عبّر الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، حبيب الصايغ، عن أسفه الشديد تجاه الآراء التي صرّح بها، أخيراً، الروائي والباحث يوسف زيدان حول حضارة شبه الجزيرة العربية، فضلاً عن النعوت التي تكاد تكون عنصرية التي أطلقها على شعوب عربية بأكملها، ووصف هذه الآراء بأنها مرتجلة وغير مسؤولة.
وقال الصايغ في بيان وصلت «الإمارات اليوم» نسخة منه: «لسنا في وارد الدفاع عن الحقيقة، لأنها ناصعة إلى الدرجة التي يصبح معها أي إنكار أو تشويه نوعاً من العمى أو الجهل أو سوء النية المبيّت، والذي لا يجدي معه أي حوار، لكننا بحاجة إلى أن نتوقف عند ظاهرة مرضية أخذت تستشري على نحو ما في الوسط الثقافي العربي، وتحدث نوعاً من البلبلة الخطرة في ظرف نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحكمة والتبصر»، واصفاً الظاهرة بالـ«تهريج يراد به لفت النظر بأي طريقة من الطرق، ولو جاء ذلك على حساب الحق والحقيقة، ولو كان ثمنه التضحية بروح الأخوة التي تربط بين شعوب أمتنا العربية، وهي آخر ما تبقى لنا في زمن التشرذم والضعف وانهيار القـيم». وكان يوسف زيدان قد وصف عرب شبه الجزيرة العربية بأنهم «سرّاق إبل»، وأن المنطقة لم تكن فيها حضارة في يوم من الأيام، وأن المراكز الحضارية تقتصر على القاهرة وفاس وبغداد ودمشق. جاء ذلك في حديث له في إحدى فعاليات مهرجان «ثويزا» بمدينة طنجة المغربية، وأثارت هذه التصريحات استهجان الكثير من المثقفين والكتّاب والأدباء والفعاليات العربية، نظراً لما تضمنته من مغالطات تاريخية، ولما توحي به من تعصب وضيق أفق.
وأضاف حبيب الصايغ في البيان: «ما نحتاج إليه هو التحلي بحس المسؤولية في البحث والتحليل وقراءة التاريخ، وعدم الانجرار وراء المغالطات التي تم الترويج لها من قبل أنظمة وتيارات وقوى تخوض شعوبنا الآن أشرس معاركها ضدها، لاسيما ما يتصل منها بنظرية الهوامش والمراكز التي تجاوزها الزمن، وكانت تعبيراً بغيضاً عن نزعات استعمارية عنصرية لم تجلب سوى الويلات والكوارث». ودعا الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب إلى ضرورة التصدي لأي قضية تتعلق بالتاريخ في إطار علمي منهجي محكم، وضمن قواعد رصينة من التحليل، لا عبر تصريحات أو آراء مرتجلة بغرض إثارة الإعجاب أو لفت النظر. وقال: «نعتقد أنه قد حان الوقت كي يتجاوز بعض المثقفين العرب مرحلة الارتجال إلى مرحلة البحث، وأن يدركوا أن مسؤولياتهم تتخطى طموحاتهم الشخصية الضيقة لتصبح مسؤولية سياسية واجتماعية وأخلاقية، لاسيما في هذه المرحلة التي نبحث فيها عما يجمع لا عمّا يفرق، دون أن نضحي بالحقيقة، والحقيقة في موضوعنا ثابتة وفوق كل الشبهات».
وشدد الصايغ على أن «احترام الآخر والحرص على عدم التعدي عليه، وتجنّب كل ما من شأنه أن يؤذيه في تاريخه وهويته، مبدأ لا يجوز في حال من الأحوال التساهل فيه، فكيف إذا كان الطعن في الذات التي ينتمي إليها الشخص، فتاريخ شبه الجزيرة العربية لا ينفصل عن تاريخ أي مدينة أو عاصمة عربية أخرى، ونحن عندما نتحدث عن حضارة عربية لا نتحدث عن حضارات في الخليج أو العراق أو الشام أو مصر أو المغرب، بل عن وجود متكامل متصل، يغذي بعضه بعضاً، ويدعمه، ويمنحه شخصيته وهويته».