في بناء برنامج نووي وقبول تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، والسماح لها بامتلاك أسلحة أمريكية متطورة، مثل منظومة (ثاد) للدفاع الجوي".

وفيما يتعلق بمطالبات السعودية من إسرائيل، أوردت "العربي الجديد" أن السعودية حريصة على الحصول على "تنازلات" تتعلق بالقضية الفلسطينية تتجاوز تعهد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بعدم ضم الضفة الغربية.

وسعى محللون ووسائل إعلام خليجية إلى توضيح دوافع التطبيع الإسرائيلي – السعودي، بينها صحيفة عكاظ، التي نشرت مقالا للصحفي السوري، رامي الخليفة العلي، ذكر فيه أن بن سلمان "حريص على إحلال السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها"، مضيفا أن "ولي العهد استقر بالفعل في البيت الخليجي، وفتح الأبواب المغلقة مع طهران".

فيما أعرب المحلل السياسي السعودي، سلمان الأنصاري، عن تفاؤله بشأن التطبيع، لكنه شكك في إبرام أي اتفاق في ظل الحكومة الائتلافية اليمينية المتطرفة الحاكمة في إسرائيل.

عقبات الاتفاق

ويشير "أمواج ميديا" إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، البالغ من العمر 80 عامًا، حول تركيزه نحو استكشاف آفاق إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الإسرائيلية السعودية، مشيرا إلى أن معظم دول الخليج العربية تحافظ بالفعل على علاقات اقتصادية وأمنية غير رسمية مع إسرائيل، مدفوعة جزئيًا برؤية إيران كتهديد مشتركا.

وأضاف أن واشنطن تعتقد أن اعتراف الرياض بإسرائيل على غرار اتفاقات إبراهيم 2020 سيساعد في إعادة رسم المشهد السياسي الإقليمي.

لكن رغم الحماس بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين للتطبيع الإسرائيلي - السعودي، لا تزال هناك عقبات مهمة، فحتى إذا وافق البيت الأبيض على تقديم ضمانات أمنية للسعودية "شبيهة بضمانات حلفاء الناتو"، سيحتاج الكونجرس إلى الموافقة على مثل هذه المعاهدة، وهو أمر صعب، بالنظر إلى أن بعض المشرعين الأمريكيين لا يزالون غير راضين عن سجل حقوق الإنسان في المملكة.

ونفى مسؤولون مقربون من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقيهم أي شروط سعودية للتطبيع مع المملكة، فيما أعرب بعض المسؤولين الأمنيين في إسرائيل عن معارضتهم لأي برنامج نووي سعودي تدعمه الولايات المتحدة يمكن أن ينبثق عن اتفاق.

وعلى أقل تقدير، من المرجح أن تطلب الرياض من نتنياهو تقديم تنازلات رمزية للفلسطينيين، لكن الموقف المعادي للفلسطينيين من جانب بعض شركاء نتنياهو السياسيين يجعل مثل هذه التنازلات صعبة، إن لم تكن مستحيلة، إذ لا يملك رئيس الوزراء الإسرائيلي رأس المال السياسي لتحدي شركائه اليمينيين في الائتلاف الحكومي.

وهنا ينوه "أمواج ميديا" إلى أن توصل القادة الإسرائيليين والسعوديين إلى اتفاق، لا يعني بالضرورة تغيير الرأي العام العربي السلبي بشأن الاعتراف بإسرائيل، مشيرا إلى أن استطلاعا حديثا أورد أن عرب الخليج أصيبوا بخيبة أمل من اتفاقيات إبراهيم، وأن أي صفقة تطبيع إسرائيلية - سعودية سيُنظر إليها، على الأرجح، باعتبارها تجاهلا للفلسطينيين، ما يمكن أن يلحق الضرر بشرعية بن سلمان.

ترجيحات المستقبل

ورغم التقارير المتوالية عن إحراز تقدم، لا يزال اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي بعيد المنال، إذ يواجه بايدن تحديات داخلية كبيرة لتلبية المطالب السعودية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالالتزامات الأمنية وتخصيب اليورانيوم.

وإلى جانب جهوده لإقامة علاقات رسمية مع المملكة، من المرجح أن يواصل نتنياهو دفعه من أجل التزامات أمنية أقوى من الولايات المتحدة.

ويبدو من غير المرجح أن يقدم نتنياهو تنازلات للفلسطينيين في محاولة لتلبية المطالب السعودية، ومع ذلك، فإن التجميد المؤقت لتوسيع المستوطنات يمكن أن يساعد في التقدم نحو صفقة بين الرياض وتل أبيب.

أما المرجح فيتمثل في أن يواصل القوميون السعوديون تضخيم الآثار الإيجابية للتطبيع مع إسرائيل، أما بن سلمان، فسيحتاج إلى أن يتعامل بحذر مع عدم تقويض شرعيته في داخل المملكة، وكذلك في العالمين العربي والإسلامي.