علاقات » عربي

"رعد الشمال" .. حضور الزعماء يعزز الرسائل العسكرية

في 2016/02/29

محمد عبّود - الخليج أونلاين-

"نحن العرب لسنا بحاجة لأحد"، رسالة طالما رددها العاهل السعودي الملك سلمان للرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عندما بدأت واشنطن التلويح بتحمل العرب أعباءهم وحل مشاكلهم بأنفسهم، فكانت "عاصفة الحزم"، وتلاها "التحالف العسكري الإسلامي" معتمداً على "رعد الشمال".

خطوات واثقة من نفسها تخطوها الرياض على الصعيدين الإقليمي والدولي توحي بأن ثمة تغييراً في تعاطيها مع تطور أحداث المنطقة.

وبحلول 10 مارس/آذار، تختتم مناروات رعد الشمال التدريبية، المقامة في مدينة الملك خالد العسكرية بحفر الباطن السعودية، حيث تعد أكبر مناورة عسكرية تشهدها المنطقة بمشاركة 20 دولة إسلامية وعربية، في رسالة واضحة مفادها أن الرياض وشقيقاتها من الدول المشاركة باتت تقف صفاً واحداً لمواجهة كافة التحديات والمؤامرات التي تحاك لأمن دول المنطقة واستقرارها.

وعزز من هذه الرسالة أن العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، سوف يرعى بشخصه الحفل الختامي للتدريبات، بعد توجيه دعوات لزعماء الدول المشاركة لحضور الحفل الختامي، تطبيقاً للحكمة العربية المشهورة "في الاتحاد قوة".

وبدأت الرياض في إرسال الدعوات إلى قادة الدول المشاركة في فعاليات اختتام التدريبات، حيث تلقى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رسالة خطية من العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، تضمنت دعوته لحضور الحفل الختامي لتمرين "رعد الشمال".

وتعكس رعاية الملك سلمان لهذا الاحتفال، ودعوته عدداً من الزعماء لحضوره، أهمية التدريب في رفع الجاهزية القتالية للجيوش المشاركة ومدى تعاضدها وتكاتفها ووحدة صفها.

- رعاية سابقة

وشارك العاهل السعودي قبل نحو عامين وبالتحديد في 30 أبريل/نيسان 2014، اختتام تمرين سيف عبد الله الذي أقيم في مدينة الملك خالد العسكرية ذاتها، بحضور الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، والشيخ خالد الجراح الصباح، نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الكويتي، والفريق أول رحيل شريف، قائد الجيش الباكستاني، ومحمد بن ناصر الراسبي، أمين عام وزارة الدفاع العُمانية.

وتنوع العتاد العسكري المشارك في التدريب ما بين أسلحة ومعدات متطورة، وطائرات مقاتلة من طرازات مختلفة تعكس الطيف الكمي والنوعي الكبير الذي باتت تتحلى به تلك القوات، فضلاً عن المشاركة الواسعة من سلاح المدفعية والدبابات والمشاة ومنظومات الدفاع الجوي والقوات البحرية، في محاكاة لأعلى درجات التأهب القصوى لجيوش الدول الـ20 المشاركة.

اللواء الركن الدكتور شامي بن محمد الظاهري، قائد كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة السعودية السابق، قال إن رعاية الملك سلمان اختتام فعاليات "رعد الشمال" لها دلالات كبرى، تأكيداً لأهمية التمرين العسكري الكبير والفريد من نوعه في المنطقة، كما تعد في الوقت ذاته حافزاً كبيراً لجميع المشاركين فيه، حسبما ذكرت صحيفة عكاظ السعودية.

التدريبات العسكرية القاسية التي تحصل عليها القوات المشاركة في "رعد الشمال" عكست ورسخت مدى التنسيق العسكري بين الدول، سواء كان التنسيق ميدانياً أو عسكرياً، خصوصاً أنه لا يقتصر على وحدات محددة بل هو تمرين لكل التشكيلات العسكرية تقريباً.

- ليسا جناحين بل أجنحة

وتميزت "رعد الشمال" بعدد الدول المشاركة فيها، لتعكس أن المنطقة تحت حمايتها وهم أوصياء على أنفسهم وذاتهم، فلا حاجة إلى حامٍ خارجي يحمي ويذود عن العرض والأرض.

باتت دولنا تملك 20 جناحاً تحميها وتعلي من شأنها، وليسا جناحين فقط، والتي تعكس كذلك مدى التوافق في الإرادة السياسية المشتركة بين الدول، عزز من وجودها الدعوات التي يوجهها الملك سلمان لقادة الدول بهدف المشاركة في حفل اختتام الفعاليات.

- رسائل ضمنية

ومن الرسائل التي يسعى الملك سلمان إلى إيصالها بانطلاق تدريبات "رعد الشمال" وحضور قادتها لاختتامها أن الدول المشاركة حاضرة وبقوة في المنطقة، سواء كان الحضور بالعدد أو بالعدة، وأن المشهد الإقليمي بحاجة إلى حضور بحراسة قوة دوله ووحدة كلمتهم.

كما أن حضور القادة اختتام الفعاليات من شأنه تعزيز فكرة أن تدريبات رعد الشمال ذات طابع هجومي وليست دفاعية فقط، ويعزز من هذا التوجه دعوة قادة الدول لحضور اختتام فعاليات التدريب.

وتضمنت الرسائل أيضاً توجه الرياض وقادة الدول المشاركة أنها باتت تحمي أرضها بنفسها ولا حاجة للغير فيها، بالإضافة إلى رسالة قوية موجهة للشعوب أن التطور السريع في الساحة العربية والإقليمية كان سبباً قوياً في إبراز القوة الذاتية للجيوش، وقدراتها العسكرية المختلفة على التصدي لأي نوع من أنواع التهديدات الخارجية.

ومن الرسائل أيضاً تلك التي تحملها المناورات في طياتها للدول الحليفة بأن الدول المشاركة وقيادتها متمثلة في الرياض باتت تملك كثيراً من أوراق الضغط على الدول التي تشكِّل تهديداً مباشراً بتدخلها في شؤون أمنها الداخلي، وبإمكانها إحداث توازن عسكري وأمني بالوحدة والعمل تحت راية واحدة جامعة.