فورين بوليسي- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد
لأول مرة، وإثر الأنباء المتواترة حول ارتفاع عدد القتلى في اليمن، فإن مجلس الشيوخ الأمريكي يتجه إلى استخدام سلطات رقابية جديدة لتتبع مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية، وفق تقارير وردت إلى «فورين بوليسي».
وتأتي هذه الخطوة مؤشرا على تنامي الشعور بعدم الارتياح في كابيتول هيل، إثر جهود الحرب التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، وهو صراع تقول الأمم المتحدة إنه أسفر عن مقتل أكثر من 5700 شخص، إضافة إلى نزوح 2.3 ملايين شخص من ديارهم.
جهود الرقابة، التي بدأت من قبل اثنين من كبار أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، تأتي إثر دفعة مكثفة من الضغط مارستها جماعات الإغاثة الإنسانية في الولايات المتحدة اعتراضا على بيع ما قيمته 1.3 مليار دولار من القنابل والرؤوس الحربية الأخرى إلى الرياض مؤخرا. وقد وافقت وزارة الخارجية على إتمام البيع خلال الشهر الماضي، متوقعة أن تنجح في إزالة عقبات الكونغرس هذا الأسبوع.
وتشمل المنظمات التي وقفت ضد جهود بيع الأسلحة، مؤسسة «أوكسفام أميركا»، ومنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة، وهيومان رايتس ووتش. وتتهم هذه الجماعات واشنطن بالمشاركة في المسؤولية عما يسمونه الغارات الجوية السعودية «العشوائية» في اليمن التي قتلت 2500 مدنيا على الأقل.
«استمرار نقل الأسلحة يعني منح الضوء الأخضر لاستمرار القتال إلى أجل غير مسمى ويخفف بشكل كبير من الضغط على التحالف والحكومة اليمنية من أجل وقف إطلاق النار»، وفقا لـ«بول سكوت» كبير مستشاري السياسة الإنسانية في «أوكسفام» أميركا.
الاستخدام الجديد لسلطة مجلس الشيوخ لن يمنع بين الأسلحة، ولكنه في المقابل سوف يسلط المزيد من الضوء على مبيعات الأسلحة، في الوقت الذي يستمر فيه المشرعوون في مناقشة كيف، وإلى أي مدى، يمكن كبح جماح الرياض.
السيناتور الديمقراطي «بن كاردين» من ولاية ماريلاند، والسيناتور «إد ماركي» من ماساتشوستس قد أعربا مررا عن قلقهما إزاء «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان» في جميع مراحل الحملة العسكرية للرياض في اليمن، والتي بدأت في مارس/أذار الماضي.
يأتي ذلك في حين يستمر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ «بوب كوركر» في دعم العملية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين التي يعتقد أن تساعد في «إنهاء الصراع، وتسهيل الإغاثة الإنسانية، واستعادة الحكومة الشرعية في اليمن»، وفقا لما أخبر به أحد مساعديه.
وحتى مع ذلك، فقد طلب كل من «كروكر» و«كاردان» أن يتم إخطار اللجنة بأي شحنات أسلحة في المستقبل. وهذا يعني أن على وزارة الخارجية إبلاغ الكونغرس حول أي شحنة أسلحة جديدة إلى المملكة العربية السعودية قبل تنفيذها بـ30 يوما على الأقل. وسوف تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم خلالها استخدام هذه السلطة.
الحملة الجوية التي تقودها السعودية، والمدعومة من كل من الولايات المتحدة ومصر والمغرب والأردن والسودان والإمارات العربية المتحدة، ودول أخرى، قد بدأت في أعقاب استيلاء المتمردين الشيعة الحوثيين من شمال اليمن على العاصمة اليمنية صنعاء خلال العام الماضي، وإطاحتهم بالرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» الذي ينتمي بدوره إلى السنة.
الرياض وحلفاؤها الخليجيون يرون أن المتمردين الحوثيين هم مجرد أداة في يد إيران، رغم من وجود المتمردين منذ فترة طويلة في اليمن. المملكة العربية السعودية، ذات الأغلبية السنية، قد وعدت في البداية بعملية عسكرية سريعة تهدف إلى إعادة تثبيت الحكومة اليمنية الشرعية. ولكن الحرب قد استمرت، ما دفع بالأمر إلى كارثة إنسانية، إضافة إلى تدمير البنية التحتية لليمن.
خلال الأسبوع المقبل، سوف يجتمع جميع الفرقاء المتنافسين في سويسرا من أجل إجراء محادثات سلام بوساطة من الأمم المتحدة. يوم الاثنين، أعلن «هادي» عن إمكانية وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام إذا وافق الحوثيون على ذلك. وقد فشلت مقترحات سعودية مماثلة هذا العام في وقف العنف.
وتتضمن صفقة الأسلحة المنتظرة بين الولايات المتحدة والحكومة السعودية بعض أنظمة الأسلحة الدقيقة الأكثر تقدما في العالم. وتشمل ما يقدر بـ18 ألف من القنابل و1500 من قطع المدفعية مثل ذخائر الهجوم المباشر المشترك القادرة على إسقاط مباني ضخمة محصنة بضربة واحدة. وقد تم تجهيز «القنابل الذكية» بنظام توجيه «جي بي إس» من أجل التقليل من خطر الهجمات العشوائية.
ودافع مسؤول في وزارة الخارجية عن صفقة الأسلحة أمس الخميس، ووصفها بأنه جزء من جهود الولايات المتحدة للحفاظ على العلاقات الأمنية والدبلوماسية «التي لا غنى عنها لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الخليج».
بيد أن المسؤول قد أقر أيضا أن هناك كارثة إنسانية تلوح في الأفق وحثت جميع الأطراف على حضور محادثات سويسرا الأسبوع المقبل، والموافقة على وقف إطلاق النار الذي قال إنه سيمثل «إغاثة عاجلة للشعب اليمني»، حيث سيضمن توفير الغذاء والماء والدواء والوقود. وقد تحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته.
لكن الجهود الدبلوماسية السابقة لم ترق إلى المستوى المطلوب، وتقول منظمات الإغاثة إنه ليس هناك سبب وجيه للقوات للتخلي عن الحرب طالما تواصل المملكة العربية السعودية تلقي الأسلحة من حلفاء مثل المملكة العربية السعودية.
«تزويد السعوديين بالمزيد من القنابل في ظل هذه الظروف هو وصفة لقتل عدد أكبر من المدنيين، وسوف تكون الولايات المتحدة مسؤولة جزئيا عن ذلك»، وفقا لـ«جو ستورك»، نائب مدير منظمة هيومان رايتس ووتش.
عن طريق طلب مراجعة أكثر صرامة لمبيعات الأسلحة، تأمل لجنة مجلس الشيوخ في الحصول على فكرة أفضل عن مدى فعالية الحملة الجوية بقيادة السعودية. حتى الآن، يشعر المسؤولون في الكونغرس بخيبة أمل كبيرة بشأن قلة المعلومات التي قدمتها إدارة «أوباما »حول معدلات حرق مخزونات الأسلحة في الرياض.
وقال أحد مساعدي الكونغرس إن الرقابة الجديدة ستساعد، حتى لو لم تكن ستعطينا القدرة على الإصلاح الجيد لقضايا حقوق الإنسان.
وأضاف أن هناك الكثير من الذخائر التي تذهب إلى الحملة الجوية السعودية في اليمن. وتريد لجنة العلاقات الخارجية معرفة معلومات حول طبيعة وتوقيت هذه الشحنات. وأضاف: «إنه جزء ضروري من أجل التوصل إلى تقييم أفضل لمسار هذه الحملة الجوية».