علاقات » عربي

بين إيران والسعودية.. علاقات مصر محكومة بمعادلة إقليمية متعاكسة

في 2016/04/20

هاجر حسونة - الخليج أونلاين-

"مصر لا تتآمر على أحد ولا تدخل في تحالفات ضد أحد، وسياستها الخارجية قائمة على قيم ومبادئ"، بتلك الكلمات لخّص الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، سياسة مصر الخارجية حيال الأزمات المتأججة في الإقليم، في لقاء مجتمعي عقب زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى مصر.

إلا أنه بالتزامن مع زيارة الملك السعودي بدا التغيير جلياً في لهجة مصر تجاه إيران طرف الصراع الأبرز في سوريا واليمن.

وذهب محللون وخبراء إلى تأكيد أن العلاقة بين القاهرة وطهران تأثرت بالزيارة، لا سيما بعدما أغلقت مصر قناة المنار التابعة لحزب الله اللبناني، وتصريح وزير الخارجية، سامح شكري، الذي أكد فيه استبعاده تحسن العلاقات مع إيران، فضلاً عن تحريك دعوى قضائية لغلق مكتب رعاية المصالح الإيرانية وطرد القائم بالأعمال.

وذهب آخرون إلى القول إن زيارة الملك سلمان لم تحقق نتائجها المرجوة في سياسة مصر الخارجية وعلاقتها بالدول الأخرى لا سيما تركيا، وأنه من المبكر الحُكم على تأثر العلاقات المصرية-الإيرانية بعد تلك الزيارة.

- تأثر العلاقات مع إيران

الخبير في الشؤون الإيرانية والباحث في العلاقات الدولية، محمد محسن أبو النور، لفت إلى أن العلاقات المصرية-الإيرانية تتسم بالفتور والتباعد منذ نجاح الثورة الإسلامية في العام 1979.

وأوضح في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن هناك تغييراً طرأ في الأشهر الأخيرة بعد تلاقي وجهتي النظر المصرية-الإيرانية حيال ملفين في منتهى الأهمية.

وتابع أبو النور قائلاً: "الموقف الأول هو رفض مصر وإيران الانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق، وكذلك تلاقي موقف القاهرة وطهران حول ما يحدث في سوريا، واتفاقهما على ضرورة الحفاظ على سوريا موحدة من دون تقسيم، وضرورة أن يكون بشار الأسد جزءاً أصيلاً من مستقبل سوريا على الأقل في المديين القريب والمتوسط".

وأكد أنه بعد زيارة الملك سلمان الأخيرة بدا واضحاً أن أي تقارب في العلاقات المصرية- السعودية هو تباعد عكسي في العلاقات المصرية-الإيرانية، وأن علاقة مصر بالطرفين علاقة تحكمها الأبعاد العكسية.

وذهب الباحث في العلاقات الدولية إلى أنه رغم أن زيارة الملك سلمان حملت نجاحاً كاسحاً على المستوى الرسمي، إلا أنها أفرزت خصماً فورياً من نقاط تلاقي وجهتي النظر المصرية والإيرانية.

مردفاً: "والدليل على ذلك الإجراءات المصرية التي استهدفت إقامة عقوبات سياسية ضد طهران منها إغلاق قناة المنار، ومنها إعلان وزير الخارجية، سامح شكري، استبعاده تحسن العلاقات مع إيران، وكذلك الدعوى القضائية التي تم تحريكها في مجلس الدولة لغلق مكتب رعاية المصالح الإيرانية وطرد القائم بالأعمال".

كما شدد أبو النور على أن تأكيد السيسي أن مصر لن تدخل في تحالفات ضد أحد، ليس له علاقة بالصراع الإقليمي، قائلاً: "موقف مصر محسوم كلياً لجانب المحور السعودي".

- تغيُّر في الخطاب

من جانبه، أكد الخبير العسكري، صفوت الزيات، أن هناك تغييراً في لهجة مصر الإنشائية والأدبية والخطابية حيال عدد من القضايا بعد زيارة الملك سلمان إلى مصر.

وتساءل في حديثه لـ"الخليج أونلاين": "فهل يشهد ذلك التغيير ترجمة على أرض الواقع؟".

وتابع الزيات: "لا بد أن نأخذ في الاعتبار تصريح السيسي الذي أعقب زيارة الملك السعودي، وأكد فيه أن مصر لن تنحاز لطرف ضد الآخر"، مردفاً: "من الواضح أنه لن يكون هناك تغيير حاسم في الموقف".

وأشار الخبير العسكري إلى أنه لا يرى تغييراً في موقف مصر تجاه إيران وما يجري في اليمن وسوريا، قائلاً: "لا أرى تغييراً ولا أتوقع أن أرى تغييراً حيال تلك القضية، فالنظام المصري يحاول الإمساك بكل الخيوط؛ في محاولة منه لدفع الآخرين إلى تقديم المساعدات لجذبه لطرف دون آخر".

وشدد الزيات على أنه من الضروري أن نأخذ في الاعتبار تصريح رئيس مجلس النواب الأمريكي الذي أكد أن حكومة بلاده لم تعد تستطيع أن تُقدم الدعم لمصر في ظل انتهاكات حقوق الإنسان، قائلاً: "قد يدفع ذلك النظام المصري إلى التقارب مع روسيا في ظل وجود محور إيراني سوري روسي في المنطقة".

ولفت إلى أن كلمة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في تركيا اتسمت بالحياد الشديد، رغم أنها حملت لهجة عدائية تجاه تركيا، وكأن زيارة الملك سلمان إلى مصر، التي عول عليها كثيرون في تحسين العلاقات المصرية التركية، لم تأتِ بجديد في تلك النقطة.

- الحكم على تأثُّر العلاقات مُبكر

في السياق ذاته، ألمح مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، معصوم مرزوق، إلى أنه لم يتضح حتى الآن وجود أي تغييرات في سياسة مصر الخارجية بعد زيارة الملك سلمان الأخيرة.

ولفت في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أنه من المبكر الحكم على التغييرات التي أعقبت زيارة الملك السعودي إلى مصر، متابعاً: "حتى الآن لا يُعلم ما دار في جلسات الحوار بين الطرفين وما تم الاتفاق عليه".

وأوضح مرزوق أن مواقف مصر الخارجية ما تزال كما هي حتى الآن، ولم تصدر بيانات بمواقف سياسية تحمل مواقف مختلفة عمّا قبل الزيارة.

- مصر تبتعد عن الصدام

وشدد على أن مصر ترفض تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأن موقف مصر لن يتغير حيال تلك المسألة، موضحاً أن جميع الدول عليها أن تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق قائلاً: "التقارب المصري السعودي شيء إيجابي، وتصريح الرئيس بأن مصر لن تنحاز لطرف دون آخر يؤكد أن السياسة الخارجية المصرية لم يحدث فيها تغيير مترتب على زيارة الملك سلمان".

وذهب مرزوق لتأكيد أن موقف مصر من إيران ثابت؛ فمصر تعتبر إيران دولة مهمة في الإقليم، ومهما طال الزمن أو قصر فلا بد من البحث عن جسور لإعادة الثقة بين البلدين.

وأردف قائلاً: "فمصر لا تسعى للصدام مع أي دولة، ومن المفترض ألّا تسعى السعودية للصدام مع أي دولة".

وأشار مرزوق إلى أن العلاقات المصرية الروسية طيبة، ومفيدة للطرفين لكنها لا تصل إلى حد التحالف، رغم علاقات إيران مع روسيا التي لا تصل إلى حد التحالف أيضاً.