سايمون هندرسون\ معهد واشنطن للدراسات
يبدو أن العديد من زعماء الخليج يتطلعون بترحاب لعودة إدارة أمريكية تسعى إلى تعزيز الروابط التجارية القوية. غير أن الأسابيع العشرة الفاصلة عن يوم التنصيب قد تشهد اندلاع أزمات إقليمية جديدة أو تفاقم أزمات قائمة.
العالم في حالة من الصدمة، حيث يوشك الرئيس السابق دونالد ترامب على أن يصبح رئيسًا مرة أخرى. فبعد أسابيع من السباق الانتخابي المتقارب، لم يكتفِ بالفوز بالمجمع الانتخابي، الذي يعد الهيئة الأمريكية المسؤولة عن اختيار الرئيس القادم رسميًا، بل إن حزبه الجمهوري قد حصد مقاعد إضافية في مجلس الشيوخ واقترب من السيطرة على مجلس النواب أيضًا. ولعل الأهم في السياسة الداخلية الأمريكية هو تحقيقه فوزًا مقنعًا في التصويت الشعبي.
كيف تمكن ترامب من تحقيق ذلك؟ قد تكون خيبة الأمل في أداء الاقتصاد تحت إدارة الرئيس بايدن هي السبب الأبرز، حيث استاء المواطنون من ارتفاع الأسعار المستمر، ولم يجدوا في قيادة كامالا هاريس المقبلة أي أمل في التحسن.
استغل ترامب حالة الاستياء هذه، وذلك رغم عدم امتلاكه سياسة اقتصادية واضحة. فقد وعد بتخفيضات ضريبية، وأعرب عن رغبته في فرض رسوم جمركية على الواردات إلى الولايات المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على الصين، وذلك رغم أن هذه السياسة بحد ذاتها قد تفضي إلى ارتفاع الأسعار.
لم يتضمن خطاب النصر الذي ألقاه ترامب صباح الأربعاء أي إشارات واضحة تتعلق بالاقتصاد، باستثناء إشارة غير متوقعة إلى النفط حيث قال: " لدينا المزيد من الذهب السائل، أكثر من السعودية، أو روسيا، أو أي دولة أخرى".
ويبدو أن ترامب استعاد في ذاكرته سباق إنتاج النفط بين موسكو والرياض في عام 2020، والذي أدى لفترة وجيزة إلى هبوط الأسعار إلى الصفر، حتى أعاد حديث ترامب الحازم مع كل من فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استقرار السوق. ويبقى السؤال، هل سيواصل ترامب النظر إلى منظمة "أوبك" كمسار للمستقبل، أم سيعيد إحياء فكرة "نوبك"، التي قد تخدم المصالح الأمريكية بشكل أفضل؟
ينبغي على دول الخليج العربي أن تسعى لإعادة تنشيط العلاقات التجارية القوية التي كانت قائمة بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة إدارة ترامب الأولى من 2017 إلى 2021. في أيلول/سبتمبر من هذا العام، زار كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد ترامب في مقر إقامته بمار-أ-لاغو في ولاية فلوريدا، بفارق أيام قليلة بين الزيارتين. كما أجرى الأمير بن سلمان اتصالاً هاتفيًا بترامب بالأمس لتهنئته على فوزه.
على الرغم من أن العلاقات بين واشنطن والرياض تبدو جيدة الآن، إلا أنه يبدو أن البلدين لم يتعافيا تمامًا من وصف بايدن لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بأنه "منبوذ." وقد جاء هذا الوصف بسبب الاتهامات المتعلقة بـتورط ولي العهد - التي نفاها -في مقتل الصحفي السعودي المقيم في واشنطن، جمال خاشقجي، عام 2018.
شكّل الخلاف الدبلوماسي بين قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى عائقًا أمام التعاون خلال إدارة ترامب الأولى. غير أنه الآن، يشارك وزير الخزانة السابق في إدارة ترامب، ستيفن منوشين، في أعمال تجارية مع الدول الثلاث، بينما يدير صهر ترامب، جاريد كوشنر، صندوقًا استثماريًا مدعومًا باستثمار قيمته ملياري دولار من قبل ولي العهد السعودي، إلى جانب مئات الملايين من الدولارات من الإمارات وقطر.
نحن الآن في مرحلة فاصلة قسرية مدتها 10 أسابيع بين يوم الاقتراع وتنصيب الرئيس القادم. الغرض من هذه الفترة هو منح الإدارة القادمة الوقت الكافي لاتخاذ قرارات بشأن تعيين الموظفين.
لكن هذا يعني أيضًا أن المناصب المتعلقة بالشرق الأوسط في واشنطن قد تظل شاغرة، حيث سيغادر المسؤولون الموالون لبايدن للبحث عن وظائف جديدة أو للاستفادة من الإجازات غير المستهلكة. وفي ظل الأزمات في غزة ولبنان وربما إيران، ستجد الولايات المتحدة نفسها بلا قيادة فعلية في هذه المرحلة الحرجة.
لقد أشار ترامب بالفعل بوضوح إلى أنه يريد إنهاء الحرب الأوكرانية، حتى لو كان ذلك يعني اضطرار كييف إلى تقديم تنازلات. أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فسيعمل على تحسين الوضع الاستراتيجي لبلاده وتعزيز مكانته الشخصية، وسيتنفذ ذلك بطريقة قاسية. وفي الوقت نفسه، ستقوم إيران بإعادة تقييم تقديراتها بشأن الفكر السياسي لترامب، الذي من المرجح أن يظل متحفظاً تجاه اتخاذ أي خطوات تدخلية.
يتمثل السيناريو المرعب في اندلاع أزمة جديدة ومتصاعدة في الشرق الأوسط في الأسابيع القليلة المقبلة. سيكون ترامب عاجزًا عن التدخل، بينما ستكون إدارة بايدن/هاريس في موقف ضعيف، ومن المرجح أن تتعامل بحذر في كيفية الرد. ومع ذلك، إذا تمكنا من الوصول إلى أواخر كانون الثاني/يناير، فستتولى مقاليد الحكم إدارة جديدة، تتسم بتوجهها نحو تشجيع الأعمال التجارية، مع قوة دبلوماسية قد تكون قادرة على ردع المعارضين.