باتريك وينتر - الغارديان- ترجمة شادي خليفة -
افتتح العاهل السعودي الملك «سلمان» زيارته التاريخية، التي تستمر 4 أيام، إلى موسكو بالإشارة إلى حقبة جديدة من التعاون مع روسيا، مطالبا إيران «حليف الكرملين» بإنهاء «تدخلها» في سياسة الشرق الأوسط.
ودعا الملك «سلمان» إلى تسوية سلمية في سوريا، لضمان بقاء البلاد متكاملة وموحدة، لكنه لم يكرر الدعوة المعتادة من السعودية للرئيس السوري «بشار الأسد» بالتنحي.
وتعد زيارة الملك «سلمان» للرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، الخميس، أول زيارة يقوم بها عاهل سعودي لموسكو، وتعتبر على نطاق واسع نقطة تحول محتملة في سياسة الشرق الأوسط، وحتى في سلوك أسواق النفط العالمية.
وقد تم التوقيع على أكثر من 15 اتفاقية تعاون بقيمة مليارات الدولارات، تتراوح بين اتفاقات نفطية وعسكرية وحتى في مجال استكشاف الفضاء، مما دفع وزير الخارجية الروسي «سيرغي لافروف» إلى وصف الزيارة بأنها كانت لحظة وصلت فيها العلاقات السعودية الروسية إلى مستوى نوعي جديد. وفي واحدة من أبرز الصفقات، قال السعوديون إنهم يخططون لشراء نظام الدفاع الروسي إس-400.
وتغطي كثير من الاتفاقات الاستثمار السعودي في أسواق الطاقة الروسية، الأمر الذي من المرجح أن يعزز من تخفيض آثار العقوبات الأوروبية والأمريكية على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا. لكن المملكة حريصة على أن تؤمن الزيارة أيضا تعاونا أكثر دواما مع روسيا بشأن أسعار النفط، بعد اتفاق يناير/كانون الثاني بين أكبر منتجين للنفط في العالم، والذي مكن من تثبيت أسعار النفط.
وتريد المملكة إطالة أمد اتفاق النفط، الذي حد من الإنتاج ورفع الأسعار. وقال وزير الطاقة السعودي «خالد الفالح»، في مؤتمر صحفي في موسكو، إن اتفاق يناير/كانون الثاني الماضي قد «أعاد الحياة إلى أوبك» وجعل بلاده أكثر تفاؤلا بشأن مستقبل النفط. وقال إن «نجاح هذا التعاون أمر واضح». ويذكر أن روسيا ليست عضوا في أوبك، لكنها تحتاج بشدة إلى ارتفاع أسعار النفط لإنقاذ اقتصادها المتدهور.ويرى السعوديون تقليديا أن الولايات المتحدة هي الشريك الرئيسي في السياسة الخارجية، إن لم يكن الشريك الحصري، لكن التغييرات داخل النظام السعودي، فضلا عن المخاوف السعودية بشأن الثقة في الإدارات الأمريكية، قد تركت المملكة تتطلع لتنويع مجموعة أوسع من التحالفات.
وقد كانت تلك الزيارة مؤجلة منذ عدة أشهر، إن لم يكن أعوام، ولكن فشل إدارة «ترامب» في إعطاء السعوديين الدعم الخالص في نزاعهم مع قطر، في وقت سابق من هذا العام، تسبب بخيبة أمل للسعوديين.
وكانت روسيا والسعودية في خضم حرب باردة، وقد عانى السعوديون من القرار الروسي بدعم «الأسد»، في الوقت الذي كانت تدعم فيه الرياض المعارضة السورية بالمال والأسلحة.
وفي مواجهة تقدم «الأسد» العسكري الذي تدعمه روسيا في جنوب وغرب سوريا، تم إجبار السعوديين على تقليص مطالبهم السياسية والتخلي عن مطلب تنحي «الأسد». ولا يزال السعوديون يعارضون بشدة وجود إيران في سوريا، وسيسعون للحصول على تأكيدات من «بوتين» بأن تغادر الميليشيات الإيرانية، التي تقاتل إلى جانب النظام، سوريا كجزء من أي تسوية سلمية. ويريد السعوديون أيضا أن يتوقف الإيرانيون عن دعم المعارضة الحوثية في اليمن.
وأكد الملك «سلمان» في كلمته الافتتاحية في الكرملين معارضته لإيران، قائلا: «نؤكد أن الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط ضرورة ملحة لتحقيق الاستقرار والأمن في اليمن. ويتطلب هذا من إيران أن تتخلى عن تدخلها في الشؤون الداخلية للمنطقة، والتخلي عن الإجراءات التي تزعزع استقرار الوضع في هذه المنطقة».
وقد أظهرت روسيا احتفاء دبلوماسيا كبيرا بالملك السعودي، على الرغم من حدوث خلل في البداية، عندما تعطل المصعد الذهبي الذي يرافق الملك في إنزاله إلى مطار موسكو.