نشرت صحيفة «فزغلياد» الروسية مقالا جاء فيه أن المملكة العربية السعودية امتنعت عن إمداد مصر بالوقود، عقابا لها على تقاربها مع الاتحاد الروسي.
وجاء في المقال أن مبدأ التوازن في العلاقات، الذي اعتمدته مصر لفترة طويلة، باء بالفشل لأول مرة، حيث توقفت السعودية عن إمداد مصر بالبنزين، وكل ذلك بسبب إقامة القاهرة علاقات مميزة مع موسكو.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعاضد المطرد في العلاقة بين موسكو والقاهرة، يتمثل فيما أعلنت عنه وزارة الدفاع الروسية مؤخرا بشأن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة على الأراضي المصرية لقوى البلدين المظلية، بهدف التمرس على مجابهة القوى الإرهابية في ظروف المناخ الصحراوي.
وأوضحت أن هناك إشارة أخرى تدل على التقارب بين موسكو والقاهرة، تتمثل في الأنباء عن قرب توقيع عقد شامل لبناء محطة للطاقة النووية في منطقة الضبعة المصرية.
من جانبها، أكدت الصحيفة الأمريكية «وول ستريت جورنال» أن الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» تمكن بدهائه حتى الآن من تمتين أواصر الصداقة مع الرئيس «فلاديمير بوتين»، وفي الوقت نفسه استطاع التملص من المشاركة في المساعي السعودية لإسقاط النظام السوري، والبقاء أحد المتلقين الرئيسين للمساعدة العسكرية الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن السعوديين وملكيات الخليج العربي، قدموا لـ«السيسي» مساعدات تقدر بعدة عشرات المليارات من الدولار، وفي الوقت نفسه اتفقت مصر مع الروس ليس فقط على إجراء مناورات عسكرية مشتركة، بل وعلى شراء مروحيات «كا-52» العسكرية الروسية المخصصة للعمل على سفينتي «ميسترال» اللتين أصبحتا مصريتين.
وأشارت الصحيفة إلى تعليق المحلل السياسي المصري «تيمور دويدار» الذي قال إن التصويت المصري في «مجلس الأمن» لمصلحة مشروعي القرارين الفرنسي والروسي استدعى رد فعل ساخرا من قبل الخارجية الروسية، وكذلك من قبل السعودية وبلدان التحالف الموالي لأمريكا، والرئيس المصري حتى الآن لم يقدم تفسيره لذلك، وهذا الغموض الغريب في السياسة الخارجية المصرية، يشير كذلك إلى وجود خلاف داخلي في مؤسسة صنع القرار المصري.
ولفت «دويدار» إلى أن الدبلوماسيين المصريين أصروا على أن موقفهم ينبع من تأييد أي خطوات يمكن أن تضع حدا لسفك الدماء في مدينة حلب، في حين أن السعوديين بالكاد تمكنوا من ضبط أعصابهم.
وقال: «هذا، وبعد فترة قصيرة من التصويت في مجلس الأمن، حذرت شركة النفط السعودية أرامكو من أنها ستتوقف عن تزويد مصر بالمحروقات؛ ما اضطر الرئيس المصري إلى التعليق على هذا الأمر شخصيا، وقد نفى من جانب وجود الدافع السياسي في هذا الإجراء السعودي الموجه ضد مصر، ومن جانب آخر، وصف السيسي ذلك بالقول إنها محاولات للضغط على مصر، ولكنه لا يركع أمام أحد سوى الله».
وفسر «دويدار» قرار شركة «أرامكو» السعودية بأنه وسيلة للضغط السياسي على القاهرة، إذ إن السعودية تعهدت بتزويد مصر كل شهر بـ700 ألف طن من المحروقات، كمساعدة ودية، والآن قطعت السعودية ذلك، دون أن تقدم أي توضيح، على حد ذكر «دويدار».
ولاحظ الخبير المصري أيضا أن العديدين من أوساط النخبة السعودية الحاكمة يوجهون التأنيب القاسي لمصر بسبب علاقتها «غير الصائبة» مع سوريا.
ويعود المحلل إلى التذكير بأن مصر حصلت على سفينتي «ميسترال» بالنقود التي سددتها دول خليجية، وأن مصر حصلت في العام الماضي على القاذفات الفرنسية «رافال» بالنقود السعودية، على الرغم من أن نقاشا في البداية جرى لشراء مقاتلات روسية.
ويخلص الخبير المصري إلى تأكيد أن القاهرة بأي حال كان، لن تضحي نهائيا بعلاقتها مع السعودية من أجل الصداقة مع موسكو.
أما السفير السوفياتي السابق لدى مصر، المندوب الدائم للاتحاد السوفياتي سابقا في «الأمم المتحدة»، «ألكسندر بيلونوغوف»، فأعاد التذكير بأن علاقة مصر والسعودية على مدى عقود طويلة ظلت متفاوتة، ويرجع ذلك إلى اصطدام مصالح البلدين في الدول المجاورة، مثل اليمن والسودان، وهذه التناقضات تعود في جذورها إلى الماضي البعيد، كما ذكر «بيلونوغوف» لصحيفة «فزغلياد».
ومع ذلك، أعرب الدبلوماسي السابق عن ثقته بأن البلدين سوف يجدان لغة مشتركة، مضيفا أن البلدين سيعملان واقعيا على التكيف بعضهما مع بعض، ومؤكدا أن القاهرة تسعى لإقامة علاقة متوازنة ما بين موسكو والغرب والرياض، وروسيا تتفهم ذلك، وتمتنع عن توجيه أي اتهامات حادة إليها في هذا الشأن.
صحيفة «فزغلياد» الروسية-