بلومبرغ-
سلطت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية الضوء في تقرير لها، على تأثر الواقع الاقتصادي في منطقة الخليج العربي بفيروس "كورونا المستجد" مع اندلاع حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.
وجاء في التقرير الذي أعدته كل من سيليفيا ويستول وفيونا ماكدونالد، تحت عنوان "هجوم الفيروس عمَّق من قلق الخليج بشأن حرب أسعار النفط السعودية"، أن دول الخليج التي جُرَّت إلى الحرب بسبب قرار السعودية المفاجئ بدء حرب أسعار نفط مع روسيا، تجد نفسها أمام معضلة في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، في ظل تراجع مواردها النفطية.
تقول الكاتبتان في تقريرهما، إن حرب الأسعار بين السعودية وروسيا حيَّرت ملكيات الخليج، وهزَّت بطريقة غير متوقعةٍ دفاعاتها المالية التي تحتاجها لمواجهة تبعات انتشار الفيروس القاتل.
وأضاف التقرير: إن "الكويت والإمارات تريدان العودة إلى المحادثات بين القوى في (أوبك+)، لكن أبطال الدراما، بينهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ثبتوا أقدامهم ورفضوا التراجع".
وذكر أنه "كلما طالت المواجهة بين السعودية وروسيا زادت الضغوط على جهود السياسة الخارجية الخليجية التي تحمل عادةً تكلفة ضخمة، فالسعودية وجاراتها لديها استراتيجية مترابطة في موضوع احتواء إيران، العضوة في أوبك، وبتشجيع من أمريكا".
ينقل التقرير عن السفيرة الأمريكية السابقة لدى الإمارات، باربرا ليف، قولها: "هذا تحرك قام بناء على السعودية أولاً".
ووصفت ليف الخطوة بأنها مربكة لمنتجي النفط في منطقة الخليج، "لقد اصطف الإماراتيون مع الرياض وزادوا من الإنتاج، لكنني لا أعتقد أنهم يؤمنون بأن حرب أسعار مفتوحة مع موسكو هي الطريق الصحيح".
تقول الكاتبتان في التقرير: إن "الإمارات التي تفتخر بأنها مستقرة ومزوِّد للنفط موثوق به، قلِقة من الفوضى في السوق والتي قد تحدث من حرب الأسعار، لكنها تتجنب التعبير عن خلافاتها مع حليفتها الكبرى علناً"، في إشار إلى السعودية.
يورد التقرير نقلاً عن دبلوماسيين في أبوظبي، قولهم إن الإمارات لن تنحرف عن شراكتها النفطية مع السعودية، رغم اللهجة التصالحية التي أبداها وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي، بعد انهيار المحادثات في فيينا، حيث قال: "نأمل أن أصدقاءنا في روسيا يحتاجون مزيداً من الوقت للتفكير، وربما عادوا مرة ثانية للقاء في أي وقت، وقد نلتقي في أي وقت".
كما يشير التقرير إلى أن أبوظبي أدت دوراً من خلف الأضواء في الفترة التي تبعت انهيار المحادثات، وحاولت ردم هوة الخلاف بين الرياض وموسكو وتحقيق الاستقرار، بحسب أشخاص على معرفة بالموضوع، ملمحاً إلى قول ليف، إن هناك حاجة لجهود قصوى من أجل إعادة الجميع إلى الطاولة، لكن الجهود الإماراتية لم تثمر حتى الآن.
وبحسب توقعات صندوق النقد الدولي، فإن الإمارات والكويت تحتاجان إلى 70 دولاراً و54.7 دولاراً للبرميل على التوالي؛ لتغطية متطلبات الميزانية في عام 2020، وتقومان مع الجيران ببرامج تحفيز بقيمة مليارات الدولارات لاقتصاداتها التي لم تتعافَ بعدُ من أزمة انهيار النفط عام 2014.
وفق التقرير، فإن الإمارات أعلنت خطة تحفيز بـ34 مليار دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، مع أن وضعها، بصفتها مُصدِّراً رئيساً للنفط الخام، ومركزاً عالمياً للتجارة والسفر، يعني أن اقتصادها عرضة للمخاطر التي جلبها معه فيروس كورونا.
وأضاف أن معدل النمو المتوقع للقطاع غير النفطي بالإمارات في عام 2019، كان بنسبة 1.1%، أي بتراجع عن العام الذي سبقه، الذي سجل نمواً بنسبة 1.3%، في وقت تتزايد المخاوف من معاناة مراكز التسوق وسوق العقارات من زيادة ما لديها من المعروض.
وترى الكاتبتان أنه من المؤكد أن تعيد حرب الأسعار القلق داخل الولايات المتحدة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي شجبه أعضاء الكونغرس؛ لدوره في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وحرب اليمن.
ويختم التقرير بالإشارة إلى قول نائب مدير شركة الاستشارات "فورين ريبورتس" المتخصصة في تحليل أثر التطورات بالشرق الأوسط على سوق الطاقة، ماثيو ريد: "لا أعتقد أن أحداً توقَّع رداً سعودياً بهذه الطريقة"، مضيفاً: "كلما طال أمد الأزمة توترت العلاقات".
ودارت حرب نفطية بين السعودية أكبر مُصدِّر للنفط في العالم وروسيا ثاني أكبر المصدرين، في الأسابيع الماضية، بعد فشل مجموعة الدول المصدرة "أوبك" بقيادة المملكة والدول النفطية خارجها بقيادة موسكو في الاتفاق على خفض الإنتاج.
ودعت السعودية، خلال اجتماع بفيينا، إلى خفض إضافي بمقدار 1.5 مليون برميل؛ لمواجهة التراجع الكبير في الأسعار؛ على خلفية انتشار فيروس "كورونا المستجد"، لكن روسيا رفضت.
وردّاً على الموقف الروسي خفّضت السعودية أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياتها في 20 عاماً؛ في محاولة للاستحواذ على حصّة كبيرة في السوق، وهو ما أثار اضطرابات بأسواق الطاقة وحرب أسعار.