علاقات » اميركي

إيران وأمريكا والتطبيع.. حرب غزة تضع دول الخليج أمام تحديات خطيرة

في 2023/11/09

 محمد الرميحي / منتدى الخليج الدولي - ترجمة الخليج الجديد- 

وضعت الحرب في غزة أمام دول الخليج – التي كانت عازمة على وضع خصومات الماضي خلف ظهرها، لكنها لا تزال مسؤولة أمام صوتها الشعبي العربي - تحدياً فريداً ومحفوفاً بالمخاطر، وسيكون عليها أن تتصرف بمسؤولية وتركيز، لا سيما إزاء تداخل إيران فيما يجري، واحتمالية تفجر تلك الحرب لتدور بعض تفاصيلها على الميدان الخليجي.

ما سبق كان خلاصة تحليل نشره "منتدى الخليج الدولي" للأكاديمي والباحث السياسي الكويتي محمد الرميحي، الأمين العام السابق للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت.

ويقول الكاتب إنه على الرغم من الموجة الجديدة من القادة المتطلعين إلى المستقبل في جميع أنحاء دول الخليج، وسلسلة من الجهود الدبلوماسية التي تهدف إلى وضع حد للتوترات الجيوسياسية القديمة، فإن أزمات المنطقة لا تزال تنمو، وأصبحت الحلول بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى.

المسؤولية الشعبية

وأضاف: يشكل اندلاع الحرب في غزة تحدياً مميزاً وخطيراً لدول مجلس التعاون الخليجي، التي رغم حرصها على المضي قدماً بعد نزاعات الماضي، تظل مسؤولة أمام مشاعر شعوبها.

وكان قادة الخليج، لا سيما الذين طبعوا علاقاتهم بالفعل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، يدرسون كيفية الاستمرار في جني الفوائد الاقتصادية والأمنية لتوثيق العلاقات مع تل أبيب، مع المحافظة على قدر من الاحتجاج على سلوك دولة الاحتلال خلال الحرب في غزة، كما يقول الرميحي.

ويشير الكاتب أيضا إلى أن الحرب التي بدأت في غزة، لا يستطيع أحد أن يتنبأ، حتى الآن، بمداها الزمني وآثارها الجيوسياسية، والأهم هو مدى تدخل القوى الإقليمية، مثل إيران وتركيا، في الصراع الدائر لتعظيم مصالحها ونفوذها.

القلق من إيران

ويرى أن أبرز المخاوف تتعلق بإيران، والتي ترعى شبكة واسعة من الجماعات الوكيلة التي بدأت تتدخل في حرب غزة بعدة أساليب عسكرية.

لكن الجيد هنا، أن إيران لم تتدخل رسميا في الحرب، وبدلا من ذلك، قدمت نفسها كلاعب إقليمي مؤثر، على استعداد – ظاهريا- لتقديم مساعدتها للأطراف المتضررة، مقابل توسيع نفوذها، وهو ما كش فعنه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان حينما قال إن طهران مستعدة للعب دور في إطلاق سراح الأسرى الذين بحوزة المقاومة الفلسطينية في غزة، وأنها تلقت اتصالات من دول لها رعايا أسرى في القطاع تطلب وساطتها.

الرأي العام الخليجي

ويقول الرميحي إن الأزمة الكبرى أمام قادة الخليج الآن هو الرأي العام الشعبي الذي يغلي جراء استمرار مشاهد المروعة لآلاف الأطفال الفلسطينيين القتلى وقصف المدارس والمستشفيات والمناطق السكنية في غزة.

وتسبب الأمر في خلق معضلة لا تستطيع دول مجلس التعاون الخليجي الهروب منها. فمن ناحية، حققت علاقاتهم مع إسرائيل، العلنية أو غير ذلك، مكاسب حقيقية في مجالات الاقتصاد والأمن والتكنولوجيا، ومن ناحية أخرى، قبل اندلاع الحرب المستمرة، أوضح قادة دول مجلس التعاون الخليجي بشكل لا لبس فيه أن مسؤوليتهم الأساسية هي رعاية مواطنيهم، وليس الفلسطينيين.

ولكن عندما يدعو هؤلاء المواطنون قادتهم إلى إدانة إسرائيل، فليس أمامهم خيار سوى اتباعهم، يقول الكاتب.

الدور الأمريكي

ولا يؤدي الدور الأمريكي إلا إلى تفاقم الوضع بالنسبة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعاني من الارتباط بسبب علاقاتها الوثيقة مع واشنطن.

وتزايدت الدعوات في الكويت لطرد السفيرة الأمريكية المعينة حديثا، ودعا آخرون دول الخليج إلى استخدام سلاح النفط لمحاولة وقف الحرب في غزة، وواجهت دول تقيم علاقات مع إسرائيل دعوات لطرد السفراء الإسرائيليين.

ويقول الكاتب: في ظل كل هذا التوتر، من المهم أن نفهم أن الإجراءات والسياسات في خضم هذا التصعيد العسكري يمكن أن تؤدي إلى عواقب كارثية على أمن دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تحاط تلك الدول بإيران، والحوثيين في اليمن، والميليشيات المدعومة من إيران في العراق؛ وجميعها قادرة على زعزعة استقرار دول مجلس التعاون الخليجي إذا اتسعت الحرب في غزة.

وفي الوقت نفسه، تصاعدت التوترات مؤخراً بشأن النزاعات الإقليمية، مثل الجزر الإماراتية المحتلة، وحقل الدرة النفطي، وممر خور عبدالله المائي بين الكويت والكويت. العراق. ورغم أن هذه الخلافات لا علاقة لها بحرب غزة، إلا أنها قد تكون بمثابة وقود إضافي لبرميل البارود في الخليج.

ويختم الرميحي تحليله بالقول: إن الإحباط المتزايد بين الجمهور العربي ضد الظلم الذي يواجه الفلسطينيين، والقدرات المتزايدة التي تتمتع بها الجهات الفاعلة غير الحكومية المدعومة من إيران، هي الوصفة المثالية لاندلاع الفوضى في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وقد يؤدي هذا المنعطف الخطير إلى عواقب غير مسبوقة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويردف: على أقل تقدير، من المرجح أن يؤدي التهديد بتوسع الصراع في الشرق الأوسط إلى زيادة العسكرة الإقليمية، والإنفاق الدفاعي، وربما حتى التصعيد داخل الخليج للحصول على برامج نووية.