علاقات » عربي

خليجيون ضد التطبيع

في 2016/08/10

من قال: "إن العرب الخليجيين لا يهتمون بالقضايا العربية، وهم قد غرقوا بنعمة المال الذي تدره براميل النفط"؟!، على الذي يقول هذا أن يتابع حملة الخليجيين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، استفز أنور عشقي جمهور شعبنا العربي الأبي في الخليج عندما زار الكيان الصهيوني مع رهط من رجال الأعمال السعوديين، واسترسل في تصريحات محببة إلى الكيان الصهيوني وبغيضة للوطنيين الفلسطينيين والعرب.

انتصر عرب الجزيرة العربية من نجد والحجاز وعسير وباقي المناطق لإخوتهم الفلسطينيين، وتصدوا لمحاولات دمج الكيان الصهيوني في الأمة العربية على حساب الحق والدم الفلسطينيين. وإن شعب البحرين العظيم والأبي والمقدام ارتعد عندما سمع من الأبواق الرسمية بنية رفع المقاطعة عن الكيان الصهيوني، وأخذ ينشط عبر مختلف المجالات للتصدي للنوايا الرسمية والإبقاء على المقاطعة وتشديدها، وقف شعب البحرين دومًا مع إخوتهم الفلسطينيين، وكان لديهم الاستعداد _وما زال_ لتقديم التضحيات من أجل فلسطين والمقدسات الإسلامية في القدس، وطالما مد العرب البحرينيون أيديهم للفلسطينيين مقدمين مختلف أنواع المساعدات.

في الجزيرة العربية انتظم العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي للثأر لكرامتهم التي نال منها أنور عشقي بزيارته إلى الكيان الصهيوني، وفي ظل السياسة شبه الرسمية للنظام السعودي عبر ملتزمون وطنيًّا وقوميًّا ودينيًّا بوضوح عن آرائهم، وعلقوا بإباء وشمم ضد التطبيع، لا يوجد سياسة سعودية رسمية معلنة حتى الآن تقضي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن اللقاءات الرسمية التي تعقد أحيانًا بين مسؤولين سعوديين وصهاينة (خاصة في الولايات المتحدة)، واللقاءات غير الرسمية التي يغض النظام الحاكم الطرف عنها تعطي انطباعًا قويًّا بأن نظام الحكم السعودي يتجه نحو تبني سياسة رسمية تعتمد التطبيع.

ربما يقول بعض كتاب كتيبة الموالاة: "إن النظام ديمقراطي، ولا يجبر أحدًا على تبني الموقف الرسمي"، لا شك؛ فهذا ديدن كتاب الموالاة الذين يمتهنون التبرير دائمًا لأنظمة الحكم، هم مع نظام الحكم أصاب أو أخطأ، وهم يعلمون أن الجزاء دائمًا جيد ويصب في مصالحهم الشخصية، كتاب الموالاة هم جيش "الهتيفة" الذي نعرفه نحن في فلسطين، هذا جيش لديه الاستعداد دائمًا إلى التصفيق للحاكم حتى لو باع الوطن العربي، وليس فلسطين فقط.

وصل عدد موقعي عريضة مقاومة التطبيع في الجزيرة العربية حتى آخر اطلاع لي إلى نحو 1500، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ما دام نص العريضة منشورًا ومفتوحًا للتوقيع.

رسالة شعبنا العربي الملتزم في الجزيرة العربية واضحة لكل الأمة، ومفادها أن تفريطهم بنعمة المال أيسر عليهم من التفريط بقضايا الأمة، وهي رسالة تقول للناس جميعًا: إن عروبتهم أقوى بكثير من أقوال كل المشككين في انتمائهم الوطني والتزامهم الديني.

في هذا الوقت الذي يقف فيه أهلنا في الجزيرة العربية وفي البحرين تحاكم السلطة الفلسطينية الدكتور عادل سمارة من رام الله، بسبب شكوى تقدمت بها سيدة فلسطينية ضده على خلفية مقال وقعته يدعو إلى التطبيع مع الصهاينة، شعبنا في البحرين يدافع عنا ونحن نقتتل بالداخل الفلسطيني بين مناهض للصهاينة ومؤيد لهم، وفي الوقت نفسه تدعي بعض وسائل الإعلام الصهيونية أن زيارة المطبع أنور عشقي سهلتها السلطة الفلسطينية، أنا لا أعلم كيف حدث ذلك، لكنني أتكهن أن السلطة طلبت من الصهاينة توفير التسهيلات المناسبة للوفد الاقتصادي القادم.

تطبيع بعض الفلسطينيين مع الصهاينة يسيء للقضية الفلسطينية، ويضع كل الفلسطينيين في موقف حرج أمام كل العرب والمسلمين، وأمام كل المتضامنين مع القضية الفلسطينية في العالم، من المتوقع أن يكون الفلسطينيون رأس الحربة في مواجهة الصهاينة في كل نشاط وكل محفل وكل مناسبة وكل مؤتمر، لا قدوة سيئة تشجع بعض العرب على السقوط وخيانة القضايا العربية، ولهذا نعتذر إلى كل إخوتنا العرب الذين يرفعون لواء التحرير والمقاطعة قائلين لهم: مثلما لديكم متساقطون على أطراف الطريق لدينا متساقطون، والمستقبل في النهاية للقابضين على الجمر لا المنبطحين أمام مغريات الحياة الدنيا.

د. عبد الستار قاسم- فلسطين أونلاين-