طلال عبدالكريم العرب- القبس الكويتية-
عندما تتحاور مجموعة من متقاعدي النفط حول موضوع فني، فمن الممتع والمفيد الاستماع اليهم، فإلى جانب انه حوار شيق وغني بالمعرفة، فهو يدل على رقي في الطرح واطلاع على بواطن الأمور، والى وطنية لا حدود لها. وشخصياً أقول: خاسر من لا يستفيد من وجهات نظر هذه الكوكبة من خبراء النفط المحنّكين.
وأنا أقصد هنا تلك المجموعة من الذين عاصروا تطور قطاع النفط في الفترة الواقعة ما بين نهايات الستينات وحتى يومنا هذا، تلك الكوكبة هي التي عايشت مخاطر الحرب العبثية العراقية ـــ الإيرانية وما تمخض عنها من تفجيرات واغتيالات طالت القطاع النفطي والشعبي، وعايشت ظروف الاحتلال العراقي الغاشم للكويت والتدمير الهائل الذي ألحقه بقطاع المنشآت النفطية تحديدا، وهي نفسها التي ساهمت بعد ذلك في إعادة اعمار ما دمره الغزاة.
بدأ الحوار عندما عرض بو عبدالله خريطة جديدة توضح مواقع لمكامن غاز طبيعي في مناطق عدة مملوكة بكاملها للدولة، منها مزارع في شمال الكويت مفترض أن يستغلها مؤجروها من أجل الأمن الغذائي والحيواني للكويت، فهذا هو الهدف الأصلي المعلن للتأجير.
فانبرى بومحمد الأول معلقا: أعتقد أن خبر تواجد الغاز في تلك المناطق فيه نصف الحقيقة، وأن هناك من يريد تثمين بعض المزارع بالملايين من اجل تنفيع فئة معينة تحت ذريعة ان المنطقة فيها غاز، فاذا كان هناك غاز كان قد أعلن عنه وزير سابق، فلماذا لم ينتج حتى الآن؟
أم أحمد تدخل في النقاش قائلة: لاول مرة تظلمون ماما الحكومة، فالغاز فعلا مكتشف في جزء من هذه المنطقة، وهو غاز عميق ذو ضغط مرتفع جدا، اضافة الى احتوائه على نسبة كبيرة من كبريتيد الهيدروجين السام، ولهذا فالحكومة تفكر في اخلاء المزارع من أجل سلامة العمليات، وان التعويض سيكون فقط للبناء والزرع، وسيمنحون المزارعين اراضي بديلة.
فيتساءل بو مساعد: من الواضح على الخريطة أن المكامن موجودة في الشمال والغرب والجنوب، فهل كميات الغاز معروفة فيها؟ ومتى تبدأ عمليات الانتاج الفعلية؟ أما بالنسبة الى سلامة العمليات فكثير من الدول المنتجة آبارها ومنشآتها ومسارات أنابيبها قريبة من المناطق المأهولة، ومثال على ذلك حقول ألف أوكتين الفرنسية في اقليم البو، أما في الكويت فيمكن حفر الآبار أفقيا لتلافي أي حوادث محتملة، وللحصول على كميات منتجة أكبر بعملية حفر واحدة.
فترد أم أحمد: الانتاج الحالي هو «175 قدماً مكعبة» يومياً!! والمؤمل أن يصل الانتاج الى حوالي مليار قدم يوميا خلال السنوات العشر المقبلة، فالمكامن صعبة جدا، وتقدير كميات الغاز فيها ليس سهلا الآن. فيرد بو مساعد: الكمية المنتجة حاليا بسيطة لا تفي باحتياجات الكويت، وخطة زيادتها بطيئة جدا جدا، ولكن يبدو أن هناك تناقضا في المعلومات، فقد بشرنا وزير النفط الأسبق الشيخ أحمد الفهد باكتشاف كميات هائلة من الغاز النظيف، اضافة الى كميات معتبرة من النفط الخفيف جدا، فهل الاعلان صحيح؟ وإذا كان صحيحا فأين غازنا ونفطنا، وقد مضى على هذه البشارة أكثر من عشر سنوات؟!