علاقات » عربي

هل باع (السيسي) جزر تيران وصنافير للمملكة.. مقابل دعمه اقتصاديًا؟

في 2016/04/09

هدى التوابتي - شؤون خليجية -

تعد قضية ترسيم الحدود المائية بين مصر والمملكة من أبرز القضايا العالقة بين مصر والمملكة، منذ ما يقارب من النصف قرن، إلا أن مؤشرات عدة، وتأكيدات إعلامية تكشف قرب انتهاء تلك القضية، خلال اتفاقيات سيوقعها الملك سلمان بن عبد العزيز مع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته الحالية لمصر.

وتشير مصادر إلى أن مصر ستتنازل عن حقوقها في تلك الحدود، وخصوصًا المتعلقة بجزر تيران وصافير المرتبطة بالأمن القومي المصري، بالإضافة لقيمتها الاستراتيجية والطبيعية، مما يفسر استمرار الدعم الاقتصادي المستمر لمصر من قبل المملكة، بالرغم من التباين الشديد بين البلدين في عدد من الملفات، منها ما يتعلق بالأمن القومي الخليجي.

ويعد من أبرز الدلالات على مقايضة المملكة مصر بالدعم مقابل التنازل عن تلك الجزر، ارتباط التوقيع المزمع خلال الزيارة الحالية باتفاقيات اقتصادية عدة ستساهم في إخراج، أو على الأقل مساندة مصر في مأزقها الاقتصادي الكبير الذي تمر به الآن.

ويلفت مراقبون إلى أن مقايضة مصر حدودها المائية، والتي تمثل أمنها القومي، ليس بجديد على نظامها الحالي، في إشارة لخطوة مشابهة قامت بها مصر مع قبرص، حين تنازلت عن حقها في أحواض غاز البحر المتوسط.

ترسيم الحدود المائية

تعد القضية الأهم التي ستتناولها زيارة الملك سلمان الحالية لمصر، هي ترسيم الحدود المائية بين مصر والمملكة، حيث أعلنت أوساط سعودية رسمية، وإعلامية في كلٍّ من القاهرة والرياض، أنه سوف يتم التوقيع بشكل نهائي على 14 اتفاقية تم بلورتها مؤخرًا بين مصر والمملكة.

وأبرز تلك الاتفاقيات هو ما تم الإعلان عنه خلال الجلسة الخامسة لمجلس التنسيق (المصري – السعودي) في الـ22 من مارس الماضي، والتي تتضمن اتفاقيات تتعلق بتوريد مشتقات بترولية لمصر وبناء جامعة باسم الملك سعود بسيناء، واتفاقيات تتعلق بتنمية شبه جزيرة سيناء.

ويلفت الباحث أحمد التلاوي في ورقته البحثية "ترسيم الحدود (المصرية - السعودية).. قضايا وإشكاليات"، الصادرة عن المعهد المصري الديمقراطي نهاية مارس الماضي، إلى أن أهم تلك الاتفاقيات المعلن عن بلورتها هي اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين.

وأشار التلاوي إلى أنه تم الإعلان عن بلورة تلك الاتفاقيات، خلال زيارة قام بها اللواء "عبد العزيز بن إبراهيم الصعب"، رئيس الهيئة العامة للمساحة السعودية، ووفد فني وقانوني، والذي تزامنت زيارته لمصر مع توقيت انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس التنسيق، وفقًا لجريدة الشرق الأوسط اللندنية.

وأكد التلاوي أن زيارة الصعب أنهت المفاوضات التي استمرت لخمس سنين، حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر، مضيفًا أن المفاوضات دارت حول الحدود البحرية في البحر الأحمر، وتشمل مناطق غنية بالنفط، وكذلك مناطق معروفة بثرواتها المائية والمصائد.

أهمية تيران وصافير 

على الرغم من كون الجزيرتين غير مأهولتين، إلا أن أهميتهما تكمن في موقعهما وما يحتوياه من ثروات، حيث تقع جزر تيران وصنافير عند مدخل خليج العقبة بين الجهة المصرية والسعودية، وتصنع الجزر ثلاثة ممرات من وإلى خليج العقبة.

وتعطي الممرات الثلاثة للجزيرة أهمية استراتيجية، تكمن في أنه يمكنهما غلق الملاحة في اتجاه خليج العقبة.

كما تظهر أهمية أخرى تضاف للأهمية الاستراتيجية، حيث تم الإعلان عن المنطقة منذ عام 1983 كمحمية طبيعية، بالإضافة للثروات الطبيعية من نفط وغاز طبيعي في نفس المنطقة.

التنازع على جزر تيران وصنافير

وعلى الرغم من قدم التنازع بين المملكة ومصر على الجزر المشار إليها، إلا أنه عام 1950 ونتيجة لضعف البحرية السعودية آنذاك، اتفقت الدولتان على احتلال مصر لجزر تيران وصنافير، رغم تنازعهما لحمايتها، وقامت الدولتان بإعلام بريطانيا (30 يناير) ثم الولايات المتحدة (28 فبراير)، بأنهما وبصفتهما الدولتان اللتان تسيطران على جانبي مدخل الخليج، فقد اتفقتا علي تواجد القوات المصرية في جزيرتي تيران وصنافير (دون أن يخل ذلك بأي مطالبات لأي منهما في الجزيرتين).

وعقب انسحاب إسرائيل عام 1957 من سيناء وقطاع غزة، ووضعها شروط بوود قوات دولية في منطقة شرم الشيخ ومضائق تيران، قامت المملكة بالإرسال للبعثات الدبلوماسية في جدة ثم للأمم المتحدة، ما يفيد أنها تعتبر جزيرتي تيران وصنافير أراضي سعودية.

وفي عام 2010 أصدرت المملكة إعلانًا ملكيًا، لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي.

ودفع الإعلان الملكي السعودي لإصدار القاهرة إعلان أودعته لدى الأمم المتحدة، أن المرسوم الملكي السعودي "لا يمس أو يغير في الموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدَيْن"، في إشارة إلى أن خط الحدود الذي أعلنت عنه المملكة تضمن مناطق تعتبرها القاهرة ضمن مناطقها الاقتصادية الخالصة، والتي تمتد مسافة 200 ميل بحري، وفق اتفاقية ترسيم المياه الاقتصادية الخالصة بين الدول، التي أقرتها الأمم المتحدة. رفَيْن.

وفي يوليو 2015 وقع وزير الدفاع السعودي ورئيس النظام المصري على اتفاق القاهرة، والذي تضمن البند السادس منه على تعيين الحدود البحرية بين البلدين، ومن المفترض أن يوقع الملك سلمان خلال زيارته الحالية في مصر، على اتفاق خاص بإنهاء ترسيم الحدود.

هل تنازلت مصر عن الجزر لصالح الدعم السعودي؟

على الرغم من أن النظام المصري والسلطات السعودية لم تعلنا حتى الآن ،عن الصيغة النهائية للاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود بين المملكة ومصر، إلا أن مصادر مطلعة نقلت بعض أجزاء هذا الاتفاق.

حيث قال مصدر يسمح له موقعه بالاطلاع على جزء رئيسي من تفاصيل زيارة الملك سلمان، أن من بنود زيارة الملك لمصر إعادة ترسيم الحدود المائية بين البلدين.

وأضاف المصدر: أن "هناك جزيرتين عليهما خلاف بين مصر والسعودية، سيتم التوقيع على أنهما تابعتين للسعودية، مقابل 2 مليار دولار سنويًا + 25/ من قيمة الغار والبترول المستخرج منهما".

فيما يلفت الباحث أحمد التلاوي في ورقته البحثية لعدد من الأمور، التي تعضد تنازل مصر عن بعض حقوقها في الجزيرة، على الرغم من عدم وجود تأكيدات على الصيغة النهائية للاتفاق.

حيث لفت التلاوي إلى ربط وسائل الإعلام السعودية التوقيع على اتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقَّعة في الجانب الاقتصادي، بالتوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر، معتبرًا أن هذا يؤسس لعدد من الحقائق حول أهمية وخطورة هذه الخطوة..

ولفت لتكرار هذا السلوك من جانب الأنظمة العسكرية التي تعاقبت على حكم مصر، منذ العام 1952م، وحتى الآن، وفي ظل ما ترتب على سوابق حالة تاريخية تخلت فيها القاهرة طواعية عن حقوق مصر في مصادر اقتصادية واستراتيجية، هي من حق الأجيال القادمة، ولأجل مكاسب سياسية ضيقة لمصلحة هذه الأنظمة.

ونقل التلاوي عددًا من الإشكاليات التي يثيرها هذا الاتفاق، ومنها على حد قوله أن "ما يتم في الوقت الراهن مع المملكة العربية السعودية، ومن قبل مع قبرص وإسرائيل، يرتبط بطبيعة النظام السياسي القائم في مصر حالياً، والذي تؤكد ممارساته قبوله بالتفريط في كل القدرات والثروات حتى في حدود وسيادة الدولة، طالما في ذلك ما يضمن بقاءه واستمراره".

واعتبر أن حرص المملكة على ربط الاتفاق الحالي باتفاقيات اقتصادية أخرى، وفي وقت يعاني فيه النظام المصري أزمة اقتصادية طاحنة، يعود لإدراك المملكة "أهمية المناطق التي سوف يتضمن الاتفاق السيادة السعودية عليها، وقيمتها وبالتالي سعوديا إلى تقييد يد النظام المصري في إمكانية رفض اتفاق ترسيم الحدود، من خلال هذا التلازم بين الاتفاقيات".

كما اعتبر أن ربط الاتفاق يدل أيضًا على "إدراك السعوديين أن النظام الحالي في مصر، غير مأمون الجانب، وأنه قد يلجأ إلى التسويف والتلاعب، كما فعل في حالات سابقة معهم، مثل التدخل البري في اليمن، أو الموقف من الأزمة السورية".