تسلط الاحتجاجات ضد الاتفاق المصري السعوي بشأن جزيرتي تيران وصنافير الضوء على القضايا الاقتصادية الهيكلية والتوترات السياسية في مصر.
«الشعب يريد إسقاط النظام»، كان هذا هو الهتاف الأكثر شهرة خلال انتفاضة عام 2011 في مصر. وقد عاد هذا الهتاف للقرع بشكل مخيف في شوارع القاهرة خلال الشهر الماضي. وفي تحد لقوانين صارمة، فقد خرج الآلاف إلى الشوارع احتجاجا على الاتفاق الذي أبرمه الرئيس «السيسي» والذي يقضي بنقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية. وقد قام المصريون الغاضبون باتهام «السيسي» ببيع أراضي سيادية في مقابل الدعم المالي المستمر من المملكة العربية السعودية. في مصر، تعد جميع الاحتجاجات الشعبية خارجة عن إطار القانون بموجب قانون جرى إقراره في وقت متأخر من عام 2013. في الماضي، لم تتردد قوات الأمن في استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين.
ويصر المصريون المستعرون بالغضب أن جزيرتي تيران وصنافير غير المأهولتين تنتميان إلى مصر، بينما يؤكد المسؤولون في كل من مصر والمملكة العربية السعودية أن الجزر ملك للسعودية، وأن المملكة هي التي طلبت من مصر في عام 1950 وضعهما مؤقتا تحت الحماية المصرية. وتقع الجزيرتان في البحر الأحمر، ويفضل بينهما ممر مائي بعرض 4 كيلومترات. تقع تيران على مدخل خليج العقبة عند مضيق تيران ولذا فإنها تمثل امتدادا استراتيجيا للمياه المستخدمة من قبل (إسرائيل) للوصول إلى البحر الأحمر.
وكجزء من الصفقة، تخطط كلا الدولتين لبناء جسر يربط بينهما عبر البحر الأحمر بتكلفة تقريبية تقدر بحوالي 4 مليارات دولار.
بعد انتفاضة 2011 وسقوط نظام «مبارك» السلطوي، فقد عمت الاضطرابات مصر. وفي وقت ما كان ينظر إلى «السيسي» باعتباره منقذا ولكن يواجه الآن سلسلة من الرياح المعاكسة بما في ذلك التمرد الإسلامي المتزايد في شبه جزيرة سيناء والاقتصاد المتردي والشباب المطالبين بالديمقراطية بإصرار والذين يعتبرون «السيسي» خليفة «مبارك».
وسبب المخاطر الأمنية، فقد انخفض أعداد السياح خلال العام الماضي. ووفقا لإحصاءات وكالة كامباس فقد انخفض عدد السياح في مصر بنسبة 46.3 في المائة خلال العام الماضي. احتياطي العملات الأجنبية في مصر واقع أيضا تحت ضغط شديد، حيث انخفض إلى أقل من 17 مليار دولار في إبريل/نيسان مقارنة بأكثر من 36 مليار دولار في عام 2010.
في مواجهة تراجع الاستثمار الأجنبي وعائدات السياحة، فإن مصر قد بدأت تلجأ إلى حلول غير مألوفة على نحو متزايد في محاولة يائسة للتخفيف من آثار الانكماش غير المسبوق في الاحتياطيات. على سبيل المثال، فإن البنك المركزي بقيادة «طارق عامر» قد قام مؤخرا بتخفيف القيود الرأسمالية على الودائع بالعملات الأجنبية مما يسمح للشركات الأجنبية باستخدام دولارات حصلت عليها من السوق السوداء.
في يوم 14 مارس/أذار، قلل من قيمة البنك المركزي الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي وذلك في محاولة للتخفيف من أزمة العملة الأجنبية التي تعوق النشاط الاقتصادي والاستثمار الأجنبي. كما أعلن عن خططه لتطبيق سياسة أكثر مرونة لسعر الصرف.
اقترح «عامر» أيضا تقليص الواردات والتي كلفت البلاد 80 مليار دولار خلال العام الماضي بنسبة تصل إلى 25 في المائة في عام 2016. «معظم الطلب على النقد الأجنبي يأتي من الواردات وبالتالي فإن هذه التدابير هي حل سريع لتحسين ميزان المدفوعات» وفقا لما ذكره «عامر» مؤخرا في حوار له مع وكالة أنباء «بلومبيرغ». المستوردون في البلاد والمواطنون يعانون بالفعل من تبعات هذه الأزمة. على الرغم من ارتفاع الطلب، تحولت الموانئ المصرية عن استقبال شحنات القمح وفول الصويا في وقت سابق من هذا العام.
وقد اعتبرت القوى الغربية والإقليمية لوقت طويل أن مصر حليف مهم بالنسبة لها في الشرق الأوسط، وسوف تحرص بالتأكيد على ضمان أن الاقتصاد المصري لا يزال واقفا على قدميه. ومع ذلك فإن الاقتصاد المصري لا يبدو أنه يسير بصورة جيدة. ومع تصاعد الانتقادات الموجهة للحكومة بسبب إدارة الأزمة، فإن خطر تفاقم الاضطرابات من المرجح أن يتصاعد.