نبأ السعودية-
قالت صحيفة "لوبينيون" الفرنسية، في مقال حمل عنوان "السعودية تأخذ لبنان رهينة"، معلنة أن القرارات المفاجئة التي اتخذتها الرياض تجاه لبنان، على خلفية علاقتها المتوترة مع إيران، يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار الهش في هذا البلد بالفعل.
بعد أن علقت يوم الجمعة الماضي، صفقة أسلحة مع فرنسا لتحديث القوات الأمنية اللبنانية، طلبت المملكة العربية السعودية مواطنيها بمغادرة البلاد، وهو الإجراء الذي تبناه العديد من دول الخليج الأخرى. لكن هناك مخاوف أخرى في بيروت من أن يصل اﻷمر إلى إجراءات مالية.
منذ أسبوع أخٌذ لبنان رهينة من قبل المملكة السعودية، التي ألقت باللوم عليه في اﻹذعان المفرط لإيران.
هذا البلد، الذي يئن مع وجود أكثر من مليون لاجئ سوري – 20% من عدد السكان -، وغير قادر على انتخاب رئيس للجمهورية منذ مايو 2014، يشهد أزمة أخرى سببها المملكة الوهابية.
"السعوديون يستشيطون غضبا" يؤكد خبراء من البلدين، وتبين ذلك عندما علقت المملكة، يوم الجمعة الماضي، عقد بقيمة 3 مليارات دولار مع فرنسا لإعادة تجهيز الجيش والقوى الأمنية اللبنانية.
يوم الثلاثاء، رفعت السعودية الضغوط على لبنان إلى مستوى أعلى عن طريق مطالبة مواطنيها بمغادرة هذا البلد وعدم الذهاب إليه لأسباب "أمنية". لأول مرة في تاريخ البلدين. تلتها دعوات مماثلة من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين الذين حذوا حذو جارتهم وحليفتهم الكبرى.
في بيروت هناك مخاوف من أن يتبع ذلك عقوبات أخرى: نخشى أن يسحب السعوديون أموالهم من البنك المركزي وخاصة أخذ تدابير تقييدية ضد 400،000 المغتربين اللبنانيين في الخليج، حيث يقوم هؤلاء بتحويلات مالية تصل إلى أكثر من ثمانية مليارات دولار سنويا".
السعوديون يبررون قراراتهم بما يعتبرونه بادرة غير ودية من لبنان، بعد اقتحام سفارتها في طهران أوائل يناير الماضي من قبل مواطنون إيرانيون؛ احتجاجا على إعدام الزعيم الشيعي السعودي نمر باقر النمر، فخلال اجتماع لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، رفض ممثل لبنان الموافقة على بيانات تدين الهجوم على السفارة السعودية.
ويفسر هذا القرار "وزن" الطائفة الشيعية في لبنان، حيث يقرب عددهم من ثلث السكان. وسياسيا، يتجسد ذلك في الدور الرئيسي لحزب الله، ورئيس ائتلاف "8 آذار" التابع للمسيحي العماد عون. فحزب الله، قريب جدا من إيران، ويقاتل إلى جانب الأسد في سوريا.
لكنه أيضا يجسد "المقاومة" ضد إسرائيل. ويمتلك حزبا سياسيا، وكتلة جماهيرية وقوة مسلحة – "الأفضل في الشرق الأوسط بعدنا" كما يقول الجيش الإسرائيلي – حزب الله له وزن ثقيل على الساحة اللبنانية وداخل الحكومة، مهما يكن، يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
من الواضح أن حزب الله يزعج الرجل القوي الجديد في المملكة السعودية، محمد بن سلمان "فبينما كانت السياسة الخارجية للرياض محافظة عادة، الآن أصبحت متسرعة وعنيفة" يقول برنارد الغول،ل، مدير فرع جامعة سيانس بو منتون المختص بأمور الوطن العربي.
"وهذا يعكس مدى انغلاق عقول السعوديين وانشغالهم بفكرة أن إيران تسيطر الآن على عدة عواصم رئيسية في المنطقة وهي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء"، " وهو يرى أن هذه السياسة "ليست بناءة" لأنها “تزعزع استقرار الحلفاء اللبنانيين للمملكة العربية السعودية من خلال ضعفهم عندما يكونون وجها لوجه مع حزب الله".
لكن إلغاء العقد المبرم مع فرنسا من قبل السعودية لتعزيز قوات الأمن اللبنانية. لموازنة الثقل العسكري تجاه حزب الله، قد يؤدي إلى إضعاف واحدة من المؤسسات اﻷكثر مصداقية وتوافقية مع الدولة اللبنانية.