علاقات » عربي

السعودية والإمارات تقران بالسيادة المصرية على مثلث حلايب وتتجاهلان السودان

في 2016/06/07

على الرغم من طلب الرئيس السوداني «عمر البشير»، في وقت سابق، من العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، التوسط لدى الحكومة المصرية في حل نزاعه الحدودي مع مصر حول مثلث حلايب، مؤكدا أن السعودية، بثقلها وتاريخها ودورها المتميز، مؤهلة للقيام بهذا الدور، إلا أن المملكة تجاهلت الطلب السوداني وفضلت التسليم بالسيادة المصرية على المنطقة المتنازع عليها، بهدف تحقيق مصالحها المتمثله في إنجاز اتفاق ترسيم الحدود المائية مع مصر وبسط سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير.

وأصدر مجلس الوزراء المصري، في التاسع من إبريل/ نيسان الماضي، بيانا توضيحيا حول اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية بعد توقيعها، أكد فيها ضمنا أن المفاوضات التي سبقتها شملت منطقة حلايب المتنازع عليها مع السودان. وهو ما أكده رئيس الوزراء المصري، «شريف إسماعيل»، رسميا، حين قال إن ترسيم الحدود البحرية مع السعودية «يعين الحدود البحرية لمصر حتى خط عرض 22 جنوبا، وليس فقط في خليج العقبة أو منطقة جزيرتي تيران وصنافير»، وهو ما يؤكد شمولها مثلث حلايب المتنازع عليه مع السودان. 

ولم يكد السودان ينهض من صدمته حيال تصرف السعودية ذاك، حتى باغتته الإمارات بإعلان إحدى شركاتها الحكومية التبرع بمحطات للطاقة الشمسية تركبها الحكومة المصرية في حلايب. وهذا يعني الاعتراف الإماراتي بتبعية حلايب لمصر، وتجاهل السودان، على الرغم من أنها الدولة الوحيدة من خارج مجلس التعاون الخليجي التي ترسل قوات برية للقتال ضد الحوثيين في اليمن.

من جانبه انتقد خبير القانون الدولي، الدكتور «فيصل عبد الرحمن علي طه»، في مقال نشره قبل أكثر من عام، موقف الخرطوم المتراخي حيال المسألة، وتقاعسها عن الرد على الخطوات السعودية المصرية.

وقال: «كان يتوقع تحرك دبلوماسي سريع من السودان، كأن تطلب وزارة الخارجية مثلاً توضيحاً من المملكة عن الحدود التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر، وما إذا كانت تشمل إقليم حلايب، والتحفظ على الإعلان المصري ... ومن ثم تضمين الموقف القانوني في مذكرة أو مذكرات، وإيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة، وطلب تعميمها على الدول الأعضاء ونشرها». 

جدير بالذكر أن الخرطوم قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، تضامنا مع السعودية في مواجهة ما «المخططات الإيرانية»، عقب الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة السعودية في طهران في يناير/كانون الثاني الماضي. كما أغلقت الخرطوم مقرات ومراكز لجمعيات ومراكز ثقافية إيرانية على أراضيها وهو ا اعتبره متابعون قرارا سودانيا بالاصطفاف في المحور الخليجي - السعودي بالأساس - في مواجهة المحور الإيراني.

من جانبها أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيانا في منتصف إبريل/ نيسان الماضي، تقول فيه إنها تعكف على المتابعة الدقيقة لتفاصيل الاتفاق الموقع بين مصر والمملكة، والذي أعيدت بموجبه جزيرتا تيران وصنافير لسيادة المملكة، والتأكد من أن الخطوة لا تمس الحقوق التاريخية والسيادية والقانونية للسودان في مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر.

وحث البيان القاهرة للجلوس والتفاوض المباشر بشأن النزاع على المثلث الحدودي، أسوة بما تم مع السعودية في النزاع على الجزيرتين، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي، امتثالا للقوانين والمواثيق الدولية باعتبارها الفيصل في الحالات الشبيهة. 

وبعد يومين من تلك التصريحات، سارعت القاهرة إلى رفض طلب الخرطوم التفاوض المباشر حول حلايب وشلاتين، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، في بيان مقتضب، إن «حلايب وشلاتين أراض مصرية، وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية». 

وترى الكاتبة «مزدلفة محمد عثمان» - مساعد رئيس تحرير موقع «سودان تريبيون» - أن الخرطوم لا تتعامل مع ملف حلايب بالقدر الكافي من الجدية، خشية أن تفتح على نفسها بابا جديدا من الصراع، ربما يجرها إلى جبهة عسكرية جديدة، فهي غير قادرة بكل المقاييس على مواجهة تلك التبعات. لكنها تتباطأ في حق الدفاع عن المثلث المتنازع عليه بالطرق الدبلوماسية، ربما لتعقّد موقفها في ما يخص التعامل مع المملكة العربية السعودية التي باتت حليفاً مهماً.

وبحسب الكاتبة، فإن كل المؤشرات تمضي في اتجاه أن الملف لن يبقى حبيسا بأيدي الدبلوماسيين في البلدين. فقد أعلن وزير الخارجية السوداني السابق، «مصطفي عثمان إسماعيل»، في حوار صحافي نشر في يوم 27 أيار/مايو الماضي، أنه سبق وتقدم بمقترح للرئيس المصري السابق، «حسني مبارك»، بأن تكون منطقة حلايب مكانا للتكامل بين البلدين. لكن مقترحه قوبل برفض الجيش المصري، ما يعني بالكامل أن الملف تحول، بامتياز، إلى الجهات الأمنية في مصر التي لن تساوم عليه تبعا لذلك، بالوسائل الدبلوماسية التي تجنح إليها الخرطوم مضطرة.

ويقع مثلث حلايب في أقصى المنطقة الشمالية الشرقية للسودان على ساحل البحر الأحمر، وتسكن المنطقة قبائل البجا السودانية المعروفة. ويتنازع السودان ومصر السيادة على المثلث الذي فرضت مصر سيطرتها عليه منذ 1995، والذي يضم ثلاث بلدات كبرى: حلايب وأبو رماد وشلاتين. 

ورغم نزاع البلدين على المنطقة، منذ استقلال السودان في 1956، إلا أنها كانت مفتوحة أمام حركة التجارة والأفراد من البلدين، من دون قيود من أي من الطرفين، وذلك حتى 1995، حين دخلها الجيش المصري وأحكم سيطرته عليها. وتفرض السلطات المصرية قيوداً على دخول السودانيين من غير أهل المنطقة إليها، سواء من داخل مصر أو من الحدود السودانية. 

وكالات-