علاقات » اوروبي

بين الإمارات وصربيا.. ما انعكاسات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة؟

في 2024/10/09

طه العاني - الخليج أونلاين- 

في ظل العولمة المتزايدة والبحث عن شراكات استراتيجية، يسعى العديد من الدول إلى توقيع اتفاقيات اقتصادية لتعزيز التعاون وتبادل المنافع.

وتأتي اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وصربيا في هذا السياق، حيث تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.

شراكة شاملة

وقعت دولة الإمارات وصربيا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بهدف تعزيز التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، وتعزيز التعاون وبناء شراكات فعّالة بين القطاعين الخاصين.

وبذلك تُضاف صربيا إلى شبكة الشركاء التجاريين لدولة الإمارات ضمن برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي أطلقته الدولة منذ سبتمبر 2021.

وشهد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ونظيره الصربي ألكسندر فوتشيتش، مراسم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، حيث تهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التدفقات التجارية والاستثمارية، وتعميق التعاون وبناء شراكات فعالة بين القطاعين الخاصين في الدولتين.

وأكّد بن زايد أهمية هذه الاتفاقية لكونها تمثل نقطة انطلاق جديدة في العلاقات الثنائية بين بلاده وصربيا، التي تعدّ من الدول ذات الاقتصاد النامي في منطقة ذات أهمية متزايدة في أوروبا.

وأوضح الرئيس الإماراتي أن هذه الخطوة تعكس التقدم في الشراكة الاقتصادية، مما يعزز الاستثمار، ويوفر فرصاً من خلال المشاريع التنموية المشتركة في قطاعات حيوية مثل الخدمات اللوجستية والأمن الغذائي، مشيراً إلى أن صربيا تُعتبر شريكاً استراتيجياً في برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة.

ومن جهته عبّر الرئيس الصربي عن أهمية الاتفاقية، معرباً عن تفاؤله بأنها ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين البلدين، مما يسهم في تحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام.

كما أشاد وزراء ومسؤولون في حكومة الإمارات وقادة من الجهات المحلية بأهمية اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جمهورية صربيا، معتبرين أنها تمثل خطوة استراتيجية مع شريك اقتصادي رئيسي، وفقاً لوكالة أنباء الإمارات "وام".

وأوضح الوزراء والمسؤولون أن هذه الاتفاقية تمهد لمرحلة جديدة من التعاون المتين، حيث تفتح آفاقاً جديدة أمام الشركات والمستثمرين في القطاعات الحيوية، مما يسهم في توفير فرص واعدة لكلا الاقتصادين.

كما تسعى الاتفاقية إلى إزالة العقبات التي تعيق حركة التجارة، وتعزز إمكانيات التنمية في مجالات حيوية مثل الصناعة والطاقة والزراعة والأمن الغذائي وغيرها.

وقال وزير الدولة للشؤون المالية محمد بن هادي الحسيني: "تواصل اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تبرمها دولة الإمارات استحداث فرص جديدة للقطاع الخاص في الدولة للتوسع والوصول إلى أسواق جديدة وإلى سلاسل التوريد العالمية".

ونوّه الحسيني بأن "هذه الاتفاقية تمثّل خطوة جديدة في هذا الاتجاه عبر تأمين شراكة تجارية واستثمارية مع اقتصاد واعد في أوروبا الشرقية يسجل نسبة نموّ عالية، ومع صناعات تتسم بالتطور وقوى عاملة عالية المستوى، ونظام مصرفي موثوق بعدما استفاد من إجراءات الدمج والترشيد خلال السنوات القليلة الماضية".

وبدوره قال وزير الطاقة والبنية التحتية بدولة الإمارات سهيل بن محمد المزروعي: "تُعتبر جمهورية صربيا شريكاً مهماً لدولة الإمارات ووجهة للمشاريع الرأسمالية الكبرى التي تعزز مكانة وريادة الدولة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة".

انعكاسات مهمة

ويقول الباحث الدكتور حبيب الهادي، إن دولة الإمارات ودول الخليج بشكل عام، لديها نمو اقتصادي متسارع، مع وجود ثروات النفط والغاز، فضلاً عن نشاط سياحي وقدرات مالية اقتصادية كبيرة، كل ذلك يجذب الدول لعقد الصداقات.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن عقد الإمارات وصربيا مثل هذه العلاقات والشراكات والاتفاقيات يدل على سعي الدولتين إلى تعزيز اقتصادهما، وتعزيز الشراكة، لا سيما الشراكة الخليجية الأوروبية.

ويؤكد الهادي أن هذه الشراكة تعزز مزيداً من التبادل التجاري والتعاون بين البلدين، في المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والسياحية وغيرها.

ويرى الباحث الخليجي أن الاتفاقية بين الإمارات وصربيا ستكون واعدة ولها مرود إيجابية على الاقتصاديين الإماراتي والصربي.

عوائد اقتصادية

تساهم هذه الاتفاقية في إزالة أو تقليل الرسوم الجمركية والحواجز غير الضرورية أمام التجارة، وتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تسهيل تدفق الاستثمارات المتبادلة.

وتعد دولة الإمارات ثالث أكبر سوق للصادرات الصربية في منطقة الشرق الأوسط، حيث شهدت الاستثمارات الأجنبية المباشرة زيادة ملحوظة في القطاعات ذات الأولوية، مثل الطاقة المتجددة والزراعة والأمن الغذائي والبنية التحتية والخدمات اللوجستية.

ويهدف برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، الذي تسعى دولة الإمارات إلى تنفيذه منذ نهاية عام 2021، إلى مضاعفة القيمة الإجمالية للتجارة الخارجية لتصل إلى 4 تريليونات درهم بحلول عام 2031.

وتغطي الاتفاقيات الموقعة حتى الآن مناطق متنوعة تشمل أميركا الجنوبية والشرق الأوسط وآسيا وجنوب شرقها وأوروبا الشرقية.

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الدكتور سلطان أحمد الجابر: "تتماشى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية صربيا مع رؤية القيادة الرشيدة بتعزيز التواصل والتعاون وتوسيع الشراكات العالمية للدولة الإمارات، حيث تساهم هذه الشراكات في تنويع الاقتصاد وتعزيز نموه".

وأضاف: "كما تؤمّن هذه الاتفاقية جسر عبور للصادرات الصناعية الإماراتية إلى قلب أوروبا، موفّرةً فرصاً جديدة وواعدة لإقامة الشراكات وتعزيز الاستثمارات، ليس فقط مع صربيا، بل أيضاً مع دول منطقة البلقان ككل، التي تتمتع بقاعدة صناعية متنوعة، خاصة في الصناعات التحويلية والسيارات والتكنولوجيا، إضافة إلى الموارد الطبيعية".

ولفت الجابر إلى أن صربيا توفّر وجهة مهمة لصادرات دولة الإمارات، خاصة من الماكينات والآلات والمعدات الكهربائية والبلاستيك والمواد الكيميائية العضوية وغيرها.

وأوضح أنه "تم تصميم برنامج اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بهدف فتح أسواق جديدة للصناعات الإماراتية، وتعزيز قدراتها الإنتاجية والتنافسية العالمية، بما يدعم مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة (مشروع 300 مليار)، كما ستوفر هذه الاتفاقية العديد من فرص التعاون والنمو للشركات في البلدين".

وقال وزير دولة للتجارة الخارجية الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي: "تمثّل الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وصربيا خطوةً إضافية مهمة في برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية الذي تواصل الدولة تنفيذه".

وأضاف بأنها "تتيح أول بوابة مباشرة إلى قلب أوروبا، وتُعد صربيا إحدى الوجهات الرائدة في القارة للاستثمارات الجديدة، وهي تحتل حاليّاً المرتبة الـ 44 في تقرير سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في العالم".

وتتوج اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وصربيا -بحسب الزيودي- التطور المستمر في علاقات الصداقة بين الدولتَين، ففي النصف الأول من عام 2024، بلغ إجمالي التجارة البينية غير النفطية 55 مليون دولار أمريكي، متجاوزاً كامل الإجمالي المسجل لعام 2020.