علاقات » اميركي

واشنطن بوست: في ظل سياسة “لا تنازل” الأمريكية مع الرهائن باتت قطر تلعب دوراً بارزاً

في 2023/11/16

 صحيفة “واشنطن بوست”- 

نَشَرَتْ صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً أعدته جوانا سليتر حول الكيفية التي تحاول فيها إدارة الرئيس بايدن التعامل مع أزمة الرهائن في غزة. وأشارت إلى أن المسؤولين الأمريكيين التقوا مع المسؤولين القطريين في الدوحة للتباحث في كيفية التعامل مع وضع الرهينة، وكان الهدف من وراء التمرين هو الوضع الخطير والمتطور سريعاً لـ “حركة الشباب الإسلامي” في الصومال، والتي احتجزت أربعة عمال إغاثة، أمريكيين وقطريين. وجرح أحد الأمريكيين بجراح بالغة، وكانت هناك مباحثات حول عملية إنقاذه. ولم يكن يخطر لأحد في داخل الغرفة أنهم، بعد أشهر، سيواجهون أزمة رهائن أعمق وأخطر و”أسوأ سيناريو”، كما قال كريستوفر أوليري، المدير السابق لقوة المهام الخاصة من أجل إنقاذ الرهائن، و”لا أحد تصور أن تكون بهذا السوء”، فالأزمة الحالية في غزة لا تشبه أي أزمة أخرى.

وفي وقت كان هناك أوضاع سابقة تتعلق بأعداد كبيرة من الرهائن، لكن لم يسبق أن يحدث أمر كهذا: عملية أسر واسعة لمئات من الأشخاص، ومن عدة جنسيات، بمن فيهم أطفال وكبار في العمر، وكلّهم محتجزون في محور حرب، وفي الأنفاق. وهناك أكثر من 240 رهينة في غزة، حسب المسؤولين الإسرائيليين.

وتمثّل الأزمة امتحاناً لإدارة بايدن ولسياسة الرهائن الأمريكية. ففي السنوات الماضية، تركّز معظم جهود الإدارة على الأمريكيين الذين احتجزتهم دول مثل روسيا وإيران وفنزويلا والصين بناء على اتهامات لا أساس لها، ما قاد إلى صفقات، مثل الإفراج عن لاعبة كرة السلة بريتاني غراينر، وخمسة أمريكيين احتجزتهم إيران. وقبل الشهر الماضي، لم تقم جماعات إرهابية باحتجاز رهائن في السنوات الأخيرة، حسب تقرير  لليغاسي فاونديشن، وهي مجموعة دعم تعمل على المساعدة في الإفراج عن الرهائن الأمريكيين في الخارج.

 وفي سياسة تعود إلى عقد السبعينات من القرن الماضي، أكدت الولايات المتحدة أنها لا تقدم “تنازلات” لمحتجزي الرهائن، ولكن الواقع أعقد من هذا الكلام. فمن ناحية عملية، تستخدم الحكومة الأمريكية عدداً من الأدوات لجلب الرهائن إلى البلد، كما يقول الخبراء، بما في ذلك التفاوض على عملية تبادل سجناء وتغيّرات في السياسة، وفتح المجال للأموال من خلال طرف ثالث. والاستثناء الوحيد أنها لا تدفع فدية للجماعات المصنّفة كإرهابية. وقامت أمريكا بمهام إنقاذ، لكن هذه المحاولات تحمل مخاطر كبيرة. وعادة ما تقوم بهذه المهام دول شريكة، ونصف عمليات إنقاذ رهائن في العقدين الماضيين قامت بها قوات عسكرية تابعة لدول أخرى، وذلك حسب بحث أعدّته دانييل غيلبرت من جامعة نورثويسترن.

وأعلنت الولايات المتحدة أن المفاوضات بشأن الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والأجانب تحقّق تقدماً، ما رفع الآمال بالإعلان عن صفقة تبادل قريباً، وسط حملة عسكرية إسرائيلية وغارات وقصف جوي لا يرحم أدى لارتقاء أكثر من 11.000 فلسطيني، حسب وزارة الصحة في غزة.

وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، يوم الإثنين: “تتحدث قطر مع حماس، وإسرائيل تتحدث مع قطر، والولايات المتحدة تتحدث معهما من أجل التقدم إلى نقطة يمكن أن يفرج فيها عن رهائن”. وحذّرَ من أن الولايات المتحدة ليست لديها رؤية واضحة عن مكان احتجازهم ولا ظروفهم.

وزار، في الأسبوع الماضي، مديرُ “سي آي إيه”، ويليام بيرنز، الدوحة برفقة مدير الموساد، وتباحثا مع القطريين. وتركّزت المحادثات على إمكانية تحرير ما بين 10-20 رهينة، مقابل وقف إطلاق نار ليوم واحد، ووصول المواد الإنسانية للقطاع.

وتقوم السياسة الحالية على إطار عام 2015، عندما فشلت الولايات المتحدة بتحرير رهائن أمريكيين لدى تنظيم “الدولة” في العراق وسوريا وقُتلوا. واشتمل التغير في السياسة على مزيد من الدعم للعائلات، وتشكيل خلية دمج لتحرير الرهائن، قادها أوليري، ومرتبطة مع بقية وكالات الاستخبارات الأمريكية الأخرى، إلى جانب تعيين موفد خاص للرهائن، وتشكيل لجنة في مجلس الأمن القومي لمتابعة شؤون الرهائن. وكل هذه التشكيلات على علاقة بالرهائن في غزة، وتساعد، حسب  ستيفن غيلين، نائب الموفد الخاص للرهائن، والذي زار إسرائيل مع أنطوني بلينكن، وزير الخارجية بعد الهجمات. وهو ما أكدته وزارة الخارجية.

وقالت سينثيا لورتستشر من ليغاسي فاونديشن: “لديك تواصل كامل من الحكومة الأمريكية” و”ما يُحدث فرقاً”.

ويقول الخبراء إن الدور الذي لعبتْه قطر في المفاوضات بشأن الإفراج عن الرهائن ليس مستغرباً، ففي السنوات القليلة الماضية لعبت قطر دور الوسيط في الإفراج عن الكثير من الرهائن الأمريكيين والمحتجزين في أفغانستان وإيران ومالي.

 وقال اوليري إن قطر لعبت دوراً في التفاوض للإفراج عن رهينة لدى شبكة حقاني الأفغانية، وهو أمر وصفه بـ “الحالة المعقدة”.

ولعب المسؤولون القطريون دوراً في تحرير رهينتين في النيجر ومالي، حسب أوليري، الذي يعمل حالياً في مركز صوفان، و”إذا أرادوا الحديث مع قبائل الطوارق في شمال مالي، فهم أكثر فعالية منّا”.

لكن علاقة قطر مع “حماس”، التي يعيش قادتها السياسيون في الدوحة محلّ جدل. ويقول كريستوفر كوستا، المدير السابق لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، وسبق له أن عمل على عدد من الرهائن: “هذا ما أقوله للناقدين: بفضل قطر لدينا قناة مع حماس، ولدينا قناة مع طالبان، ولدينا قناة مع الإيرانيين”.

وقال مسؤول أمريكي، رفض َالكشف عن نفسه، إن قطر تبدو “مساعدة كثيراً” لأمريكا، وهو يشك في أنها دفعت فدية نيابة عن الأمريكيين لتحرير الرهائن، وكاستثمار تراه مهماً لمصالحها الخاصة.

وكانت محاولات تحرير الرهائن محفوفة بالمخاطر للكثير من الرؤساء الأمريكيين، فقد خسرَ جيمي كارتر محاولة إعادة انتخابه مرة ثانية، بعد فشل عملية تحرير رهائن السفارة الأمريكية في طهران.

وباع رونالد ريغان السلاح سرّاً لإيران، لكي تساعد في تحرير الرهائن الأمريكيين في لبنان، وهي عملية تحولت لفضيحة إيران- كونترا. ويقول بريان مايكل جينكينز، المستشار البارز لمجموعة راند: “لدينا رئيسان تضرّرا بوضع الرهائن”.

وعمل جينكينز في دراسة وتحرير الرهائن لأكثر من خمسين عاماً. وفي بداية السبعينات من القرن الماضي، ووسط موجة اختطاف الدبلوماسيين الأمريكيين، سأل مسؤولٌ بارز في وزارة الخارجية جينكينز سؤالاً لم ينسه منذ ذلك الوقت: كيف تقايض على إنسان؟ والمسألة ليست عن التكتيكات، بل هي معضلة فلسفية عميقة.

ودرس جينكينز سياسة “لا تنازلات”، والتي صاغها لأول مرة ريتشارد نيكسون، ووجد أنها لم تخفض في حالات اختطاف الأمريكيين.

وفي غزة تبدو صورة الرهائن معقدة أكثر، بسبب العدد الكبير، من عدّة دول، والغزو الإسرائيلي لغزة. وهو تحدّ للتنسيق والحفاظ على نهج موحّد.