تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة بتجنيد فريق دولي من خبراء الكمبيوتر من أجل تطوير قدرات مراقبة بعيدة المدى تغطي كل من دبي وأبوظبي، وفقا لما كشفه موقع «ميدل إيست آي».
كشف الخبير الأمني الإيطالي «سيموني مارجريتيللي» تفاصيل المشروع بعد سفره مؤخرا إلى دبي لمقابلة عمل بدا أنها متعلقة بمشروع لنظام مراقبة وصفه بأنه «مريب للغاية».
و«سيموني» هو باحث أمني متنقل يعيش في روما ويعمل في فريق البحث والتطوير في شركة «زمبريم» للأمن ومقرها الرئيسي في سان فرانسيسكو. وقد وقع الاختيار عليه من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب عمله على أداة BetterCap»» وهي أداة مفتوحة المصدر للتنصت على الاتصالات عبر الإنترنت.
حلول مراقبة واسعة النطاق
تم الاتصال بالخبير الإيطالي لأول مرة من قبل أحد الموظفين الإيطاليين في شركة تدعى «فيرنت سيستمز» وهي شركة أمنية تقع في نيويورك يعمل لديها حوالي 2800 موظف نصفهم يقيم في (إسرائيل). وقد تم إخباره عبر البريد الإلكتروني أن دولة الإمارات العربية المتحدة «تشرع في بناء وحدة بحث وتطوير تشكل الفرع الأكثر تطورا لنظام الأمن السيبراني الذي يهدف إلى حماية الأمن القومي للبلاد».
وفي 20 يوليو/تموز، سافر الخبير الأمني إلى دبي، حيث عرف المزيد حول أهداف دولة الإمارات العربية المتحدة في "خلق قوة نخبة تهدف إلى بحث وتطوير حلول مراقبة جديدة واسعة النطاق. تم إبلاغ الخبير الإيطالي أن دولة الإمارات تعمل على تطوير نظام المراقبة قادر على اعتراض وتعديل وتحويل، وربما إخفاء حركة المرور على شبكات الإنترنت وشبكات الجيل الثاني والثالث والرابع.
وقد تم إبلاغ الخبير الإيطالي أن العقل المدبر الذي يقف وراء هذا المشروع هو رجل الأعمال الإماراتي «فيصل البناي»، وهو الرئيس التنفيذي لشركة أمنية في الولايات المتحدة تدعى «دارك ماتر».
وتصف الشركة نفسها بأنها شريك موثوق لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. عبر موقعها على شبكة الإنترنت، تؤكد الشركة أنها الشركة الوحيدة في المنطقة، وواحدة من شركات النخبة القليلة عالميا التي تغطي طيف واسع من احتياجات الأمن السيبراني.
وأخبر «مارجريتيللي» موقع «ميدل إيست آي» أنه عرض عليه راتب شهري يقدر بـ15 ألف دولار بخلاف المكافآت وشقة للإقامة، قبل أن يتم زيادة العرض إلى 20 ألف دولار بعد أن أبدى رفضه للعرض المبدئي. مؤكدا أن العرض كان يمكن أن يرتفع إلى ما هو أكثر من ذلك حال أبدى رغبته في الأمر.
وأكد «مارجريتيللي» أن نظام عين الصقر للمراقبة الذي تم الإعلان عنه مؤخرا من قبل السلطات في أبوظبي يعني أن الإمارات العربية المتحدة صارت تملك بنية تحتية للتجسس في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف بالقول: «مع استخدام برنامج مناسب، فإن السلطات الإماراتية سوف تكون قادرة على التجسس على الاتصالات من أي شخص في أبو ظبي أو دبي».
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرا أن دولة الإمارات العربية المتحدة اشترت عددا من منتجات المراقبة من مجموعة من الشركات تشمل شركة هاكينج تيم الإيطالية. ولكن «مارجريتيللي» يؤكد أن العرض الإماراتي يشير إلى أن البلاد تسعى الآن لتطوير منتجات وأنظمة المراقبة الخاصة بها بدلا من الاعتماد على برامج مستوردة.
كما أكد أن الشركات المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة وافقت على التعاون مع خطط مراقبة الحكومة، وأنه يجري وضع مجسات في كل الأماكن بما في ذلك مراكز التسوق والمطارات في أبو ظبي ودبي.
ويضيف: «كل ما يحتاجونه الآن هو برنامج مناسب من أجل تفعيل النظام بأكمله».
رفض «مارجريتيللي» قبول العمل نتيجة مخاوف تتعلق بطبيعته. وقام بمغادرة دولة الإمارات العربية المتحدة في 25 يوليو/ تموز. وقام بالتعليق على موقعه الشخصي بالقول: «حرية التعبير أمر غير قابل للجدل. هو حق أساسي ينبغي أن يتم منحه لأي شخص بغض النظر عن السياق الجيوسياسي أو العقيدة أو الجنس. إنكار هذا الحق هو الفاشية في أسوأ أحوالها».
وقال «مارجريتيللي» إن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى إلى تجنيد المواهب الشابة في مجال أمن تكنولوجيا المعلومات مقابل مبالغ كبيرة من المال والعلاوات والامتيازات الأخرى. بالإضافة إلى تقديم بيئة محفزة مهنيا وفكريا. وأضاف أنه في حال أثيرت أية مخاوف من قبل العاملين على المشروع، فإنه غالبا ما يتم الاحتجاج بدعوي مصلحة الأمن القومي.
الرابط الإسرائيلي
العديد من الأنباء حول تحركات الإمارات الأخيرة في تعزيز قدرات المراقبة الخاصة بها جاءت بعد أن كشف موقع «ميدل إيست آي» في العام الماضي أن الشركة المكلفة بتركيب نظام عين الصقر مملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي «ماتي كوخافي».
وتأتي المشاركة الإسرائيلية في نظام المراقبة الإماراتي كجزء من العلاقات المزدهرة بين البلدين على الرغم من عدم وجود أي علاقات دبلوماسية رسمية بينهما.
وكانت القناة الثانية الإسرائيلية قد أعلنت في يناير/كانون الثاني الماضي إن وزارة الخارجية الإسرائيلية كانت مهتمة بفتح مكتب لها في أبو ظبي. جاء ذلك في أعقاب إعلان (إسرائيل) فتح مكتب عام لها في أبوظبي تحت لواء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في ديسمبر/كانون الثاني الماضي.
وقال متحدث باسم منظمة الخصوصية الدولية لـ«ميدل إيست آي» إن خطط المراقبة التي تطبقها دولة الإمارات العربية المتحدة مخيفة للغاية.
وأضاف «إدين أومانوفيتش» بالقول: «هذه البنية التحتية مصممة لمراقبة جميع الأشخاص والأجهزة في البلاد بغض النظر عن وجود أي اشتباه».
ويضيف بالقول: «السجل الضعيف لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حقوق الإنسان يشير المخاوف بشأن خطط المراقبة بعيدة المدى في البلاد». وقد اتهمت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل منظم بسجن وتعذيب المعارضين السلميين في البلاد، رغم أن السلطات الإماراتية تدأب على نفي هذه المزاعم بشدة».
هذا ولم تستجب أي من الشركات المشار إليها في هذا المقال أو حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى طلبات التعليق.
ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير فتحي التريكي - الخليج الجديد-