صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية- ترجمة منال حميد -
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إن روسيا تعمل على تقوية العلاقات مع الحلفاء العرب التقليديين للولايات المتحدة، حيث تتدافع إلى المشهد السياسي للشرق الأوسط وتعزز حضورها كوسيط قوة إقليمي.
وتابعت الصحيفة أنه ومنذ تدخل روسيا في سوريا عام 2015 دعماً للنظام السوري بقيادة بشار الأسد، أقامت علاقات اقتصادية قوية مع السعودية، وزادت من صفقاتها التجارية لقطر، وباعت أسلحة بمليارات الدولارات للإمارات، وفي مصر نجح الكرملين في إقامة علاقة وثيقة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
صورة العلاقات الروسية مع دول عربية حليفة لأمريكا تجسدت بشكل واضح في مؤتمر قمة العشرين في بوينس أيرس؛ من خلال المصافحة الحميمية بين الرئيس فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد أن كان بن سلمان يعيش أزمة عالمية بسبب اتهامات وجهت له بالمسؤولية عن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول.
بالنسبة للعرب من حلفاء أمريكا فإن الدور الإقليمي الصاعد لروسيا يوفر لها تحوطاً هاماً ضد علاقتهم بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن كثيراً عن رغبته في الخروج من الشرق الأوسط، وآخر قراراته هو إعلانه سحب القوات الأمريكية من سوريا.
ويرى محللون أن الرئيس بوتين يتوق للاستفادة من تصدع العلاقة بين واشنطن وحلفائها التقليديين من العرب، وهو يسعى ليرسم عن روسيا صورة أنها وسيط يمكن أن يحل الكثير من المشاكل الجيوسياسية في المنطقة.
يقول مارك كاتز، أستاذ السياسة في جامعة جورج ماسون المختص بالعلاقات الروسية في الشرق الأوسط: "إن موسكو مستعدة للعمل مع الحلفاء التقليديين لواشنطن، والاستفادة من أي احتكاك بينهم وبين الولايات المتحدة".
وتضيف الصحيفة أن "التدخل الروسي في سوريا وعلاقتها مع إيران وحلفاء آخرين مثل الحكومة اللبنانية وحزب الله، وحتى تركيا، القوة الإقليمية الطموحة والمساندة للمعارضة السورية، بالإضافة إلى علاقتها مع إسرائيل، عزز من حضور روسيا في الشرق الأوسط، وهو ما دفعها لمد جسور مع فصائل فلسطينية وليبية متصارعة".
- نفوذ روسي عبر السعودية
وترى الصحيفة أن النفوذ الروسي في المنطقة كان واضحاً بشكل لافت مع السعودية، التي كانت سابقاً خصماً للاتحاد السوفييتي في إطار الحرب الباردة، كما أن السعودية كانت أحد الداعمين الرئيسين للفصائل السورية المعارضة، فبعد الأزمة التي ضربت الرياض إثر مقتل خاشقجي، وجدت موسكو الطريق سالكاً للأمير الشاب بعد أن رفضت انتقاده.
يقول روبرت جوردان، سفير الولايات المتحدة السابق في السعودية في عهد جورج بوش: إن "السعوديين يشعرون بالقلق من محاصرة الكونغرس الأمريكي لهم فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان وقضية مقتل خاشقجي، ويبدو أن الروس لا يهتمون لمثل هذه الأمور كثيراً".
في أغسطس الماضي، عندما وقع النزاع السعودي الكندي على خلفية مطالبات كندية للرياض بالإفراج عن نشطاء حقوقين تعتقلهم السعودية، كان الموقف الروسي داعماً للسعودية؛ حيث اعتبرت أن مثل هذه الاتهامات هي "تسييس لقضايا حقوق الإنسان، وهو أمر غير مقبول".
تشكل العلاقة المتنامية بين روسيا السعودية مصلحة مشتركة، كما تقول الصحيفة، خاصة في ظل تقلبات أسعار النفط العالمية، حيث واجه البلدان أزمة عقب انهيار أسعار النفط في 2014، قبل أن يتوصلا إلى اتفاق خفض الإنتاج عام 2016.
ويبدو أن فرص موسكو في المنطقة لها حدود؛ فالقوة العسكرية والاقتصادية الروسية ما زالت جزءاً من الولايات المتحدة؛ ما يجعل من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- أن تحل محل الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، بحسب مراقبين.
الروس مشغولون بفعل ما بوسعهم لنشر نفوذهم وتعزيز مصالحهم، وذلك بالعمل مع حكومات في المنطقة، من خلال تعزيز شراكات تجارية، كما حصل مع دولة قطر التي اشترت ما نسبته 20% من حصة شركة النفط الروسية الحكومية.
وتختم الصحيفة بالقول إن لدى الدول العربية الآن فرصة لتحافظ على نوع من التوازن بين علاقتها القديمة بالولايات المتحدة وعلاقتها المتجددة بروسيا، خاصة أن الأمر الآن لم يعد كما كان أيام الحرب الباردة.