(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
منذُ أواخر أغسطس/آب الماضي، بدأت المعلومات حول عجز أمريكا عن استمراريّة الدّعم السّخي لأوكرانيا في الظهور، وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، إنّ القِتال في أوكرانيا تسبّب في استنفاد مخزونات بعض أنواع الأسلحة الأمريكيّة، ولا يوجد لدى البنتاغون الوقت لتجديدها بشكلٍ سريع.
وأضافت الصّحيفة، أنّ هذا الأمر يُثير القلق والمخاوف بين المسؤولين الأمريكيين بشأن القُدرة القتاليّة للبلاد، ونقلت عن مصدر في وزارة الحرب الأمريكيّة، أنّ احتياطي القذائف المدفعية من عيار 155 مم بات عند مستوى "منخفض بشكلٍ يُثير القلق" بسبب الإمدادات إلى كييف.
وأوضحت مصادر الوزارة للصحيفة، أنّ مخزونات الأسلحة المصمّمة لمواجهة التّهديدات غير المتوقّعة قد انخفضت بشكلٍ كبير بعد نقل عدد كبير من راجمات الصواريخ HIMARS ومدافع الهاوتزر من طراز M777 وأنواع أُخرى من الأسلحة إلى كييف.
وفي أحدث التّقارير، نشر موقع بوابة الطيران الروسي، تقريراً عن بَداية إرسال سلطنة عمان أنظمة NASAMS الأمريكية إلى أوكرانيا، وكذلك تقارير حول اتّفاق أمريكا مع دول خليجية لتعويض النّقص في أسلحة الدّفاعات الجويّة.
فقد ذكر الموقع الرو، أنّ طائرة An-124 الأوكرانيّة وصلت من عمان إلى بولندا، حيث سلّمت أنظمة الدّفاع الجوي الأمريكية NASAMS ، وقبل ذلك بقليل، أصبح معروفًا أنّ الولايات المتّحدة أجرت محادثات مع عدد من دول الشّرق الأوسط بشأن مسألة النّقل المؤقّت لأنظمة الدّفاع الجوي الأمريكية NASAMS إلى أوكرانيا مع تعويضها اللّاحق من الولايات المتّحدة على مدى الأشهر الستّة المُقبلة..
وفي الوقت الحالي، وافقت عمان على توريد هذه الأسلحة، إلّا أنّ دوَلًا مثل قطر والكويت أَبدت اهتمامًا أيضًا، ومع ذلك، لم تتوصّل الدّولتان بعد إلى اتّفاق موحّد، في محاولة للحصول على موافقة الولايات المتّحدة على توريد أنواع إضافيّة من الأسلحة الأمريكيّة.
ومن المعروف أنّ هذه الدّول لديها ما لا يقلّ عن 9 بطاريات NASAMS SAM. وهو ما يسمح لها بشكلٍ كامل بإبرام صفقة مناسبة مع الولايات المتّحدة، وفي الوقت الحالي هناك مساومة للحصول على أسلحة أمريكيّة.
نحن هنا أمام مُجازفة خطيرة، تختلف كليًّا عن المناورات السياسيّة التي تحاول موازنة المواقف بين روسيا وأوكرانيا، والتي تقودها السعوديّة والتي تُحاول موازنة علاقتها بروسيا وأمريكا.
فعلى سبيل المثال، شدّد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال اتّصالٍ هاتفي أجراه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على أنّ "تصويت المملكة لصالح قرار الجمعية العامّة للأمم المتّحدة نابع من دعمها للالتزام بالمبادئ الرّاسخة في ميثاق الأمم المتّحدة والقانون الدولي، وتأكيدها على احترام سيادة الدول، ومبادئ حسن الجوار، وحلّ النّزاعات بالطّرق السّلمية".
وهذا موقف سياسي يُمكن أن لا يشكّل غضباً روسياً على خلفيّة التّعاون السّعودي مع الروس في منظّمة اوبك +، أمّا التّعاون في التّسليح وخاصّة الأسلحة التي تهدّد أمن روسيا وتُعيق عمليّتها العسكريّة، فهو استعداء صريح ومُجازفة وتورّط مباشر في الحرب.
والسؤال هنا، هل حسمت الدّول الخليجيّة التي تتفاوض معها أمريكا لسدّ العجز في التّسليح أمرها بالدّخول المباشر في الحرب كطرف
يصطفّ مع الناتو وأمريكا وبالتّالي استعداء روسيا؟
وهل تجهّزت هذه الدول لتبعات ذلك، أم أنّها ألقت بيضها كلّه في السلّة الأمريكيّة في توقيت صعب يشهد تشكّلاً لنظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب، ولم يُصبح الرّهان فيه على أمريكا رهانًا مضمونًا؟
لا شكّ أنّ احتدام المعارك وتطوّر الجبهات سيحتّم على مختلف الأطراف خيارات صعبة، تصبح معها محاولات الموازنة أمراً عسيراَ، وسيُسصبح الاصطفاف إجبارياً، فهل أعدّت دول الخليج عدّتها لمثل هذه السّاعات؟