علاقات » عربي

الرواية التي يتم إغفالها عمدا حول الحرب في اليمن

في 2016/03/19

سمير التقي وعصام عزيز - «ميدل إيست بريفينج»- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-

يبدو أن العديد من الناس مصممين على عدم النظر إلى سياسة دول مجلس التعاون الخليجي لمواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن بأي طريقة موضوعية، لذا دعونا نعود إلى الأساسيات».

هكذا استهلت دورية «ميدل إيست بريفينج» مقالها التحليلي حول الحرب السعودية في اليمن. وقد نوه المقال إلى رفض الحوثيين للحلول التي طرحها مؤتمر الحوار الوطني في يناير/كانون الأول 2014 والتي طرحت حلا سياسيا متوازنا يمنحهم نصيبا عادلا في التمثيل السياسي. وأشار المقال إلى أن نصف أعضاء المؤتمر البالغ عددهم 565 عضوا من الجنوب، وقد تم اختيار هؤلاء الأعضاء من قبل جميع القوى السياسية والجماعات في البلاد. وقد كان هناك شرط، تم قبوله من الجميع يمنح 30 في المائة من التمثيل للنساء و20 في المائة للشباب.استغرقت الإعدادات للمؤتمر أكثر من عام وتم عقده تحت رعاية الأمم المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي وقوى عالمية متعددة.

في البداية، رفض الحوثيون المشاركة. وكان السبب الذي قدموه هو أن السفير الأمريكي في صنعاء سوف يكون حاضرا وأنهم يرفضون مناقشة قضية داخلية يمنية في حضور ممثل «الشيطان الأكبر». لكن الحوثيين قرروا المشاركة في وقت لاحق. رحبت الأمم المتحدة بعقد المؤتمر وأكد مبعوثها إلى اليمن «جمال بن عمر» أن المجتمع الدولي سوف يواصل المراقبة والتدقيق في المباحثات.

ويشير المقال إلى أن جهود عرقلة هذه المساعي قد جاء من الخارج. خلال المحادثات، ألقي القبض على ستة خلايا إرهابية ومصادرة متفجراتها وكشف مدربيها. وقد كان هؤلاء المدربين يعملون في صفوف الحرس الثوري الإيراني، بينما كان الأعضاء من اليمنيين والسوريين والإيرانيين.

ووفقا للمقال فإنه، وبعد تسعة أشهر من نجاح المؤتمر والتوقيع على الوثيقة، قام الحوثيون، اعتمادا على تحالفهم مع الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» بمهاجمة عدد من معسكرات الجيش. وكانت «صالح» قد تمت الإطاحة به على أصداء الربيع العربي إثر تورطه في مخالفات فساد جسيمة، بينما يواصل نفي هذه التهمة عن نفسه ويؤكد أن ثروته الشخصية الهائلة الموجودة في البنوك الأوربية قادمة من أرباح المشروعات التي تديرها أسرته.

ويواصل المقال استعراضه الزمني لتطورات الصراع، مؤكدا أنه في يناير/كانون الثاني عام 2015، قام الحوثيون وحلفاؤهم في الجيش بمهاجمة القصر الرئاسي في صنعاء. وقد تم دفع الرئيس المنتخب «منصور هادي» إلى الاستقالة والهروب إلى المملكة العربية السعودية. لم يوافق البرلمان على استقالة «هادي» وتم الضغط عليه للعودة إلى اليمن. وقد رفض «هادي» تحمل مسؤولياته في الوقت الذي يقوم فيه المتمردون الحوثيون بإحاطة مكتبه بالأسلحة. وتم التوصل إلى حل وسط يسمح لـ«هادي» بالتمركز في عدن ونقل أعماله إلى هناك، ثم أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا يؤكد أن «هادي» هو «الرئيس الشرعي الوحيد لليمن».

ولكن سرعان ما هاجم الحوثيون عدن أيضا. في مارس/أذار 2015، كان على «هادي» على الفرار من القصر الرئاسي الثاني للسعودية مرة أخرى. وقد طلب «هادي» رسميا من الدول العربية المجاورة مساعدة الحكومة الشرعية في اليمن لاستعادة مكاتبها. تدخل العرب عسكريا، وبدأت الحرب.

ويرى المقال أنه، في واقع الأمر، فإن الحوثيين قد أطاحوا بالحوار الوطني في اليمن، حيث كانت مخرجات مؤتمر الحوار انعكاسا لتمثيل الجماعات اليمنية. قال اليمنيون كلمتهم والتي تم اختطافها في وقت لاحق من قبل المتمردين الحوثيين. لذا بدأ التدخل العسكري لدول مجلس التعاون الخليجي لاستعادة الحكومة الشرعية والعودة إلى طريق المحادثات بين الممثلين المنتخبين من القوى السياسية في اليمن.

ويرى المقال أنه قد جرى إعادة تعريف «المعايير المزدوجة» من جديد في حالة اليمن لدرجة أن بعض الناس ينكرون حتى وجود صلة بين الحوثيين والحرس الثوري رغم تأكيدات جميع وكالات الاستخبارات الغربية وشحنات الأسلحة التي وصلت بالفعل إلى اليمن.

ويشير المقال إلى أن الحملة التي شنتها دول مجلس التعاون الخليجي في اليمن قد سببت في الكثير من الدمار والموت، ولكن ذلك في واقع الأمر هو ما يحدث في أي تدخل عسكري مماثل. حدث ذلك عندما غزت الولايات المتحدة العراق. كما أنه حدث عندما قام حلف الشمال الأطلسي بقصف ليبيا. هذا لا يبرر الأمر، ولكننا في جميع الأحوال لا بد أن نضعه في سياقه الصحيح عبر وضع أقصى قدر من الضغوط على جميع الأطراف المتحاربة من أجل تجنب المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بكل الوسائل الممكنة.

ويصل المقال إلى إقرار جملة من الحقائق من وجهة نظر الكاتبين. أولها أنه لا يوجد حل عسكري في اليمن. الحل لا بد أن يكون سياسيا وأن يبنى على قرارات الأمم المتحدة السابقة ونتائج عملية الحوار الوطني. ثانيا فإن هناك حاجة ماسة وفورية لتقديم المساعدات الإنسانية حيث إن الناس يموتون في كل يوم بسبب نقص المياه الصالحة للشرب والمواد الغذائية.

ويرى المقال أن الحوثيين المدعومين من الحرس الثوري الإيراني قد تجاوزوا جميع الخطوط الحمراء في اليمن. وقد تفاخر قادة الحرس الثوري الإيراني بسيطرة الحوثيين على القصر الرئاسي في صنعاء. وقال بعضهم إن طهران الآن قد صارت تسيطر على أربع عواصم عربية في الإشارة إلى بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. لذا فقد رأى العرب أنه صار لزاما عليهم أن يتدخلوا.

و بينما كان وزير الخارجية «كيري» في المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة، فمن المؤكد، وفقا للمقال، أنه قد ناقش الحرب في اليمن ضمن الحروب الأخرى في الشرق الأوسط. وقد أكد وزير الخارجية السعودي «عادل الجبير» في الوقت الذي كان يقف خلاله بجوار «كيري» أن الجانب العربي مستعد للتوصل إلى حل سياسي قائم على قرار الأمم المتحدة.

وبينما تستعد دول مجلس التعاون الخليجي لإعادة إعمار اليمن حال تم التوصل إلى اتفاق فإنها ترغب في أن تجعل صفقتها واضحة للجميع: وقف تدخل الحرس الثوري الإيراني في اليمن (أو في أي بلد عربي آخر) واستئناف الحوار الوطني تحت رعاية الأمم المتحدة مرة أخرى من أجل التوصل إلى حل مستدام.

ويرى الكاتبان أن جهود نزع التصعيد الإقليمي بين العرب والإيرانيين يمكن أن تساعد في ذلك. ولكن هذه الجهود لا يمكنها أن تنجح في الوقت الذي تواصل فيه طهران تشجيع الإرهاب ونشر الفوضى وتهديد الأمن الإقليمي. ويخلص المقال إلى أنه في اللحظة التي تقرر فيها إيران التنازل عن تطلعاتها للسيطرة على الأراضي السنية في العراق، وتضغط على «الأسد» من أجل القبول بحل سياسي عادل وتكبح جماح الحوثيين هي ذاتها اللحظة التي سيبدأ فيها العد التنازلي لهزيمة تنظيمي القاعدة و«الدولة الإسلامية».