رويترز-
وصل الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، الإثنين، إلى السعودية، في أول زيارة من نوعها منذ أكثر من عشر سنوات، فيما يسلط الضوء على نفوذ موسكو المتنامي في الشرق الأوسط، بالاستفادة من المكاسب العسكرية الروسية في سوريا والعلاقات القوية مع إيران خصم الرياض الرئيسي في المنطقة والتعاون في سياسات الطاقة.
وكانت موسكو قد اكتسبت نفوذا في الشرق الأوسط في 2015، بإرسال قواتها إلى سوريا، حيث قامت هي وإيران، بدور رئيسي في دعم الرئيس "بشار الأسد"، في الحرب الأهلية في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة. وأيدت السعودية المعارضة السورية.
وعشية زيارة "بوتين"، كانت القوات الأمريكية تنسحب من شمال سوريا، في الوقت الذي أبرم فيه حلفاؤها الأكراد اتفاقا مع الجيش السوري المدعوم من روسيا، بهدف صد هجوم عسكري تركي.
كما عملت روسيا على تقوية العلاقات مع السعودية وإيران اللتين اقتربت خلافاتهما من حد الصراع الصريح، بعد سلسلة أخيرة من الهجمات على منشآت نفطية في الخليج، قالت الرياض وواشنطن إن طهران تقف وراءها. ونفت إيران هذه الاتهامات.
وارتفعت حدة التوتر مع إيران، المتورطة في سلسلة من الحروب بالوكالة مع السعودية في دول من بينها سوريا، إلى مستويات جديدة بعد أن انسحبت الولايات المتحدة في 2015 من الاتفاق النووي الدولي مع طهران وأعادت فرض العقوبات عليها.
والتقى الرئيس الروسي مع الملك "سلمان" وولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي يتولى إدارة شؤون المملكة، والذي يقول "بوتين" إن علاقات ودية تربطه به.
وقال "بوتين" والملك "سلمان"، في تصريحات أذاعها التلفزيون، إن العلاقات الثنائية مهمة لأمن واستقرار المنطقة.
وبعد مباحثات ركزت على الاستثمارات المشتركة والصراعين في سوريا واليمن، قال الأمير "محمد"، إن التعاون بين السعودية وروسيا في مجال الطاقة سيحقق الاستقرار.
ومن مظاهر اكتساب العلاقات بين البلدين قوة انضمام روسيا غير العضو في منظمة "أوبك"، والتي كانت في وقت من الأوقات تعتبر منافسا للمنظمة في أسواق النفط، إلى السعودية في تشكيل تحالف يعرف باسم "أوبك+" لدعم أسعار النفط الخام العالمية من خلال تقييد الإنتاج.
وخلال منتدى عقد في الصباح، شارك فيه 300 من رؤساء الشركات التنفيذيين من السعودية وروسيا قال وزير الطاقة السعودي الأمير "عبدالعزيز بن سلمان"، إن دول تجمع "أوبك+" تبدي التزاما كبيرا بالاتفاق، وقال نظيره الروسي إنه لا تجري محادثات لتغييره.
وقبل الزيارة، قال "بوتين"، الذي عرض تزويد المملكة بأنظمة دفاعية روسية بعد الهجمات التي وقعت على منشآتها النفطية في 14 سبتمبر/أيلول الماضي، إن بوسعه أيضا أن يلعب دورا إيجابيا في تخفيف حدة التوتر مع طهران بفضل علاقاته الطيبة مع الجانبين.
وسيؤدي أي تقدم لتنفيذ خطط تدرسها السعودية منذ فترة لشراء نظام الدفاع الجوي الصاروخي "إس-400"، إلى استياء في واشنطن التي أعلنت في مطلع الأسبوع، أنها سترسل نحو 3000 جندي ونظم دفاع جوي إضافية إلى السعودية في أعقاب الهجوم الذي وقع الشهر الماضي.
وقد قاوم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، ضغوطا لفرض عقوبات على الرياض، بسبب انتهاكات لحقوق الانسان، بما في ذلك مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي"، ووصف العقوبات بأنها خطوة "خرقاء"، لا تفيد سوى روسيا والصين.
النفط والاستثمارات
سئل وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية "عادل الجبير"، عن مخاوف من تقارب الرياض وموسكو، فقال إنه "لا يرى تعارضا".
وقال "الجبير"، للصحفيين الأحد، إن المملكة لا تعتقد أن العلاقات الوثيقة مع روسيا لها أثر سلبي على العلاقات مع الولايات المتحدة.
وأضاف أن "السعودية ترى أن بالإمكان إقامة علاقات استراتيجية وقوية مع الولايات المتحدة وفي الوقت نفسه تطوير العلاقات مع روسيا".
وانتشرت أعلام روسيا والسعودية في شوارع الرياض، قبل زيارة "بوتين"، التي تستغرق يوما واحدا، وتتضمن حفلا موسيقيا لأوركسترا تشايكوفسكي السيمفوني.
ويتوجه "بوتين" إلى الإمارات، الثلاثاء.
ووقع الجانبان، خلال الزيارة أكثر من 12 مذكرة تفاهم شملت مجالات الطاقة والبتروكيماويات والنقل والذكاء الصناعي.
وقال رئيس صندوق الثروة السيادي الروسي "كيريل ديميترييف"، للصحفيين، إن عددا من المستثمرين الروس مهتمون بالطرح العام الأولي المزمع لشركة "أرامكو"، التي قد تطرح ما بين 1 و2% من أسهمها في السوق المحلية، خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، قبل الطرح الدولي المحتمل.
وقال وزير الطاقة الروسي "ألكسندر نوفاك"، إن شركة "غازبروم" الروسية مهتمة بالتعاون مع شركات سعودية في مجال الغاز الطبيعي.
وكانت روسيا أكبر دولة مصدرة للقمح في العالم، قد حققت بعض التقدم في دخول أسواق السعودية والشرق الأوسط، عندما وافقت المملكة في أغسطس/آب الماضي، على تخفيف مواصفات القمح المستورد مما فتح الباب أمام الاستيراد من منطقة البحر الأسود.
وقال مصدر، إن الصندوق السيادي الروسي وشركة "سالك" السعودية يعتزمان توقيع اتفاق للبحث معا عن مشروعات استثمارية في القطاع الزراعي الروسي.