وكالات
نشر موقع "هافينغتون بوست" الأمريكي تقريرا عن العلاقة القوية بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الخليجي التي باتت اليوم أقوى من أي وقت مضى, وأشار الموقع الأمريكي إلى أن إصرار واشنطن على الدفاع عن معظم أرجاء الكرة الأرضية جعلها "مفغلة" دوليا، وعرضة للتلاعب من قبل أصدقائها المزعومين، حتى أن أقرب وأقدم حلفائها لم يشعروا بالرضا أبدا، ودائما ما يطالبون بـ"تطمينات" أكبر من حاميتهم، سواء تعلق الأمر بالاتفاقيات الأمنية السابقة، أو عمليات نقل الأسلحة الجديدة، أو نشر قوات إضافية، أو اتخاذ تدابير أخرى "ملموسة".
ونقل الموقع الأمريكي عن الباحث في معهد كاتو الأمريكي دوغ باندو، قوله أن " معظم حلفاء واشنطن الآسيويين والأوروبيين لديهم ديمقراطيات ليبرالية تتشارك القيم والتاريخ والتقاليد، وفي المقابل، يتعرض معظم حلفاء أمريكا في الشرق الأوسط لمواقف مضطربة، بمن فيهم حكام ملكيات الدول الخليجية التي يتراوح الحكم فيها من شبه ليبرالي إلى شمولي، ومع ذلك، يطالبون بعون وتطمينات الولايات المتحدة باستمرار ".
ويؤكد ذلك انعقاد قمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول منطقة الشرق الأوسط في مايو الماضي، حيث تشعر الدول الخليجي بالضجر، وربما يمثل غياب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن القمة ازدراء دبلوماسي للولايات المتحدة، لكن هذا الأمر ليس له أهمية كبيرة، فـ"المشكلة" الأساسية في وجهة نظر ملوك الخليج أن واشنطن تسعى لتحقيق مصالح أمريكا، وليس مصالح المملكة العربية السعودية - التي تسعى للهيمنة على الخليج - وشركائها.
وذكر الموقع أن الملوك الذين حضروا القمة يعتقدون أنه ينبغي للولايات المتحدة التضحية بمصالحها لصالحهم، وكانت شكاويهم كثيرة..
أولا: تفاوضت واشنطن لمنع حصول إيران على السلاح النووي بدلا من مطالبة طهران بالاستسلام وقصفها إن رفضت، فتعتبر الحرب الأمريكية ضد إيران هي السياسة المفضلة للرياض، طالما أنها ستزيل منافستها الأخطر في المنطقة.
ثانيا: على الرغم من أن إحباط تطوير السلاح النووي الإيراني سيساعد بشكل كبير على تحسين البيئة الأمنية في المنطقة، وبخاصة لجيران طهران العدائيين، فإن ملوك الخليج يشكون من أن رفع العقوبات سيزيد الإيرادات الإيرانية، بما يعزز قدرتها على التدخل في الشؤون الإقليمية، وباختصار، تعادي دول الخليج إيران وليس برنامجها النووي، ويفضّل الخليج فرض عقوبات دائمة على طهران لا علاقة لها بالأسلحة النووية.
ثالثا: يجب الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، رغم أنه لا يهدد الولايات المتحدة، إذ يشدد ملوك الخليج على ضرورة إسقاط الأسد رغم أن ما يحل محله قد يكون أسوأ منه بكثير (مزيج من جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الدامي)، وفي الواقع، قدّم بعض حلفاء أمريكا – بما فيهم تركيا – مساعدات مختلفة للراديكاليين السوريين بالأموال والمأوى والعبور والأسلحة.
رابعا: أظهرت الولايات المتحدة حماسة في محاربة أعداء ملكيات الخليج، ويرغب الخليج في أن تتبع أمريكا أوامره بدعم الأنظمة القائمة في البحرين ومصر واليمن، والإطاحة بالحكومات في إيران وليبيا وسوريا، واحترام مشاعر الخليج المتضاربة حيال تنظيم داعش.
خامسا: يعتقد الخليج أنه ينبغي لواشنطن إصدار ضمانات أمنية مدعومة بنشر قوات ملائمة ومبيعات أسلحة وتدريب عسكري لضمان بقاء الملكيات وحكم الشيوخ الفاسد والمستهتر والعاجز وغير المستقر، دون حتى الهمس بالحاجة للإصلاح مهما كان نظام الحكم مقيدا من الناحية الثقافية، وقمعيا من الناحية السياسية، وشموليا من الناحية الدينية.
ورأى الموقع أنه ينبغي لواشنطن تحدّي كل هذه الافتراضات، فيجب أن تتعلق السياسة الخارجية الأمريكية بتعزيز أمن الولايات المتحدة، وباعتبارها قوة عالمية عسكرية عظمى، لا تحتاج أمريكا إلى الكثير من التحالفات لحماية نفسها، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وأضاف الموقع أن مصالح واشنطن في المنطقة محدودة جدا، إذ يتوسع سوق الطاقة العالمي، وستضطر الدول الخليجية لبيع النفط حتى لو لم تتصرف واشنطن كحارس ملكي تحت الطلب، وفي النهاية، كل الأنظمة ستزول من الوجود بدون نقود لسداد حلفائها وشراء خصومها، وأي حكومة خليجية متعاقبة ستواصل ضخ نفط الآبار في الأسواق العالمية.