محمد عبّود - الخليج أونلاين-
يبدو أن المقولة المشهورة التي أطلقها الرئيس المصري "مسافة السكة" لم يكن مراداً بها تعزيز الديمقراطية وحماية المظلومين في المنطقة العربية، أو حتى تشكيل تحالف قومي عربي مع دول الجوار.
وعزز من هذا التوجه، التصريحات التي أدلى بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، مؤخراً، التي أكد فيها أن موقف مصر ثابت في القضية السورية، وهو الدعوة إلى الحل السلمي للنزاع، والحفاظ على سلامة الأراضي السورية، والتحذير من انهيار مؤسسات الدولة، ما يعني أنه بعيد عن موقف السعودية، التي تطالب دوماً بضرورة رحيل الأسد كحل للأزمة.
وبرز الملف السوري ليجدد الفوارق بين أجندات البلدين، عقب رفض القاهرة رسمياً التدخل البري في سوريا، واعتبار التدخل السعودي المحتمل قراراً منفرداً، الأمر الذي فرض تساؤلات عدة حول تخلي مصر عن السعودية في سوريا مجدداً كما هو الحال في اليمن.
- بين أجندتين مصرية وسعودية
وبرصد تصريحات الخارجية المصرية المتعلقة بالأحداث الإقليمية، يتبين أن مصر تتخذ موقفاً مغايراً بوضوح للأجندة السعودية، حيث أشار محللون عسكريون سابقاً إلى أن مصر لم تشارك حتى الآن وفعلياً بقوات في حرب اليمن، وإنما اكتفت بإرسال قوات لحماية مضيق باب المندب فقط، والتي جاءت أيضاً بعد تأخر في الاستجابة للطلب السعودي.
واعتبر المحللون أن مشاركة مصر في التحالف الإسلامي لا يعني مشاركتها في الحرب بسوريا، مستشهدين بعدم مشاركتها في الحرب اليمنية والاكتفاء بحماية المضيق.
- دعم مصري للتدخل الروسي
وبدا إعلان مصر رسمياً دعمها للضربات الجوية الروسية في سوريا، بمثابة امتحان جديد لقوة العلاقة مع السعودية؛ وذلك نظراً لرفض الرياض للضربات.
ولقيت المواقف التي عبر عنها وزير الخارجية سامح شكري استنكاراً ورفضاً في أوساط الإعلاميين والسياسيين المصريين، باعتبار أن مصر باتت تقف مع الجلاد والمعتدي ضد "الشعوب العربية النازفة".
الإعلامي جمال خاشقجي أبدى تعجبه من الموقف المصري، محذراً من تدهور العلاقات فيما بعد، فقال في مداخلته مع قناة الجزيرة: "أتمنى ألا تأتي لحظة تكون فيها مصر مضطرة للاختيار بين تأييد السعودية أو روسيا في المحافل الدولية".
ويقول خاشقجي، في مقال له بعنوان: "هل هناك ما هو أسوأ؟": إن "مصر مثلاً متحمسة للعدوان الروسي. إعلامها لا يخفي ذلك، ولكن لا يمكن صدور قرار من الجامعة العربية دون مصر، ولن تقبل السعودية أن تقف حليفتها بدعم غير مسبوق مع الخصم الروسي".
- رعد الشمال
وبالنظر إلى الدور المصري في المشاركة برعد الشمال، تبين أن دورها مقرر سلفاً، وينحصر في التدريبات المشتركة، وقد أشار المحللون إلى أن الدور المصري في المشاركة بتدريبات كرعد الشمال ليس جديداً، ولن تكون الأخيرة، وفور الانتهاء منها ستعود القوات إلى مصر مرة أخرى.
ويمكن التأكيد أن التصريحات المصرية المتعلقة بالأزمة السورية اشتملت جميعها على دبلوماسية في الخطاب، والحرص على الحل السياسي دون العسكري، خاصةً في ظل التقارب المصري الروسي، والإعلان المصري بدعم الضربات الروسية ورفض التدخل السعودي التركي للأراضي السورية.
وسبق أن صرح المحلل السياسي والخبير العسكري، اللواء طلعت مسلم، مؤكداً استبعاده تماماً مشاركة قوات مصرية مع السعودية للتدخل في سوريا، مشيراً إلى أن مصر لن تتدخل إلا إذا كانت هناك دولة عربية يتعرض أمنها القومي للتهديد.
- زيارة الملك سلمان لمصر
السفير السعودي في القاهرة، أحمد بن عبد العزيز قطان، أعلن، الخميس الماضي، أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز سوف يقوم بزيارة رسمية إلى مصر العربية في الرابع من أبريل/ نيسان المقبل.
وأكد قطان، في بيان صادر من السفارة السعودية بالقاهرة، أن هذه الزيارة "تأتي في ظل الاهتمام الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين بمصر حكومة وشعباً، وحرصه على تعزيز التعاون المستمر بين البلدين الشقيقين في كافة المجالات".
ووفق البيان، فإن الرياض تسعى إلى مواصلة تعزيز علاقاتها الاستراتيجية مع مصر على جميع الأصعدة الثنائية والإقليمية والدولية، الأمر الذي أكده المحللون حيث تسعى الرياض إلى خلق حالة من التوازن بين الأجندتين المصرية والسعودية برغم اختلافهما.
- محاولات لتوحيد الرؤى
ثمة أمر آخر عزز استمرار مصر في تمسكها بموقفها تجاه سوريا، وهو أن واشنطن لا ترفض التدخل الروسي بشكل كاف، حيث غض الأمريكان الطرف عن خطط روسيا بسوريا، الأمر الذي ظهر جلياً في مفاوضات جنيف.
ويبدو أن اختلاف أجندتي البلدين أحد الأسباب القوية التي دفعت الرياض إلى الإعلان عن زيارة مرتقبة للملك سلمان إلى مصر في أبريل/نيسان القادم، على أمل حل لغز الموقف المصري وتصريحاته التي لا تتماشى مع القرار السعودي في المنطقة سواء في سوريا أو اليمن أو غيرهما.