طه العاني - الخليج أونلاين-
يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان والمكسيك إلى العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث تم تبادل السفراء وتوثيق العلاقات السياسية، فيما يتمتع كلا البلدين بمكانة استراتيجية خاصة.
تمتلك عُمان موقعاً استراتيجياً في منطقة الخليج العربي يجعلها لاعباً مهماً في التوازن الإقليمي، بينما تعتبر المكسيك بوابة إلى الأسواق الأمريكية والكاريبية، ما يمنحها أهمية في العلاقات الدولية.
وتعتبر العلاقات الدولية بين الدول أداة رئيسية لتعزيز التعاون وتحقيق الأهداف المشتركة في مختلف المجالات، سواء كانت سياسية، أو اقتصادية، أو ثقافية، والعلاقات بين سلطنة عُمان والمكسيك تشكل نموذجاً لهذه العلاقات، حيث تجمع البلدين روابط دبلوماسية مستمرة تتطور بمرور الزمن لتعكس المصالح المشتركة والتفاهمات السياسية والاقتصادية.
جولة مشاورات سياسية
في الآونة الأخيرة، شهدت العلاقة بين عُمان والمكسيك جولة جديدة من المشاورات السياسية تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي والتواصل الدبلوماسي في مختلف الملفات.
وعقدت سلطنة عمان والولايات المكسيكية المتحدة، في 22 سبتمبر الجاري، جلسة المشاورات السياسية الثانية بين البلدين، وذلك في ديوان عام وزارة الخارجية العمانية.
ورأس الجانب العماني في جلسة المشاورات وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الشيخ خليفة بن علي الحارثي، بينما قادت الجانب المكسيكي نائبة وزير الخارجية ماريا تيريزا ميركادو، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء العُمانية.
وناقش الطرفان العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، كما تناولا عدداً من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم الجانبين.
وحضر الجلسة سفير المكسيك المعتمد لدى سلطنة عمان، أنيبال كوميز، إلى جانب الوزيرة المفوضة الدكتورة حنان بنت إبراهيم الشحية، رئيسة دائرة أمريكا، ومجموعة من المسؤولين من الجانبين.
ويأتي هذا اللقاء تزامناً مع احتفال سلطنة عمان والمكسيك بمرور 49 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، في مايو الماضي.
وكان اللقاء السابق بين الجانبين قد عُقد في مايو العام الماضي، حيث اجتمع الحارثي مع وكيلة وزارة الخارجية المكسيكية كارمن مورينو، ووكيل وزارة المالية المكسيكية غابرييل يوريو غوانزاليس، وتم خلال ذلك الاجتماع مناقشة مجالات التعاون الثنائي، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
عوامل مشتركة
ويقول الباحث الدكتور حبيب الهادي، إن سلطنة عُمان منذ مطلع السبعينيات اختطت منهجاً آخر في العلاقات الدبلوماسية، إذ كانت السلطنة قبل ذلك تمتلك علاقات محدودة مع بعض الدول كالهند وبريطانيا والعراق، ثم ارتفع رصيدها بالعلاقات مع أكثر من 150 دولة حول العالم.
ويوضح في حديثه مع "الخليج أونلاين" أن العلاقات العُمانية اتسعت مع دول من مختلف القارات، مع أمريكا اللاتينية وأمريكا الجنوبية والمكسيك في أمريكا الشمالية، إذ لم تقتصر على دول آسيا وأفريقيا وأوروبا، وإنما تعدت إلى باقي القارات، متوجة بعلاقات ودية كبيرة.
ويؤكد الهادي أن السلطنة تحترم المواثيق والقوانين الدولية، وتؤمن بها وتسهم في إنجاحها وتطويرها، وذلك من خلال علاقاتها الوطيدة مع مختلف الدول -كعلاقاتها مع المكسيك- بهدف نشر السلام والتواصل، وتحقيق النمو في شتى المجالات الاقتصادية والثقافية، فضلاً عن الدبلوماسية.
ويضيف بأن طبيعة العلاقة بين سلطنة عُمان والمكسيك هي علاقة ودية وطيدة، إذ تعتبر الأخيرة دولة صديقة للسلطنة، فمن المتوقع أن تكون هناك تعاونات في القضايا السياسية المختلفة، ولا سيما أن الدولتين تجمعهما عضويتهما في منظمة الأمم المتحدة.
ويشير إلى أن سلطنة عُمان تسعى لتوطيد العلاقات والصداقات مع مختلف الدول، وتطويرها وإنمائها، وهناك عوامل ساعدت في هذا الجانب، أبرزها الجانب الاقتصادي الذي كان له دور وعامل مساعد.
ويؤكد الهادي أن السلطنة والمكسيك تعملان على حفظ السلام وحفظ الأمن العالمي، واحترام حقوق الإنسان، وتعزيز الديمقراطية والحريات، إذ إن كافة هذه الجوانب مساعدة وعوامل مشتركة لتقوية علاقة الدولتين.
علاقات متينة
وتعتبر العلاقات العمانية المكسيكية نموذجاً للعلاقات الثنائية التي تعتمد على الاحترام المتبادل والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عمان والمكسيك في التسعينيات، عندما أقامت الدولتان اتصالات رسمية، ومنذ ذلك الوقت تميزت هذه العلاقات بالاستقرار والاحترام المتبادل.
تعتبر جولات المشاورات السياسية، التي تعقد بانتظام بين البلدين، فرصة هامة لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتحديد مجالات التعاون.
ورغم التباعد الجغرافي الكبير بين سلطنة عمان والمكسيك، فإن البلدين يعملان على تعزيز الروابط بينهما من خلال الدبلوماسية والتعاون الدولي.
وقد تطورت هذه العلاقات بمرور الزمن لتشمل مجالات متنوعة؛ مثل التجارة، والثقافة، والطاقة.
وتأتي الجولة الجديدة من المشاورات السياسية بين عُمان والمكسيك كجزء من هذه الجهود بين البلدين لتطوير علاقاتاهما الثنائية، ومواجهة التحديات المتزايدة على الساحة الدولية.
وتركز هذه المشاورات على تعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي بين البلدين، مع التركيز على الملفات ذات الاهتمام المشترك؛ كالتجارة، والاستثمارات، والطاقة.
وسياسياً تعتمد عمان على نهج الحياد والتوازن في تعاملاتها الإقليمية والدولية، وهو ما يتماشى مع توجهات المكسيك التي تسعى إلى تعزيز الأمن الإقليمي والدولي عبر الوسائل الدبلوماسية.
ويركز البلدان على التعاون في المحافل الدولية، وخاصة ضمن إطار الأمم المتحدة، حيث يعملان معاً في قضايا مثل السلام العالمي، والتنمية المستدامة، وحقوق الإنسان.