علاقات » عربي

لماذا ألغت السعودية الدراسات العليا لطلابها في مصر؟

في 2016/08/29

في خطوة يراها البعض دليلاً على اهتراء النظام التعليمي وانتشار التزوير في القاهرة، قررت وزارة التعليم العالي السعودية إلغاء نيل درجتي الماجستير والدكتوراه للطلاب السعوديين من مصر، في حين سمحت لهم بالدراسة هناك لمرحلة البكالوريوس فقط.

وعزا مسؤولون سعوديون هذا القرار إلى تكرار ورود شهادات ماجستير ودكتوراه مزورة للسفارة السعودية بمصر، في حين أشارت السفارة إلى أن الطلاب الحاليين بمرحلتي الماجستير والدكتوراه لن يطبق عليهم هذا القرار.

المحلل السياسي الدكتور محمد جمال عرفة، يعزو القرار السعودي إلى سببين؛ أحدهما داخلي وهو يتعلق بتقليص النفقات الخارجية في ظل أزمة تهاوي أسعار النفط ورؤية 2030، إضافة إلى تفضيل الجامعات الأمريكية على ما سواها، وثانيهما يتعلق بمشاكل التزوير المنتشر في مصر.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أشار عرفة أيضاً إلى "فتور العلاقات بين البلدين، وتجدد هجوم الإعلام المصري الموالي للسلطات على السعودية بسبب توقف المنح الخليجية".

واستدل المحلل المصري على حديثه بـ"الحملة" التي تشنها صحيفة "اليوم السابع" المصرية، ورئيس تحريرها خالد صلاح، على المملكة ودول الخليج، والتي تؤكد عدم وصول أي "منح" خليجية إلى مصر منذ العام 2014، مشيراً إلى أن كتاباً وشخصيات سعودية طالبت حكوماتها بالرد على هذه الأحاديث.

وأمس الجمعة قال الكاتب الصحفي خالد صلاح: "هي حرب اقتصادية شاملة ضد مصر والسيسي، لا تحويلات، لا معونات، لا مساعدات، لا استثمارات".

وأضاف صلاح عبر حسابه على موقع تويتر، أن مصر لم تتلق أي معونة منذ عام 2014، وأنها تلقت فقط ودائع وقروض، قائلاً: "مصر تدفع حتى أسعار شحنات النفط التي تصلها من الخليج.. هذه معلومات وعلى مسؤوليتي".

- انتشار التزوير

لكن هذا القرار وإن رأى فيه البعض بعداً سياسياً، فإنه يفتح الباب واسعاً أمام الحديث عن آفة التزوير في مصر التي ما تركت شيئاً إلا وأتت عليه، بداية من شهادات ميلاد الأطفال وبطاقة الهوية حتى الشهادة الجامعية.

وقد انتشرت خلال السنوات الأخيرة ما تعرف بـ"مافيا" تزوير الأوراق الرسمية، والتي يمكنها استخراج أي مستند رسمي بأختام تبدو حقيقية إلى حد كبير.

هذه المافيا تنتشر في مجمع الخدمات بميدان التحرير على نحو واسع، وكذلك في مجمع الأحوال المدنية بمنطقة العباسية، وفي محيط مكاتب توثيقات وزارة الخارجية المصرية بشارعي أحمد سعيد (منطقة الوايلي) وأحمد عرابي (منطقة المهندسين).

وهناك تسعيرة معروفة لهذه المستندات المزورة؛ فالبطاقة الشخصية أو رخصة القيادة تتراوح أسعارها ما بين 1000 و1500 جنيه (75 إلى 100 دولار)، أما الشهادة الجامعية فتتراوح تكلفتها ما بين 2000 و4000 جنيه، غير أن هذه الأسعار تزداد إذا كان صاحب الشهادة خليجياً.

ومن بين الأوراق التي يتم تزويرها الشهادات الجامعية وشهادات الماجستير والدكتوراه، وتتراوح أسعار هاتين الأخيرتين بين 1000 و2000 دولار، وكلها شهادات عليها توثيقات مزورة، لكنها غالباً ما تكتشف داخل مكاتب التوثيق الخاصة بالسفارات.

ومن بين الأمور التي دفعت المملكة إلى اتخاذ قرار كهذا على ما يبدو، اعتماد كثير من الطلاب على مكاتب خاصة لإعداد رسائل الماجستير والدكتواره، إذ لا يبذل هؤلاء أي جهد في إعداد رسائلهم سوى الدفع لأحد القائمين على إعداد هذه الرسائل مقابل إعداد الرسالة من الألف للياء، ليقوم الدارس بحفظها قبل مناقشتها.

أحد الباحثين القانونيين العاملين في هذا الحقل، قال لـ"الخليج أونلاين"، إنه يعكف شهوراً على إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه لطلاب خليجيين لا يعرف أسماءهم.

وأضاف الباحث، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أنه يسلم هذه الأبحاث إلى أحد المكاتب التي تتعامل مع هؤلاء الطلاب مقابل حصوله على 1500 جنيه مقابل رسالة الماجستير و3000 مقابل الدكتواره.

وأشار إلى أن الطالب يدفع نحو 5000 دولار مقابل تجهيز رسالة الماجستير، في حين تتكلف رسالة الدكتوراه نحو 10 آلاف دولار.

ويقدر عدد الطلاب السعوديين في مصر بالبعثة الرسمية بالمئات، أما الطلاب السعوديون المتكفلون بالتعليم على نفقتهم الخاصة فيقدر بالآلاف، بحسب سفارة المملكة بالقاهرة.

ومؤخراً بدأت المملكة تطبيق نظام التحري عن صحة شهادات المصريين الراغبين في العمل لديها؛ فلا يتم منح تأشيرة الدخول لهم قبل التأكد من صحة شهاداتهم الجامعية.

وكالات-