تصريحات الغنوشي تبيّن أزمة فكر الإخوان المسلمين، وتفتح مآزق تفكير الإسلام السياسي. تصدّعات، وارتباك، وزلازل داخل حركات الإسلام السياسي.
يروي رضوان السيد أن الغنوشي في مؤتمرٍ لـ «دولية الإخوان بإسطنبول» قدّم نقداً قاسياً للإخوان بمصر محملاً إياهم الانكسارات التي تلقتها الجماعة بشكلٍ عام. التصدّع في بناء الجماعة بات واضحاً، الرهان على إستراتيجية «حكومة الظل» والعمل السرّي التي اتبعوها طوال عملهم السياسي منذ عشرينيات القرن الماضي لم تعد صالحة، فالمجتمعات رفضتها واحتجّت ضدها، وأرادت المجتمع المدني خياراً لها، واتجهت نحو مفهوم الدولة المؤسسي.
اتضحت صورة التصدّع للحركات الشمولية بعد المؤتمر العاشر لحزب النهضة، المؤتمر قد شهد نقاشات حول صلاحيات الغنوشي. بين رأي مناوئ يتمسك بضرورة جعل القرار ديموقراطياً داخل المؤسسات عبر انتخاب القيادة المركزية، الرأي الآخر يدعو إلى مركزة القرار السياسي، بيد رئيس الحركة، وهو ما تمسك به الغنوشي، الذي هدد بالانسحاب إذا لم تكن صلاحياته في التسيير والقيادة مطلقة... حُسم الموقف لصالح الغنوشي، ليكون «الشيخ» أو «المرشد»!
العجيب أن الحزب الديموقراطي، كرّس الزعامة المطلقة للزعيم، بضغطٍ من الزعيم الديموقراطي نفسه!
خلاصة القول، إن تصريحات الغنوشي لن تخرجه هو ولا النهضة خارج الإسلام السياسي الحركي كما يؤمّل البعض، وإنما الخلاف داخل الإخوان كبير، وهذا بعد أن انتهى زمن تحكّمهم المطلق بالمجتمعات الإسلامية بفضلٍ وعيٍ تنامى على كافة الصّعُد.
تركي الدخيل- عكاظ السعودية-