علاقات » عربي

المساعي الكويتية لحل أزمة البدون.. سياسة جديدة لتصفير المشكلة

في 2016/05/21

المراقب لطبيعة العلاقة بين الكويت كدولة من جهة، والبدون من جهة أخرى، يلحظ مساعي رسمية جديدة لمحاولة تصفير القضية ووضع حد لها، باعتبار أن البدون جزء من النسيج المجتمعي الكويتي، ومنهم من دافع عن الوطن، وساعد في استتباب الأمن واستقراره.

- مجلس الأمة يناقش الأزمة

طالبت أصوات نواب بمجلس الأمة الكويتي بحل منصف لأبناء "البدون"، سواء بالتجنيس أو منحهم حقوقاً ومزايا تعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع، حيث أنجز بعضهم تقريراً حول العدد المطلوب تجنيسه وأدرجوه على جدول الأعمال لمناقشته، مثلما أوضح النائب عبد الله العدواني عضو المجلس.

اللجنة التشريعية البرلمانية الكويتية، وافقت كذلك على تجنيس أبناء الشهداء من البدون، سواء كانوا مسجلين في مكتب الشهيد أو شهداء الواجب المقيدين في وزارتي الداخلية والدفاع، في اعتراف نسبي بوجودهم وأهمية رعاية ذويهم؛ لما أسهموا به في استقرار وأمن الوطن، حسبما قال مقرر اللجنة النائب أحمد القضيبي.

- تشريعات سابقة لمصلحة البدون

وبرز اهتمام الكويت بقضية البدون في محاولات عديدة سواء لحل الأزمة من خلال التجنيس أو استيعابهم داخل المجتمع، من خلال عدة تشريعات صادرة من مجلس الأمة، ففي عام 1999 أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح مرسوماً يقضي بمنح ‏الجنسية لـ2000 من البدون سنوياً، لكن أوقف العمل بالقانون بعد فترة قصيرة، ليتم إقراره فيما بعد من طرف مجلس الأمة مع قيود على شروط منح هذه الجنسية.

وفي عام 2007 أقر مجلس الأمة الكويتي قانوناً يقضي بتجنيس 2000 شخص من فئة غير محددي الجنسية أو البدون، وقد حظي القرار بـ45 صوتاً مقابل معارضة نائب واحد وامتناع نائبين آخرين عن التصويت. وفي العام نفسه، وبالتحديد قبل نهاية العام بيوم واحد فقط، تم تجنيس 573 فرداً، من بينهم فقط 26 كويتياً من البدون، أما البقية فيعدون من دول الجوار أو من حاملي الجنسية لدول أخرى.

قدمت الحكومة الكويتية، كذلك، مبادرة للبدون الذين يخفون جنسياتهم عام 2011، والتي تنص على أن كل من يكشف عن جنسيته الأصلية يحصل على مزايا الدولة، يتم منحه حق الإقامة بشكل فوري لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد لجميع أفراد الأسرة، وفق المادة 24 "كفيل نفسه"، إلى جانب خدمات التعليم والصحة المجانية، والحصول على بطاقة تموين للأسرة، وتمنح الدولة هؤلاء الأشخاص أيضاً أولوية التوظيف لدى الجهات الحكومية بعد الكويتيين، وتعفيهم من شرط الراتب لدى استخراج رخصة القيادة، إضافة إلى عدد من الامتيازات والإعفاءات الأخرى.

وبحسب الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، فإن 4851 فرداً عدلوا أوضاعهم إلى الجنسية السعودية، في حين عدل 754 فرداً أوضاعهم إلى الجنسية العراقية. بالإضافة إلى 702 عدلوا أوضاعهم إلى الجنسية السورية، مقابل 78 عدلوا أوضاعهم إلى الجنسية الإيرانية، و46 إلى الجنسية الأردنية، إلى جانب 429 عدلوا أوضاعهم إلى جنسيات أخرى، وذلك حتى نهاية يوليو/حزيران الماضي.

- من تجنيسهم لتعليمهم الأبناء

وزارة التربية والتعليم الكويتية أعلنت قبول نحو 5 آلاف طالب وطالبة من البدون، لاستكمال تعليمهم في المراحل الدراسية المختلفة، فضلاً عن أبناء العسكريين العاملين بالجيش والشرطة، وأبناء المواطنات الكويتيات المتزوجات من مقيمين بصورة غير قانونية.

الموافقة الحكومية على استيعاب هذا العدد في المدارس الحكومية قوبل بترحيب وتفاؤل بدون الكويت، خاصةً أنهم كانوا يضطرون لتعليم أولادهم في مدارس كويتية خاصة، ويتحمل صندوق خيري جزءاً من مصاريف الدراسة للطلبة البدون البالغ عددهم 15 ألفاً و105 طلاب، خلال العام الدراسي 2014 – 2015 الماضي، بحسب تصريحات صحفية سابقة للوكيل المساعد للتعليم الخاص والنوعي بالإنابة بوزارة التربية الكويتية فهد الغيص.

- جنسية جزر القمر

وفي محاولة للقضاء على مشكلة التجنيس، تدرس الكويت مع دول أخرى التوجيه إلى منح جنسيتها، وبرزت دولة جزر القمر مؤخراً، بعدما أكد وزير خارجية جزر القمر عبد الكريم محمد، استعداد بلاده للتعاون مع الكويت في ذلك.

وكان وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون الجنسية والجوازات والإقامة الكويتي، اللواء مازن الجراح، أكد في تصريحات صحفية في 2014 التوجه لمنح فئة "البدون" الذين لا يمتلكون وثائق رسمية في البلاد، جواز سفر لدولة جزر القمر مقابل منافع مالية ستقدمها بلاده لتلك الدولة الفقيرة.

وعما إذا كانت تلك الفكرة تمت مناقشتها في أوساط وأروقة حكومة جزر القمر، وخلال زيارة الوفد البرلماني الكويتي في مارس/آذار الماضي لتلك الدولة الأفريقية، قال محمد: "إننا نتحدث الآن عن تعزيز علاقاتنا مع الكويت، وهذا ضمن أجندتنا المحددة وجميع الملفات مفتوحة، ولا حواجز بيننا، وفي حال طرح هذا الأمر رسمياً فنحن مستعدون لمناقشته".

وكان مجلس الأمة أقر سابقاً قانوناً يسمح للحكومة بمنح الجنسية لعدد لا يزيد على أربعة آلاف شخص سنوياً من البدون، غير أن ناشطين حقوقيين وقانونيين كويتيين، قللوا من أهمية التشريع الجديد في حل قضية البدون، الذين يصل عددهم في البلاد إلى عشرات الآلاف، واعتبروا أن إقرار القانون مجرد "لعبة انتخابية" لكسب أصوات الناخبين الذين لديهم أقارب من "البدون"، وهؤلاء الناخبون عددهم كبير.

وما زالت قضية البدون تشغل الرأي العام الكويتي، ومنظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية على أمل الوصول إلى حل جذري للقضية ووضع حلول عادلة تعود على البدون والدولة بالاستقرار باعتبارهم نسيجاً لا يتجزأ من المجتمع الكويتي.

محمد عبّود - الخليج أونلاين-