علاقات » اميركي

رسالة أميركية إلى إيران... عبر قطر

في 2024/08/29

متابعات- 

في موازاة إخفاق محادثات القاهرة في التوصّل إلى نتيجة تفضي إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، يستمرّ حَراك الأطراف الوسيطة الأخرى، وخصوصاً قطر، للإبقاء على التفاؤل إزاء المفاوضات القائمة، والحدّ من توسيع رقعة الحرب في المنطقة. وفي هذا الإطار تحديداً، يمكن وضع زيارة رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لطهران، ولا سيما أن المسؤولين الإيرانيين، الذين يؤكدون دعمهم وقفَ الحرب في غزة، يشدّدون في المقابل على حقّهم في الردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، على أراضيهم.ووفقاً لمصادر ديبلوماسية مطّلعة، تحدثت إلى «الأخبار»، فإن المسؤول القطري الرفيع قدّم، خلال زيارته للعاصمة الإيرانية، الإثنين، ولقاءيه المنفصلَين مع وزير الخارجية عباس عراقجي، ورئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، شرحاً حول مسار محادثات وقف إطلاق النار في غزة، والتي تجري في الدوحة والقاهرة. وبغرض الحفاظ على المسار الديبلوماسي الرامي إلى وضع نهاية للحرب في غزة، دعا آل ثاني، إيران إلى الامتناع عن القيام بعمل قال إنه «يمكن أن يضرّ بهذا المسار»، وهو المطلب الذي طرحه الأميركيون على نظرائهم الإيرانيين بصورة غير مباشرة. ولكن البيت الأبيض قال، مساء أمس، إن إيران تستعد لشنّ هجوم على إسرائيل، مؤكداً أن الولايات المتحدة ستدافع عن حليفتها في ما لو حصل الهجوم، وموجّهاً رسالة إلى الجمهورية الإسلامية مفادها «لا تفعلي ذلك»، لأنه «لا يوجد سبب لبدء حرب إقليمية»، وفق ما جاء على لسان منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي.

ويعكس ما تقدّم، قلقَ الأطراف الوسيطة في المحادثات، وخصوصاً أن ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري في المنطقة، بما في ذلك بين إيران وإسرائيل، من شأنه أن يتسبّب بإفشال مسار التفاوض المتعثّر أصلاً. من هنا، أعلنت إيران دعْمها وقف إطلاق النار في غزة، وأيّ محادثات ترمي إلى تحقيق هذا الهدف، من دون أن يعني ما تقدم تجاهل حقّها في الرد على اغتيال هنية في طهران، كونه يمثّل اعتداءً على سيادتها ووحدة أراضيها.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية بأن وزير الخارجية الإيراني أثنى، خلال لقائه نظيره القطري، على جهود الدوحة لوقف الحرب وإقرار وقف إطلاق النار في غزة، قائلاً إن الجمهورية الإسلامية «ستدعم أيّ اتفاق يوافق عليه أصدقاؤنا في المقاومة الفلسطينية وحماس». لكن، وقبل يوم واحد من زيارة آل ثاني لطهران، قال عراقجي، في اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي، أنتونيو تاجاني، إن ردّ بلاده على اغتيال هنية على أرضها سيكون «حتمياً ودقيقاً ومدروساً»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «إيران، على العكس من الكيان الصهيوني، ليست بصدد زيادة التصعيد، مع أنها لا تخشاه».

عراقجي: «إيران، على العكس من الكيان الصهيوني، ليست بصدد زيادة التصعيد، مع أنها لا تخشاه»

وفي الإطار نفسه، قال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، الإثنين، وبالتحديد بعد يوم واحد من رد «حزب الله» على اغتيال القيادي فؤاد شكر، إن ردّ إيران على اغتيال هنية سيكون «حتمياً» وبشكل «منفصل» و»مستقل» عن ردّ «محور المقاومة»، مؤكداً أيضاً أن بلاده «لن تقع في فخ الألاعيب والاستفزازات الإعلامية للعدو». من جهته، أکد السفير الإيراني لدى لبنان، مجتبى أماني، أمس، أن «ردّ إيران على الجريمة التي ارتكبها الصهاينة في طهران مؤكد، والوقت تحت تصرّف القوات العسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية».

وفي تعليقها على زيارة وزير الخارجية القطري لطهران، والموضوعات المتّصلة بالرد الإيراني المرتقب، قالت صحيفة «فرهيختكان»، أمس، إن آل ثاني حمل رسالة من الغربيين في شأن العمل على الحد من توسيع نطاق الحرب. وأضافت أن «وزير خارجية قطر حمل رسالة من جانب أميركا وكذلك البلدان الأوروبية، بما فيها الترويكا، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إلى طهران، مفادها بأن هذه الدول لا ترغب في توسيع رقعة الحرب»، و»تدعو إيران إلى أن تكتفي بالعملية التي نفّذها حزب الله يوم الأحد، وأن تُحجم عن الرد المباشر على الكيان الصهيوني، لأن المنطقة لا تحتمل في الوقت الحاضر حرباً واسعة أخرى». ووفق ما أوردته الصحيفة، فإن «رسالة أميركا والأوروبيين أُبلغت عن طريق قطر، بيد أن إيران ستتصرّف بصورة مستقلّة. الردّ مسألة كرامة وشرف، ويتوقّف على قرار المستويَين العسكري والسياسي في إيران، بمعنى أن الكيان الصهيوني، من خلال اغتياله إسماعيل هنية، يكون قد خرق استقلال إيران وسلامة ترابها، ويُعدّ ذلك انتهاكاً سافراً للقوانين الدولية ونقضاً للسيادة الايرانية. إيران ستردّ رداً حاسماً، لكن موعد الرد يتوقّف على ظروف المنطقة والظروف الدولية».

من جانبه، كتب سفير إيران الأسبق لدى لبنان والأردن، أحمد دستمالجيان، في صحيفة «أرمان ملي»، أن «محور المقاومة يعتمد استراتيجية مركّبة لمعاقبة الكيان الصهيوني، تنطوي على موقف هجومي، يتم في صمت تام وبشكل مباغت». وأشار إلى الهجوم الذي نفذه «حزب الله» الأحد، معتبراً أن «العملية المركّبة، هي عملية معقّدة يقوم بها كل مكوّن من مكوّنات محور المقاومة في ظروف خاصة وحسب قدراته الخاصة، والرد الإيراني على إسرائيل، سيتم تأسيساً على عنصر «المفاجأة» وستحدّد نوعيته وزمانه بحسب التشخيص الإيراني».

وحول مسألة الردّ أيضاً، كتبت صحيفة «دنياي اقتصاد»: «لقد وعدت إيران بالثأر، لكنها أكدت أنها لا تريد الحرب. وعليه، فإنها قادرة من خلال ردّ مُتحكَّم فيه، لكنه مدروس، على تنفيذ وعدها بمعاقبة إسرائيل، وفي الوقت ذاته الالتزام بالاستقرار الإقليمي وجهوزيّتها للحوار، تمهيداً لعقد جولة جديدة من محادثات رفع العقوبات الذي اتخذتها الحكومة الرابعة عشرة شعاراً لها».