شؤون خليجية-
هل القتال تحت راية "أمريكا" هو مجال للتفاخر؟.. سؤال طرح نفسه بسبب تباهي بعض الدول العربية والخليجية بالانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة لما يسمى بـ"الإرهاب"، واعتبار السماح بالتواجد العسكري الأمريكي في بلادهم أنه دليل على الروابط القوية ومتانة العلاقات دونما النظر إلى أبعاد وخطورة هذا التواجد أو سلبيات الانضمام إلى هذه التحالفات من الناحية الاستخباراتية والأمنية والسياسية.
وتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مقطع فيديو للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، خلال كلمته بجامعة الدفاع الوطني التابعة لوزارة الدفاع، أواخر ديسمبر من العام الماضي، اعترف خلاله بأن بلاده تقاتل تحت راية أمريكة وتابعة لها، راصدا القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة ببلاده.
وقال"العتيبة": "لابد أن نحافظ على جبهة موحدة ثابتة على الأرض ومعززة بدعم من الولايات المتحدة وباقي حلفائنا"، مفتخرا بأن الإمارات هي الدول الوحيد التي شاركت في ستة تحالفات مع الولايات المتحد خلال الـ25 عاما الماضية، وفي الحملة الحالية ضد الدولة الإسلامية ومتطرفين آخرين.
وأكد أن القوات الجوية للولايات المتحدة والإمارات العربية عملت كقوة واحدة، مشيرا إلى أن الطيارين الأمريكيين والإمارتيين قاموا بطلعات جوي في مهام مشتركة ضد العدو المشترك.
وأضاف "العتيبة": "بالعمل جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وشركاء دوليين آخرين، فالإمارات تبرهن التزامها بمواجهة وتقويض اجتثاث الإرهاب في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى العمليات العسكرية المشتركة"، مؤكدا أن الإمارات قاعدة للمهام العسكرية للولايات المتحدة بالمنطقة، حيث تستضيف أكثر من 3000 فردا عسكريا أمريكيا، وميناء جبل علي في دبي هو أكثر ميناء تنطلق منه السفن الحربية الأمريكية خارج الولايات المتحدة. واعتبر هذا التعاون بأنه دليل على الروابط القوية التي تجمع الإمارات وأمريكا.
وكان مراقبون قد أشاروا إلى أن الحرب على "داعش" هو أكبر بوابة لإعادة الاستعمار القديم للشرق الأوسط بأسلحته وعتاده ودوله ومناطق نفوذها ولكن في صورة حديثة وبخارطة عسكرية جديدة، تفرز خرائط جغرافية وسياسية بحدود جديدة. وأشاروا إلى أن "التحالف الدولي" يشن حرب متعددة المراكز هدفها المعلن محاربة داعش التي سمحت لهم بتأسيس قواعد عسكرية جديدة وإرسال مستشارين وحاملات للطائرات وإعادة هيكلة جغرافية المنطقة وشكلها وحدودها، في مواجهة تنظيم يتم بشكل ممنهج تضخيم إمكاناته وحجم تأثيره وعناصره.
واستنكر المراقبون انتشار القواعد العسكرية الأجنبية واختراق المجال الجوي والبحري والبري لدول المنطقة والانتشار غير المسبوق للمستشارين وأجهزة الاستخبارات الغربية، في حرب مفتوحة غير محسوبة التوقيت والمكان، ما يعني استنزاف موارد الدول العربية والخليجية التي تشارك بتمويل هذه الحرب، بالإضافة إلى سلسلة من صفقات السلاح المتصاعدة وقاية من فزاعة داعش، والتي تنعش الاقتصاد الغربي.
وأكدوا على أن "أمن الخليج" كان ولا يزال خاضعًا للرؤية الأمريكية، حيث لم تخض دول مجلس التعاون حربا منفردة درءا للتهديدات أو العدوان الذي تعرضت له، وإنما خاضت جميع حروبها بالتحالف مع الولايات المتحدة بالأساس، وذلك ما حدث في حرب تحرير الكويت 1990 - 1991، وحرب العراق 2003 والحرب على تنظيم داعش في العراق والمستمرة حتى الآن، كما أن الحرب التي تقودها السعودية ضمن تحالف عربي في اليمن تأتي بتنسيق كامل مع أمريكا وبدعم لوجستي وعسكري منها، وأدت كل هذه الحروب إلى ارتباط أمن الخليج بالولايات المتحدة بشكل أساسي، واستضافت دول مجلس التعاون عددا من القواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها.
وأشار المراقبون إلى أن القواعد الأمريكية تستهدف عدم تحرر دول مجلس التعاون في قرارها العسكري وفي تعريفها للتهديدات والمخاطر، وضعف اعتمادها على الاتفاقيات والقوات العربية المشتركة لحفظ الأمن القومي العربي، ولتقييدها بشراكة أمنية أمريكية غربية تستنزف طاقاتها وأموالها.
وكانت صحيفة "هافنغتون بوسب" قد نشرت تقريرا عن "يوسف العتيبة" وعلاقاته بدوائر صنع القرار في أمريكا، ووصفه بأنه الرجل الأكثر سحرا في واشنطن، و"الداهية الكبيرة" -بحسب وصف أحد المساعدين السابقين في البيت الأبيض-.
وأشار التقرير إلى أن "العتيبة" أكتسب في غضون بضع سنوات، تأثيرا غير عادي في العاصمة واشنطن، وكثيرا ما يمكن رصده وهو يتناول الطعام مع ممثلي وسائل الإعلام والكونغرس والإدارة.
وأضاف أن لصعود "العتيبة"، تأثير يبرز كيف قلب الربيع العربي موازين القوة التقليدية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، حيث تراجع نفوذ وتأثير حلفاء الولايات المتحدة الموثوق بهم، مثل مصر والسعودية، في واشنطن، وظهر أعداء جدد، مثل تنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وكشفت برقية دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس مؤرخة في العام 2008 "السلوك الأمريكي" للعتيبة، وأشارت إلى أنه "في تناغم كبير مع الثقافة والسياسة الأمريكية"، وباعتباره اليد اليمنى للأمير محمد بن زايد، وأصبح "العتيبة" نقطة الاتصال مع دوائر الجيش والمخابرات الأمريكية.
وأنفقت الإمارات أيضًا الكثير كي تضم الولايات المتحدة إلى حملتها الدولية ضد الإخوان المسلمين، حيث صنف حكام الإمارات جماعة الإخوان المسلمين وعددٍ من الجماعات الإسلامية كإرهابيين في نوفمبر 2014.
وبحسب السفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، فإن صعود الإخوان المسلمين في مصر تهديدا وجوديا لمستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة -الذي يقوم على الاستقرار الاقتصادي وقمع أي شكل من أشكال المعارضة السياسية-.
وبعد وصول جماعة الإخوان إلى السلطة في انتخابات ديمقراطية، ملأ السفير "العتيبة" صندوق بريد "فيل غوردون"، كبير مستشاري الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بالخطابات "المشيطنة" للإخوان ومؤيديهم في قطر -بحسب تقارير غربية.
للاطلاع على الفيديو اضغط