علاقات » عربي

عقدة الإخوان ومطامع أبو ظبي تقود اليمن إلى الكارثة

في 2016/06/01

حذر مراقبون من خطورة القبضة الرخوة للرئيس هادي في مواجهة قبضة إماراتية صلبة في عدن بمخطط ممنهج، معادلة تقود إلى كارثة وشيكة تهمين على مستقبل عدن واليمن معا، عقدة الإخوان المسلمين والهيمنة الاقتصادية المطلقة لدى أبو ظبي وموانئها، جعلت عدن ومحافظات أخرى تعيش على شفا انفجار، بينما تقتصر ردة الفعل الحكومية على المناشدات بوقف سياسة التهجير القسري المتصاعدة، فمن يوقف التغول الإماراتي باليمن وبخاصة بالمدن المحررة بعد وضوح تضارب الأجندات بين أبو ظبي والرياض؟

تدبير الإمارات في عدن

قال الكاتب اليمني ياسين التميمي في مقال بعنوان "تدبير الإمارات الكارثي في عدن" نشر في 29 مايو 2016 ب"عربي 21 " إن هناك تحالف وثيق بين هذا الصنف من الحراك والحوثيين وأجهزة المخلوع صالح، هدفه الأساسي مواجهة "الإخوان المسلمين"، وهو الهدف الذي تقاطع مع مخطط نشط جرى تصميمه في أبو ظبي، وكان يهدف إلى وأد ثورات الربيع العربي باعتبارها "منتجا إخوانيا" أو "حصان طرواده"، الذي ينفذ منه الإخوان إلى الدولة في تلك البلدان.

وحذر "التميمي" من أنه قد بقيت عقدة الإخوان المسلمين تسيطر على تفكير وأداء القوة الثانية في التحالف العربي وهي الإمارات العربية المتحدة، وقد كان ذلك سببا في العثرات العديدة التي عطلت أهداف التحالف وأظهرته قوة مترددة، والأخطر من ذلك متآمرة على اليمن، وليست قوة دعم ومؤازرة لشرعيته.

عمليات غامضة

في تطور نوعي لفت التميمي إلى "فقدان المقاومة أهم رجالها في عمليات قتل غامضة، وفي طعن من الخلف وعمليات جوية خطيرة قُيدت ضد مجهول، فتم قصف معسكرات بكاملها واستهداف الخطوط الأمامية لجبهات المقاومة، وجرى عزل جبهات بكاملها مثل تعز عن أي دعم أو إسناد ميداني، وتم تبني سياسة إقصاء متطرفة ضد رموز المقاومة في المحافظات التي جرى تطهيرها من الحوثيين وقوات المخلوع صالح مثل عدن.ويكفي أن أشير هنا إلى أن قائد المقاومة في عدن وبقية رموز المقاومة لا يستطيعون العودة إلى المدينة.

وبحسب التميمي، "بات الأمر مكشوفا، وأصبح الجميع يعرف كيف حدث ذلك، ولماذا ومن يقف وراءه.. عمدت أبوظبي إلى ممارسة ضغوط قوية على الرئيس هادي وأجبرته على إجراء تعديلات وزارية في الحكومة استهدفت إعادة رسم خارطة النفوذ في الحكومة، حيث تم تسليم المناصب الرئيسية لممثلي أحزاب أقل شأنا وتمثيلاً في البرلمان."

ورصد أنه "وفي منتصف المعركة اختارت الإمارات وبتنسيق كامل مع واشنطن حرف مسار المعركة باتجاه محاربة الإرهاب، وهو هدف ثانوي بالنسبة للأزمة اليمنية المستفحلة."

التدبير الأقسى

وبرأيه "كان التدبير الأقسى الذي تحملت أبو ظبي للأسف الشديد، وزره المباشر، هو قيام عناصر حراكية متطرفة ومرتبطة بإيران، بعملية تفريغ شاملة لمدينة عدن، من سكانها المنحدرين من أصول شمالية، وبالأخص من محافظة تعز المجاورة.كانت هي البضاعة الأسوأ التي صدَّرتها أبو ظبي إلى اليمن، فآخر ما كان يفكر فيه اليمنيون أن يحولوا مدينة مثل عدن إلى ساحة اختبار لواحدة من أسوأ السياسات التمييزية التي تمارسها الإمارات وبعض البلدان الخليجية، بين سكانها والأغلبية من المقيمين، وهي سياسات تتنافى مع حقوق الإنسان.

لماذا عدن؟     

ورصد التميمي "اندفاع متطرفو الحراك، والسذج والمغفلون لممارسة سياسة ترحيل مواطنيهم، وفي الذهن أن إجراء كهذا سيحول عدن إلى أبو ظبي أو دبي أو جدة دفعة واحدة، بمجرد أن يخرج هؤلاء "المقيمون".

وانتهى إلى أنه :"بالتأكيد ساهمت سنوات الأزمة السابقة في تغذية الاحتقانات المناطقة بين اليمنيين وبالأخص بين الجنوبيين والشماليين، لكن عمليات الترحيل القهرية التي تشهدها عدن حاليا، لا يمكن اعتبارها نتاجا تلقائيا لعقود من الأزمات، بل استثمارا وتوظيفا انتهازيا من قبل "الثكنة العسكرية" الإماراتية.

وشدد على أن "أبو ظبي تخطيء إذا اعتقدت أن انخراطها مع واشنطن في معركة مواجهة ما يسمى "الإرهاب" يمكن أن يسمح لها بالحصول على جزء من اليمن لا يقطنه "الإخوان"، أو أنه سيقربها من الحصول على مكافأتها الخاصة التي تحرص عليها وهي عدم السماح بإنشاء منطقة حرة وميناء قد يؤدي إلى تعطيل المصالح التجارية لمناطقها الحرة، ووظيفتها وسيطا مهما في تجارية الترانزيت العالمية."

فقط توجيهات..قبضة رخوة

في مقابل سياسة التهجير القسري المتنامية الرئيس اليمني يوجه تعليمات بوقفها فيما يؤشر على ضعف حكومة هادي على التحكم بمفاصل المدن المحررة خاصة الواقعة تحت قبضة الإمارات، فقد صرح مختار الرحبي، السكرتير الصحفي السابق للرئاسة اليمنية أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس السبت، أصدر توجيهات إلى محافظي عدن ولحج والضالع، بالعمل على تعزيز الوحدة الوطنية بين أبناء اليمن قاطبة، ومنع ترحيل أبناء المحافظات.

وأضاف "الرحبي" في تصريحات صحفية إلى أن "ما يحصل في عدن من تهجير لأبناء المناطق الشمالية هو إجراء غير قانوني ويمهد لمشاكل مناطقية ويهدد النسيج الاجتماعي في اليمن وبعد توجيهات رئيس الجمهورية بمنع الترحيل ورئيس الوزراء أيضا أصدر بيان يجب محاسبة من قام بالترحيل غير القانوني تحت غطاء الإجراءات الأمنية."

دون الرجوع للقيادات العليا

وتابع: "نحن لسنا ضد الإجراءات الأمنية لكن نحن ضد الترحيل وانتقاء أبناء الشمال، وأؤكد أن هذه الإجراءات لا تخدم اليمن وقضيتنا الوطنية إنما تخدم جهات أجنبية لا تريد الخير لليمن. وأكد أن قيادات عسكرية في محافظة عدن وهي القيادات هي المسؤولة عن ما يحدث من تهجير ونطالب بمحاسبتها لأنها اتخذت القرار دون الرجوع للقيادات العليا في الدولة التى أصدرت توجيهات بمنع الترحيل".

هل فقد هادي سيطرته؟

قال الكاتب اليمني "توفيق الجند" في مقال بعنوان "الإمارات وهادي والوحدة اليمنية في عيدها الحزين" في 25 مايو بموقع "السفير العربي" :"يبدو أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يفقد سيطرته على العاصمة المؤقتة عدن، بعد عام ونصف من فقدانه السيطرة على العاصمة صنعاء. مطلع مايو الجاري، قامت سلطات عدن بترحيل المئات من أبناء الشمال اليمني من أراضيها بذريعة تنفيذ حملة ضد من لا يحملون أوراقهم الثبوتية، على الرغم من عدم وجود أي نص قانوني يمنح السلطة حق اتخاذ هذا الإجراء، وفي أجواء شديدة التوتر وخطاب تصعيدي ضد الوحدة.. يتزامن مع الذكرى الـ26 لإعلانها."

هزة جديدة

وأضاف :"واجهت تلك العملية رفضاً شعبياً واسعاً على مستوى الشمال، وانتقادات متفرقة وخجولة في الجنوب. ولامتصاص ردة الفعل الشعبية تلك، ولأن هادي اتهم بالتواطؤ مع مرتكبيها، فقد عَقد في اليوم التالي اجتماعا لمستشاريه وحكومته بالعاصمة السعودية الرياض، وأدان عمليات الترحيل التي نفّذتها سلطات عدن موجها بإيقافها. إلّا أن محافظ عدن الذي عيّنه هادي قبل أشهر رفض وقال إنّ العملية تأتي في إطار خطة أمنية أقرها الرئيس هادي. شكّل ذلك الأمر هزة جديدة وشديدة لشعبية هادي المتهاوية في اليمن."

صراع سعودي إماراتي        

يرى "الجند" أن "ضلوع الإمارات في الأمر بهذه الطريقة وهي إحدى دول التحالف العربي الداعم لهادي أعطى انطباعا بخروج الصراع الصامت بين السعودية والإمارات إلى العلن بما يحمله من مخاطر على مستقبل الوضع اليمني لاختلاف مصالح كل منهما في البلاد. وهنا أيضا تقع المسؤولية على هادي لأنه يمثل الغطاء الشرعي لتدخل التحالف، ويتحمل نتيجة تدخله مهما خرجت عن إرادته ورغباته وأهدافه."

مطامع إماراتية

رصد "الجند" أن الإمارات نشطت في عدن، وهي موضع مطمع تاريخي لها في اليمن، كونها أكثر الموانئ في المنطقة قدرة على التأثير في مستقبل ميناء دبي إن تم استثماره بشكل جيد، حيث كانت عدن الميناء تحتل مركزا متقدما بين موانئ العالم أثناء احتلال بريطانيا لجنوب اليمن بسبب موقعها تحديدا، وكانت موانئ دبي العالمية قد حصلت على عقد لإدارة ميناء عدن العام 2008، في صفقة أثارت ردود أفعال كثيرة حينها، واتهمها البعض بأنها تمت بشكل غير قانوني. وخلال فترة إدارتها للميناء تراجع نشاطه بشكل حاد، وكان هذا التراجع ذريعة للحكومة اليمنية لإلغاء العقد قبل ثلاثة أعوام، وهو تصرف أثار غضب الإمارات المتهمة بالعمل على إفشال ميناء عدن للحفاظ على مستقبل ميناء دبي.

شؤون خليجية-