جلة “ريسبونسبل ستيتكرافت”
تناول تحليل نشرته مجلة “ريسبونسبل ستيتكرافت” (إدارة الدولة المسؤولة) التابعة لمعهد “كوينسي لإدارة الدولة المسؤولة” الأمريكي، تحليلا عن بروز “قطر كوسيط على الجبهة الأمريكية-الفنزويلية المجمدة”، كما جاء في العنوان، بكل أبعاد ودلالات ذلك.
التحليل الذي كتبه إلدار ممدوف الخبير في السياسة الخارجية، أشار إلى ما وصفه بـ”السكوب”، الذي كشفته صحيفة “الباييس” الإسبانية الأسبوع الماضي عن عقد لقاء سري في قطر بين خوان غونزاليس مستشار الرئيس الأمريكي جو بايدن لشؤون أمريكا اللاتينية، وخورخي رودريغيز الذراع الأيمن للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وبحسب الصحيفة الإسبانية، فإن الهدف من اللقاء السري الذي احتضنته الدوحة هو إنشاء قناة اتصال مباشرة بين البلدين في المستقبل، واستكشاف سبل إزالة التوتر بين واشنطن وكاركاس على خلفية عقوبات فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على كاراكاس، بعد اتهام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بتقويض الديمقراطية.
وبحسب الباحث، فإنه لم يكن من المتوقع أن يسفر الاجتماع في قطر عن أية اختراقات كبيرة، إذ لا تبدو واشنطن ولا كاراكاس على استعداد للقيام بذلك في الوقت الحالي.
لكنه شدد على أن لقاء غونزاليس ورودريغيز في قطر، يؤكد على أن قطر أصبحت على نحو متزايد، وسيطا جديرا بالثقة لحل المشكلات الدبلوماسية.
واعتبر الكاتب أنه، حتى لو فشلت هذه الوساطة فإن قطر ليس لديها ما تخسره، مشيرا إلى أنه بالنسبة إلى الإمارة الخليجية، يعتبر الانخراط في فنزويلا إستراتيجية عالية المكاسب، وفي الوقت نفسه منخفضة المخاطر.
وأكد على أن دور قطر غير المتوقع كوسيط للحوار الأمريكي الفنزويلي، يملأ جزئيًا الفراغ الذي تركه الفاعلون الآخرون في هذا الصدد، ولا سيما كولومبيا.
من خلال عرض خدماتها في تلك المنطقة البعيدة عن الشرق الأوسط، تعمل الدوحة على ترسيخ سمعتها الناشئة كوسيط دبلوماسي عالمي، مما يساعد واشنطن في العديد من المجالات الحساسة سياسياً بشكل خاص.
ولفت الباحث إلى أن قطر توسطت بين الولايات المتحدة وإيران في محاولة لإحياء الاتفاق النووي المحتضر وتبادل الأسرى.
كما استضافت الدوحة محادثات بين الولايات المتحدة وطالبان، مما مهّد الطريق لاتفاق أدى إلى انسحاب الولايات المتحدة لقواتها من أفغانستان.
وبحسب الكاتب، ففنزويلا تعد ساحة أخرى تنظر فيها الولايات المتحدة إلى التنوع الدبلوماسي لقطر على أنه رصيد.
ولفت إلى أن قطر لم تنضم أبدًا إلى القائمة الواسعة للدول التي اعترفت بزعيم المعارضة خوان جوايدو كرئيس شرعي لفنزويلا، ما مكنها من الحفاظ على العلاقات مع كاراكاس.
في يونيو/حزيران 2022، استبعدت الولايات المتحدة مادورو من حضور قمة الأمريكيتين في لوس أنجلوس، وبعد فترة وجيزة، قام بجولة في عدد من الدول الأوروبية الآسيوية والإفريقية. وكانت قطر على القائمة، إلى جانب تركيا، وإيران، والجزائر والكويت.
في المقابل تنظر قطر إلى فنزويلا باعتبارها سوقًا واعدة محتملة للاستثمار فيها، لا سيما في قطاعات التعدين والسياحة والنفط، وكلها مستنزفة بسبب سنوات من سوء الإدارة، بالإضافة إلى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة.
كما تساعد علاقات قطر الوثيقة مع تركيا، أحد شركاء مادورو الدوليين الرئيسيين، على تعزيز الثقة الثنائية.
ويرى الكاتب أن هناك فرصة معقولة لفشل الجهود الدبلوماسية القطرية في كسر الجمود بين الولايات المتحدة وفنزويلا، إذ إن هندسة انفراج حقيقي بين الولايات المتحدة وفنزويلا من المرجح أن تتجاوز بكثير قدرات قطر.
وبحسبه، ففي حال حدوث ذلك، فإن الدولة الخليجية لن يكون لديها ما تخسره، ويمكنها بعد ذلك الانتقال إلى أزمة دولية أخرى، حيث يمكنها تقديم خدماتها الدبلوماسية إلى الولايات المتحدة.