علاقات » روسي

زيارات للخليج وردم خلافات.. تحضيرات غربية متسارعة لعقوبات نفطية على روسيا

في 2022/03/08

متابعات-

"كل الطرق تؤدي إلى سلاح النفط".. هذا ما خلص إليه عديد المراقبين لتطورات الحرب في أوكرانيا، في إشارة إلى تصعيد العقوبات الغربية ضد موسكو في ظل إصرار الرئيس "فلاديمير بوتين" على المضي قدما في عمليته العسكرية، رغم الموجة الأولى من العقوبات الغربية، التي شملت حظرا للتعامل المالي على بنوك رئيسية في روسيا.

ورغم أن عقوبات النفط على روسيا تعد خطوة صعبة ومؤلمة أيضا للغرب، باعتبار أن نقص المعروض في السوق العالمية سيؤدي حتما إلى ارتفاع كبير في الأسعار، إلا أن مؤشرات التحركات الدبلوماسية الأخيرة تفيد بأن تحضيرات جارية على قدم وساق من جانب أطراف غربية عدة لذلك، في ظل التصلب الروسي إزاء الحرب في أوكرانيا.

وتقود الولايات المتحدة هذه التحركات بإصرار كبير، وسط أنباء عن عزم الرئيس "جو بايدن" المضي قدما في فرض عقوبات نفطية على روسيا "حتى لو لم يحصل على دعم من حلفائه بهذا الشأن" وفقا لما نقلته وكالة "بلومبرج" عن مصادرها.

وفي هذا الإطار، اتجه التحرك الأمريكي نحو محاولة "تسوية الخلافات" مع قوى، بعضها بمنطقة الخليج وبعضها محسوب على المعسكر المناوئ للغرب، لكنها من كبار منتجي الخام والغاز بهدف تعويض الإمدادات الروسية من النفط والغاز حال فرض عقوبات على موسكو، خاصة فنزويلا وإيران.

فالمسؤولون الأمريكيون يجرون حاليا زيارة نادرة إلى فنزويلا، أحد أقرب حلفاء روسيا في أمريكا اللاتينية، في محاولة لتسوية الخلافات معها وتأمين مصدر للغاز والنفط حال فرض حظر نفطي -كلي أو جزئي- على موسكو.

وتعتبر فنزويلا من أكبر منتجي النفط والغاز في العالم، ويمكن أن تخفف صادراتها من الخام من الآثار السلبية للحظر النفطي على روسيا، وذلك في حال خففت واشنطن العقوبات عليها.

وفي السياق، نقلت "رويترز" عن مصادر مطلعة أن مسؤولين فنزويليين وأمريكيين ناقشوا، السبت الماضي، إمكانية تخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا، لكنهم لم يحققوا تقدما يذكر نحو التوصل إلى اتفاق، في أول محادثات ثنائية رفيعة المستوى تجرى بين الجانبين منذ سنوات مع سعي واشنطن إلى فصل روسيا عن أحد حلفائها الرئيسيين.

 واستغل الجانبان اجتماع السبت في كراكاس لتقديم ما وصفه مصدر مطلع بـ"الحد الأقصى من المطالب"، ما يعكس التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة وأحد أكبر خصومها.

وقالت المصادر إن الوفد الأمريكي قاده كبير مستشاري البيت الأبيض لأمريكا اللاتينية "خوان جونزاليس" والسفير "جيمس ستوري"، وأجرى محادثات مباشرة مع الرئيس الفنزويلي "نيكولاس مادورو" ونائبته "ديلسي رودريجيز".

وأشارت إلى أن المسؤولين الأمريكيين اعتبروا الاجتماع فرصة لمعرفة ما إذا كانت فنزويلا مستعدة للنأي بنفسها عن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين".

وفي سياق متصل، ثمة تحركات من الجانب الأمريكي لتسريع الاتفاق النووي مع إيران، حيث تتحدث مصادر غربية عن فرصة لتوقيع الاتفاق خلال أيام على أمل أن يساهم النفط والغاز الإيراني في تعويض نقص المعروض الروسي.

المسؤولون الروس، من جانبهم، يحاولون عرقة الخطوة، حيث طلبوا ضمانات مكتوبة من الولايات المتحدة بأن العقوبات على موسكو لن تضر بتعاون روسيا مع إيران، وهو ما يلقى معارضة إيرانية على ما يبدو، عبر عنها مسؤول إيراني كبير، وصف المطالبة الروسية بأنها "غير بناءه"، وفقا لما نقلته "رويترز".

ويبدو أن سقف التنازلات الأمريكية في هذا الإطار قد أخذ في الارتفاع، بعد تداول أنباء عن زيارة محتملة قد يجريها الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إلى السعودية لإقناعها بالمساهمة في تعويض الغاز والنفط الروسي، رغم تأكيد إدارته سابقا بأنه لن يتعامل رسميا إلى مع الملك "سلمان بن عبدالعزيز".

وفي حال حدوث هكذا سيناريو فإن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" سيحقق نصرا جديدا في لعبة الشد والجذب بينه وبين إدارة "بايدن"، خاصة بعدما صرح، في حواره الأخير مع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، بوجود خلافات مع إدارة الرئيس الأمريكي، الذي رفض في وقت سابق لقاءه، على خلفية تقارير استخباراتية أمريكية تحمل "بن سلمان" مسؤولية جريمة اغتيال الكاتب الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

وإذا كانت المساعي الأمريكي تصل إلى الخصوم، فإنها تشمل الحلفاء بطبيعة الحال، بهدف إقناعهم باستخدام الاحتياطات لديهم لتأمين الفاقد المحتمل من الغاز والنفط الروسي.

وتشريعيا، يعمل الكونجرس على التمهد للخطوة، حسبما نقلت "رويترز" عن رئيسة مجلس النواب "نانسي بيلوسي"، الأحد، مشيرة إلى أن المجلس "يدرس قانونا استيراد النفط ومنتجات الطاقة الروسية إلى الولايات المتحدة ويفسخ العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وروسيا البيضاء ويتخذ الخطوة الأولى لمنع روسيا من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية".

وبدا من ردود فعل الحلفاء تحركات متناغمة مع واشنطن، إذ يجري قادة إيطاليا والنمسا وإسبانيا زيارات مكثفة إلى كبار منتجي النفط والغاز بالمنطقة، خاصة قطر والجزائر، في مسعى لتأمين بدائل سريعة للنفط والغاز الروسي.

فوزير الخارجية الإيطالي "لويجي دي مايو" أعلن من الجزائر أن سلطات بلاده تعمل من أجل تنويع مصادر الطاقة للحد من الاعتماد على الامدادات الروسية، مشددا على ضرورة تنويع مصادر الطاقة وعدم الخضوع لـ "الابتزاز" الروسي.

والإثنين، وصل المستشار الاتحادي بجمهورية النمسا "كارل نيهامر" إلى العاصمة القطرية الدوحة لبحث تأمين إمدادات بديلة للنفط والغاز، حسبما أوردت وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا).

والأحد، تلقى رئيس الجزائر "عبدالمجيد تبون" مكالمة هاتفية من رئيس الوزراء الإسباني "بيدرو سانشيث"، أعرب له فيها الأخير عن شكره للجزائر كـ"شريك موثوق في مجال الطاقة"، معربا عن تطلعه للعمل على "تطوير وتعزيز التعاون القائم بين البلدين"، وفقا لما أوردته وكالة "الأناضول".

كما ذكرت وكالة أنباء كيودو، الإثنين، أن الحكومة اليابانية تجري محادثات مع الولايات المتحدة ودول أوروبية بشأن احتمال حظر واردات النفط الروسي.

ويبدو أن الآثار المتوقعة للحظر النفطي المتوقع على روسيا قد بدأت في "الانعكاس" على العديد من حلفاء موسكو، لاسيما الصين، التي أعلنت، الإثنين، بدء التحرك لضمان توفير إمدادات كافية من الطاقة.

فهل سينجح الغرب في تأمين بدائل للغاز والنفط الروسي والتخفيف من تأثير الخطوة على اقتصادياته المنهكة بسبب أزمة كورونا؟ وهل سيلعب الحلفاء الخليجين والعرب دورا في هذا المسار؟ الأيام القليلة القادمة تحمل الإجابة.