علاقات » روسي

غزو روسي محتمل لأوكرانيا.. كيف ستتأثر خزائن دول الخليج؟

في 2022/02/23

سلمى حداد - الخليج أونلاين-

تواصل أسعار النفط الخام صعودها بشكل متسارع مقتربة من حاجز الـ100 دولار لأول مرة منذ سبع سنوات، متأثرة بتصاعد التحذيرات والمخاوف الغربية من غزو روسي وشيك لأوكرانيا ربما يؤثر على إمدادات النفط العالمية.

وتزداد المخاوف يومياً من غزو روسي محتمل لأوكرانيا على الرغم من المساعي الدولية لتفادي التصعيد العسكري.

وتحشد كل من روسيا وأوكرانيا قواتهما العسكرية على الحدود المشتركة، فيما عزز حلف شمال الأطلسي (الناتو) دفاعاته في أوروبا الشرقية ووضع قواته في حالة تأهب.

وبداية الخلاف بين الدولتين ترجع إلى العام 2014، منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية وما تبع ذلك من اندلاع حرب في شرق أوكرانيا مع الانفصاليين الموالين لروسيا الذين يعتبرون موسكو راعياً عسكرياً لهم.

وحذرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا "أصبح وشيكاً"، وقد يحدث قبل انتهاء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في 20 فبراير الجاري، حسب بيان صادر عن البيت الأبيض.

كما حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، في تصريحات له، من أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ في أي وقت.

وفي 12 فبراير الجاري، اعتبرت أوكرانيا أن التحذيرات الأمريكية بشأن غزو روسي محتمل "مثيرة للهلع"، وفق بيان لوزارة الخارجية.

ووصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاتهامات الموجهة إلى بلاده بأنها "تكهنات استفزازية"، وذلك خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كرر "عزم الدول الغربية على الرد" في حال غزو روسي لأوكرانيا.

أسعار النفط تحلق..

وبسبب هذه التحذيرات التي تحمل لهجة جادة و"مثيرة للهلع"، كما وصفتها الخارجية الأوكرانية، قفزت أسعار النفط إلى مستوى تاريخي.

ووفقاً لوكالة "تاس" الرسمية الروسية، تدل معطيات بورصة لندن "ICE" على أن قيمة العقود الآجلة لخام برنت لشهر أبريل تجاوزت 96 دولاراً للبرميل لأول مرة منذ 2014.

ووفقاً لبيانات هذه البورصة المتوفرة (14 فبراير 2022)، ارتفعت قيمة العقد الآجل لنفط خام برنت للتسليم في أبريل 2022 بنسبة 1.73٪، لتصل إلى 96.07 دولاراً للبرميل.

وكانت آخر مرة تجاوز فيها سعر نفط برنت 96 دولاراً للبرميل في أكتوبر 2014.

وقال إدوارد مويا، محلل السوق لدى شركة "أواندا"، وهي وسيط خدمات مالية متعدد الخدمات، بمذكرة له: "إذا حدث تحرك للقوات الروسية فسوف يرتفع خام برنت فوق مستوى 100 دولار (للبرميل) بكل سهولة".

وأضاف "ستظل أسعار النفط متقلبة للغاية، وعرضة للتطورات المتزايدة فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا".

ونقلت وكالة " بلومبيرغ" الاقتصادية الأمريكية عن خبراء أمريكيين قولهم إنه "من المستحيل تحديد مدى ارتفاع الأسعار في حال غزو روسيا لأوكرانيا، وإلى متى ستبقى مرتفعة".

وأضافت: "من المؤكد أن سعر برميل نفط بقيمة 100 دولار أو أكثر كما يتوقع البعض سيرفع الأسعار في محطات الوقود حول العالم، وهذا يعني أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا لديه القدرة على التأثير في معظم الأمريكيين والأوروبيين بل ومعظم دول العالم".

عواقب اقتصادية واسعة

وفي مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، قال المحلل الاستراتيجي ديفيد روش، 14 فبراير 2022، إن "النفط بالتأكيد سيصل إلى حاجز 120 دولاراً للبرميل الواحد، وإن الاقتصاد العالمي سيتغير جذرياً في حال قررت روسيا اجتياح أوكرانيا".

وأضاف روش أن الخطوات الروسية التالية تشبه الشبح في الغرفة، وهي خيارات قد تشتت الأسواق العالمية على نحو واسع.

وتابع: "أعتقد أنه إن وقع اجتياح لأوكرانيا وفرضت عقوبات قد تعيق دخول روسيا إلى آليات النقد الأجنبية أو قد تمنع الروس من تصدير بضائعهم، سواء كان ذلك النفط أو الفحم أو الغاز، أعتقد أنه في ذلك الوقت سترى وبشكل مؤكد أسعار النفط بحد 120 دولاراً للبرميل الواحد".

وحذر الخبير الاستراتيجي من أن اجتياح أوكرانيا سيترتب عليه عواقب اقتصادية واسعة على مستوى العالم.

وأشار إلى أن بوتين في حال قرر "أن يفعل شيئاً دراماتيكياً يخص أوكرانيا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون على الأرجح عقوبات قاسية على روسيا".

وأكد أن الأسواق الأوروبية وتطلعات الاقتصاد العالمي "ستتغير جذرياً في حال فرض عقوبات على روسيا وإذا أقدمت على غزو أوكرانيا".

انتعاش وانتكاس

وحول قراءته لتأثير الغزو الروسي المحتمل على أسواق الطاقة، يقول المحلل والكاتب الاقتصادي مصطفى عبد السلام: إنه "في حال زيادة المخاطر الجيوسياسية على مستوى العالم فالمعروف أنها تدفع زيادة أسعار النفط".

وأضاف عبد السلام، في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "أسعار النفط كانت قد مرت بمرحلة صعود بعد تراجع بسبب أزمة كورونا، ومع الأزمة الأوكرانية الروسية واصلت الأسعار الارتفاع بشكل هائل وملحوظ".

وأشار الكاتب الاقتصادي إلى أن أسعار الزيت الأسود تقترب بقوة من الـ100 دولار، ومن المرجح أن تجتاز هذا الحاجز قريباً وتصعد إلى 120 دولاراً، ثم إلى 150 دولاراً للبرميل الواحد، وبعض البنوك الاستثمارية الدولية ترجح أن يكون سعر برميل الخام 200 دولار مع بدية العام المقبل 2023.

ورأى أن هذه الزيادة المستمرة في أسعار النفط ستلقي بآثار إيجابية قوية جداً على موازنات دول الخليج العربي وإيراداتها من النقد الأجنبي، ومن ثم ستعوض خسائرها التي حققتها خلال العامين الماضيين بسبب أزمة كورونا.

وقال: إن "أزمة أوكرانيا ستؤدي لزيادة موارد دول الخليج من النقد الأجنبي، كما ستسرع موجة ارتفاع أسعار النفط إعادة بناء الدول النفطية العربية لاحتياطاتها من النقد الأجنبي ودعم صناديقها السيادية بعد أن أجبرتها أزمة كورونا على السحب منها خلال العامين 2020 و2021".

ولفت عبد السلام إلى أن الآثار الإيجابية للأزمة الأوكرانية تشمل كذلك تزايد الإقبال على الغاز الخليجي، خاصة غاز قطر، لأنه من المعروف أنه في حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا فإن ذلك سيحدث أزمة كبيرة في الطاقة بأوروبا، فقد تقطع روسيا إمدادات الغاز عنها أو قد يتم تدمير خطوط نقل الغاز إليها.

وتابع: "من المتوقع نتيجة ذلك حدوث إقبال شديد على الغاز القطري من قبل دول أوروبا، وهذا سيؤدي إلى تحقيق إيرادات مالية عملاقة للدوحة، تحقق لها فائضاً في موازنتها وتغطي عجزها خلال عامي كورونا".

إلا أن الكاتب عبد السلام، تحدث عن نقطة سلبية للأزمة، فحدوث غزو روسي لأوكرانيا سيتسبب في ارتفاع أسعار الأغذية بالعالم؛ لأنه من المعروف أن روسيا وأوكرانيا من أكبر موردي الأغذية بالعالم.

وأشار إلى أنه من المعروف أن دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، من أكثر الدول استيراداً للأغذية بالعالم، لذلك فإن "تكاليف استيرادهم للغذاء ربما تتضاعف، وسينتج عنها موجة تضخمية يعاني منها المواطن على شكل زيادات بالأسعار".