علاقات » روسي

تحالف الرياض - موسكو النفطي.. هل نترقب توتراً سعودياً أمريكياً؟

في 2021/11/08

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

لا يبدو أن تحالف السعودية مع روسيا في الآونة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بقرارات مجموعة "أوبك+" باستمرار سياسات تقليص إنتاج النفط الخام، يروق للولايات المتحدة الأمريكية حليفة الرياض على مدار سنوات طويلة مضت.

وربما بدأت واشنطن تسعى لإعادة تقويم علاقاتها مع حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية، وأن أزمة دبلوماسية تلوح في الأفق بين الدولة الأقوى نفوذاً بالمنطقة والولايات المتحدة.

شرارة الأزمة

أولى شرارات هذه الأزمة بدأت برفض مجموعة "أوبك+"، بقيادة السعودية وروسيا، لضغوط الولايات المتحدة والمستهلكين، بتغيير سياسات إنتاج النفط وضخ الزيت الأسود بقوة إلى الأسواق.

وفي 4 نوفمبر الجاري، أعلنت "أوبك+" الإبقاء على سياستها لإنتاج النفط دون تغيير خلال شهر ديسمبر المقبل.

وقال التحالف النفطي، في بيان، إنه قرر إعادة التأكيد على خطة تعديل الإنتاج، والتي تنص على زيادة بمقدار 400 ألف برميل يومياً خلال شهر ديسمبر المقبل.

وقبل قرار "أوبك+"، عبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، في تصريحات صحفية له عن أسفه "لامتناع روسيا والسعودية والمنتجين الكبار الآخرين عن ضخ مزيد من النفط"، مضيفاً: "هذا ليس أمراً عادلاً".

وبسبب قرار الدول المصدرة للنفط تجاوزت أسعاره 80 دولاراً للبرميل؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود للمستهلكين.

وفي تصريح آخر له في 22 أكتوبر الماضي، ربط بايدن ارتفاع أسعار الوقود في بلاده بارتفاع أسعار النفط عالمياً وقلة العرض من قبل بلدان "أوبك+"، معتبراً أن السعودية لديها القدرة على تهدئة أسواق النفط.

وفي مقابلة مع قناة "بلومبيرغ" الأمريكية، رد وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، على تصريحات بايدن بالقول: "أسعار الوقود مرتفعة لأنها تخلط بالإيثانول الذي ارتفع سعره 10 أضعاف".

وأضاف بن سلمان: "ارتفعت أسعار الوقود بسبب قلة المخزون في الولايات المتحدة، أسعار الوقود مرتفعة لأن هناك ما بين 2 إلى 2.5 مليون برميل من القدرة الإنتاجية لا تزال معطلة بسبب الإعصار، استيراد النفط الخام لن يساعد بذلك، ما سيساعد هو جعل الوقود أكثر وفرة، أو الحد من تصدير الوقود".

تجاهل سعودي وأدوات أمريكية

ردُّ الأمير السعودي كان فيه تجاهل واضح لطلب الولايات المتحدة زيادة إنتاج النفط، إضافة لتطبيق هذا التجاهل على الأرض عبر قرارات "أوبك+"، وهو ما أثار غضب واشنطن، ليخرج رئيسها، السبت 6 نوفمبر الجاري، ويعلن، خلال مؤتمر صحفي، أن إدارته لديها أدوات التعامل مع أسعار النفط المرتفعة.

وقال رداً على سؤال صحفي في البيت الأبيض عما إذا كان سيأذن بالبيع من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأمريكي: "هناك عدد كبير من الأدوات الأخرى التي يجب أن نستخدمها مع دول أخرى في الوقت المناسب"، دون تفاصيل.

وحث بايدن الدول الرئيسية المنتجة للطاقة في مجموعة العشرين التي لديها طاقة فائضة على زيادة الإنتاج لضمان انتعاش اقتصادي عالمي أقوى.

هذا التصريح لبايدن أظهر على السطح توتراً في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية حليفها الرئيسي بالشرق الأوسط.

شد وجذب

وحول ذلك يقول الكاتب السعودي، سلمان عساف: إن "العلاقات السعودية الأمريكية تشهد منذ تولي بايدن الرئاسة محطات شد وجذب وربما يمكن أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة إعادة تقييم العلاقات الثنائية من الطرفين".

ويضيف عساف لـ"الخليج أونلاين": "بالتأكيد قضية التحالف السعودي الروسي المرتبط بمنظمة (أوبك بلس) تزعج الولايات المتحدة؛ فالمملكة حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط وموسكو خصم لواشنطن".

ويشير إلى أن الولايات المتحدة تعاني من التضخم بشكل كبير ومن ارتفاع أسعار الوقود، وتريد زيادة إنتاج النفط الخام لتتراجع أسعار الوقود ليخفف من أعبائها المالية، لكن قرار المملكة بالحفاظ على سياسات إنتاج النفط المقيدة والذي انعكس على زيادة أسعار النفط، زاد من غضب الإدارة الأمريكية.

ويستدرك: "لكن المملكة لن تضحي بمصالحها الاقتصادية من أجل إرضاء الولايات المتحدة ومستهلكي النفط، لقد واجهت الدول المصدرة للنفط بالأشهر الأخيرة أزمات طاحنة بسبب انهيار أسعار الوقود، وهذا الارتفاع فرصة لدول (أوبك بلس) لاستعادة نشاط اقتصاداتها وتغطية عجز موازناتها".

ويتابع: "عموماً العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة تتميز بالمتانة على الأصعدة كافة، وهناك شراكة استراتيجية بين البلدين ولا يمكن أن تنتهي هذه الشراكة من أجل موجة توتر عابرة ستعالجها دبلوماسية الدولتين".

ويرى أن الولايات المتحدة لها مصالح سياسية وأمنية واقتصادية كبيرة مع السعودية، خاصة فيما يتعلق بالتعاون من أجل مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاستثمارات المتبادلة، ولن يكون من السهل أن تتصاعد أزمة العلاقات.

وكان الرئيس الأسبق للاستخبارات السعودية، الأمير تركي الفيصل، قد قال في تصريحات صحفية سابقة له، نهاية العام الماضي، إن السعودية تعد أكبر شريك استراتيجي في المنطقة للولايات المتحدة.

وأضاف الفيصل إن علاقة التعاون المشترك على الصعيد الأمني وثيقة بين البلدين لمواجهة خطر الإرهاب بصفة عامة ليس فقط في المنطقة وإنما في العالم كله، ويعني ذلك تبادل المعلومات.

كما تطرق الفيصل إلى متانة العلاقات الدبلوماسية التي عبرت عنها المملكة مع جميع الإدارات الأمريكية جمهورية كانت أو ديمقراطية.

وشدد الأمير السعودي على أنه "رغم وجود صعود وهبوط في هذه العلاقات على حسب تغير الأوضاع ولكن العلاقات الاستراتيجية بقيت وثيقة بوجود المصالح المشتركة، وأهمها إيجاد السلام والاستقرار في المنطقة".

خيبة أمل ومصالح متبادلة

وأوضح مقال ترجمه "الخليج أونلاين"، لجون بي ألترمان، مسؤول برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي (CSIS)، نشر قبل أيام على الموقع الإلكتروني للمركز، أن "هناك خيبة أمل متبادلة بين الولايات المتحدة والسعودية فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية".

وأضاف ألترمان: "السعودية تشعر أن فريق إدارة بايدن لم يقدم سوى القليل مقابل ما قدمته المملكة للولايات المتحدة، كما تعبر المملكة عن دهشتها من عدم اهتمام واشنطن بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تشهدها".

وتابع: "لن تذهب الولايات المتحدة للإضرار بعلاقاتها مع أكبر حليف لها بالشرق الأوسط. عدم تعاون واشنطن مع الرياض سيعني السماح بانهيار المنطقة، سيعني تصاعد الإرهاب والهجرة الجماعية عبر البحر المتوسط نحو الغرب. إضافة إلى أن العالم سيستخدم النفط لعقود قادمة، وتوتر العلاقات مع المملكة سيعني زيادة تقلب أسعار النفط؛ مما سيضر بالاقتصاد الأمريكي والعالمي".

واعتبر أن للولايات المتحدة مصلحة في تسهيل انتقال الشرق الأوسط إلى اقتصادات أكثر تنوعاً، كما أن لديها مصلحة في تشجيع شركائها على أن يكون لديهم مجتمعات أكثر انفتاحاً تكون مرنة في مواجهة التغير العالمي.

ورأى أن نجاح المملكة، وكذلك الدول الأخرى في المنطقة، أمر مهم لمصالح الولايات المتحدة.

وقال ألترمان: "يجب أن تبحث إدارة بايدن عن طرق للشراكة مع السعوديين وغيرهم في المشاريع التي تساعد على تحريك الشرق الأوسط في اتجاه يعزز المصالح المشتركة".

وشدد على أن للولايات المتحدة مصلحة في مستقبل السعودية، والسعوديون لديهم حوافز كبيرة للعمل مع الولايات المتحدة.